يبدو أن سيناريو الانتخابات الرئاسية الماضية فى إيران، والذى شهد سباقا محموما بين احمدى نجاد وهاشمى رافسنجانى قد تكرر فى انتخابات 2009، فرغم ظهور الرئيس الأسبق هاشمى رافسنجانى فى ثوب الإصلاحى ودعايته الانتخابية التى بدت للكثير من المراقبين فى العالم هى الاقوى، فإن النتائج جاءت مخيبة للآمال بفوز نجاد، والسيناريو يكرر نفسه مع المرشح الاصلاحى حسين موسوى الذى أظهرت النتائج خسارته بفارق كبير عن احمدى نجاد. أول هذه الاسباب تمثل فى أن شبح رافسنجانى ظل مخيما على الانتخابات الحالية وبدا واضحا فى سلسلة المناظرات التى جرت بين المرشحين الاربعة الذين خاضوا سباق الرئاسة الايرانية. فأحمدى نجاد الرئيس الحالى كان حريصا اثناء المناظرات على الحديث عن ثروة رافسنجانى واسرته وعلاقة نجل رافسنجانى بصفقات تجارية ضخمة.. وهو نفس السبب الذى أثر على فرص نجاح هاشمى فى الانتخابات السابقة وحوله الى شخص مكروه من الإيرانيين، وهو الامر الذى فسره المراقبون بأن تكرار نجاد لنفس الاتهامات لرافسنجانى اثناء المناظرات، إعادة لنفس الخدعة السابقة بأن فوز حسين موسوى قد يعيد انصار رافسنجانى للسلطة. الأمر الثانى فى مسألة المناظرات التى لم تقدم شيئا ذا قيمة للمرشحين، هو ما اكده المحللون من ان المناظرات لم تمكن أياً من المرشحين من الوصول الى جمهور جديد او ان يغيروا من قرارات الناس، فالمناظرات لا تؤثر إلا فى سكان المدن الكبرى فقط ولا يستوعب مضمونها سكان القرى والمدن النائية، فالمعروف ان المصوتين فى المدن يصل عددهم الى حوالى 12 مليون شخص فى حين يتجاوز المصوتين من سكان القرى ال 15 مليون صوت، فالثابت ان 90 دقيقة زمن المناظرة لن تغير فى رأى الناخب. رغم أن زيادة المشاركة كانت هدفا رئيسيا لموسوى لتقليل امكانية التزوير فإن تحقيقها جاء عكس ما تمنى، مما دفعه الى التصريح اثناء العملية الانتخابية بأنه متفائل بهذا الإقبال الشديد الذى يمكن الاستفادة منه فى الوصول الى ايام افضل واحسن، حيث شارك ما يقرب من 80% من الناخبين فى التصويت من الناخبين البالغ عددهم 46 مليون ناخب. المشاركة الكبيرة للناخبين، اعتبرها ايضا على اكبر جوانفكر، مستشار نجاد للشؤون الصحفية ، «أنها ثقة من الايرانيين فى نظام الجمهورية الاسلامية ومرشدها الاعلى على خامنئى»، وهو ما وصفته صحيفة كيهان الايرانية بأن «الشعب رضخ للمرشد الاعلى وقال كلمته»، الأمر الذى يشير الى الدور الكبير الذى لعبه رجال الدين.ومن الأسباب التى اعتبرها المراقبون سببا فى فوز نجاد أن الحملة الانتخابية لموسوى التى اتخذت اللون الاخضر شعارا لها ووعوده بتخفيف التلوث البيئى. وهذا الرمز الانتخابى والحديث عن التنمية ونقاء البيئة، أمر نخبوى بالجملة ولا يشغل اهتمامات الناخب البسيط الذى يمثل الكتلة التصويتية الأكبر، ويعانى من ارتفاع معدلات البطالة ولا يصل اليه مثل هذا الحديث النخبوى. التجربة الانتخابية السابقة والحالية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الحسابات الانتخابية على الأرض تختلف عن المخططات التى يضعها مسؤولو الحملات الانتخابية للمرشحين، معتمدين على نظريات وحسابات قد تكون بعيدة عن أحلام الناخب البسيط.