نال النجم الأرجنتيني لقب أفضل لاعب في العالم لعام 2012 للمرة الرابعة، فيما يعد إعجازًا كرويًا جديد يضاف إلى سحر هذا اللاعب الفذ، لكن لم، ولن ينته الأمر عند هذا الحد، فعقب استفتاء كبير وعالمي انتظر نتيجته الملايين من عشاق لعبة كرة القدم في أرجاء المعمورة، ثارت المشاعر المختلفة هنا وهناك، بين فرح وسعادة من عشاق «البرغوث» الأرجنتيني، وبين حسرة وتعجب من سيطرة هذا المارد الصغير على كل الأرقام القياسية والجوائز الكبرى الخاصة بتلك اللعبة. وبينما سأل البعض عن ارتباط تلك الجائزة بإنجازات اللاعبين الجماعية أو الفردية في مختلف البطولات الكبرى حول العالم، كان العامل الحاسم في التصويت لاختيار أفضل لاعب في العالم هو آراء الكثير من مدربي منتخبات العالم كله وحاملي شارة الكابتن فيها، بالإضافة إلى بعض العاملين في مجال الإعلام، ولهذا لم تكن هناك مرجعية أو ثوابت محددة لهذا الاختيار، فهناك من تحمل رؤيته طابعا فنيا، وهناك من يتأثر بمهارة هذا أو ذاك، وهناك من يغلب إعجابه على رأيه. لهذا، أبحرنا قليلا في كم كبير من المعلومات والأرقام الخاصة باختيارات القارات والمنتخبات لأفضل لاعب في العالم، وكانت النتيجة مثيرة للاهتمام. إجمالا، كان «ميسي» هو الاختيار الأول ل303 من الأسماء التي قامت بالتصويت الصحيح في هذا الاستفتاء الضخم، بينما كان «كريستيانو» هو الاختيار الأول ل86 شخصا، بينما جاء ميسي في الاختيار الثاني ل111 مصوتا، في حين حل رونالدو في الاختيار الثاني ل184 مدربا وقائدا وإعلاميا. وكان ميسى هو الاختيار الثالث في قائمة 43 شخصا مقابل 93 صوتا لصالح رونالدو في المركز الثالث، ومن المعروف أن اللاعب في الاختيار الأول يحصد 5 نقاط، ثم 3 نقاط عن المركز الثاني، ونقطة واحدة عن المركز الثالث في اختيارات من له حق التصويت على مستوى العالم. البداية كانت في أمريكا الجنوبية، حيث اختير رونالدو مرة واحدة فقط في المركز الأول، كان بواسطة المدير الفني المقال من تدريب المنتخب البرازيلي «ماينيزيس»، مقابل 16 مرة لصالح ميسى «67%»، وكان النجم الأرجنتيني هو الخيار الأول لأصحاب الأصوات في القارة الأفريقية 75 مرة «ما يقرب من 60% من أصواتها»، مقابل 28 صوتا لرونالدو في المركز الأول «21%»، أما في القارة العجوز «أوروبا»، فقد اختير ميسي في المركز الأول 80 مرة «53% من الأصوات» مقابل 27 صوتا لصالح رونالدو في المركز الأول «18%»، وفي القارة الآسيوية جاء ميسي في المركز الأول 69 مرة «63% من الأصوات» مقابل 15 مرة لصالح رونالدو «13%». مع التعمق داخل اختيارات الدول في مختلف الاتحادات القارية، سنكتشف أنه كان من الطبيعي أن تختار الأرجنتين بكل ممثليها في التصويت لاعبها الأول والأمهر ليونيل ميسي في المركز الأول، إلا أن ميسي نفسه مثلما صرح من قبل بصفته قائدا للمنتخب الأرجنتيني قام باختيار زميله فى برشلونه أندريس إنيستا في المركز الأول ثم زميله الإسباني الآخر تشافي هيرنانديز، ثم الأرجنتيني سيرجيو أجويرو، لاعب مانشستر سيتي، متجاهلا تماما اختيار كريستيانو رونالدو، وهو ما فعله مديره الفني من منتخب الأرجنتين أليخاندرو سابيلا، بينما اختار المذيع الأرجنتيني الشهير أنريكى ساكو «رونالدو» في المركز الثاني ضمن اختياراته. ورغم الصراع الكروي التاريخي الكبير، بين البرازيل والأرجنتين، إلا أن هذا لم يؤثر على اختياراتها الثلاث، حيث جاء ميسي في المركز الأول عدا اختيار المدير الفني للسليساو كما ذكرنا، ورأي كل من قائد المنتخب الكولومبي ونظيره الفنزويلي أن ميسي هو الاختيار الثالث في قائمة أفضل اللاعبين، بينما اختفى اسم كريستيانو رونالدو كثيرا في اختيارات دول القارة اللاتينية كما هو متوقع، لصالح «فالكاو» نجم أتليتكو مدريد. في القارة الأوروبية، لم تكن هناك تلك الملامح المتعصبة في الاختيارات ضد الساحر اللاتيني ميسي، والغريب أن الاختيارات الإسبانية بدت أكثر تعصبا من نظيرتها البرتغالية!.. حيث كانت الأسماء الإسبانية هي الاختيار الأول لأبناء وطنهم ولم يظهر اسم «ميسي» سوى مرة واحدة في المركز الثاني باختيار إعلامي، أما إيكر كاسياس، قائد الماتادور، وريال مدريد فقد اختار زميله «راموس» في المركز الأول ثم رونالدو ثانيا وأخيرا تشافي ثالثا «ربما بحكم الصداقة القوية بينهما»، وهي اختيارات تحمل الكثير من علامات التعجب، وربما تشير إلى عدم قدرة الحارس المخضرم على نسيان أهداف ميسي وإنييستا الغزيرة في مرماه، أما ديل بوسكي، أفضل مدربي العالم، فقد اختار على الترتيب «كاسياس، تشافي ثم إنييستا». في البرتغال، حل ميسي ثانيا صحفيا، ثم ثالثا مع المدير الفني للبرتغال باولو بينتو، بينما رأى الكابتن برونو ألفيس أن ميسي ليس من أفضل ثلاثة لاعبين في العالم، وبالطبع كان كريستيانو رونالدو الأول في الاختيارات البرتغالية.. وجاء ميسي في المركز الأول مرتين مع الاختيارات الانجليزية الفنية «ستيفن جيرارد و روي هودجسون»، بينما كان رونالدو هو الاختيار الأول للصحفي الإنجليزي هنري وينتر. أما كابتن المنتخب الفرنسي «هوجو لووريس»، حارس المرمى، فقد اختار «كاسياس وفالكاو ودروجبا»، بينما اختار المدير الفني للمنتخب الألماني «يواخيم لوف» كل من «أوزيل، نوير، تشافي». ووقع اختيار كل من «بوفون قائد المنتخب الإيطالي وحارس مرماه الشهير، ومدرب المنتخب برانديللي» على «أندريا بيرلو» كأفضل لاعب في ظل اختيار ميسي أيضا، والملاحظ أن قائد المنتخب الهولندي «ويسلي شنايدر» هو الوحيد الذي اختار زميله «روبن فان بيرسي» في المركز الأول، بينما لم يظهر اسم نجم مانشستر يونايتد في أي اختيار هولندي آخر خاصة من «لويس فانجال»، المدير الفني للمنتخب البرتقالي. وتكررت نفس الملاحظة، مع فارق بسيط، هو أن المدير الفني لمنتخب السويد «إريك هامرين» فقط هو اختار لاعبه الفذ زلاتان إبراهيموفيتش في المركز الأول مع استبعاد ميسي تماما وجاء رونالدو ثالثا. في أفريقيا وآسيا، بعيدا عن الدول العربية، صوت قائد الأسود الكاميرونية صامويل إيتو لصالح زميله السابق ميسي ثم يايا توريه وتشافي هيرنانديز، وفي غانا، منح أسامواه جيان صوته ل« ميسي، توريه وواين روني». أما اختيارات مالي فجاءت لصالح «دروجبا وإبراهيموفيتش ثم ميسي على استحياء»، وفي نيجيريا، لفت ستيفن كيشي المدير الفني للنسور الأنظار باختياراته توريه، دروجبا ثم فان بيرسي، وهو ما اقترب منه المدير الفني لمنتخب السنغال.. أما اختيارات ثلاثي زيمبابوي «منافسنا في تصفيات المونديال» قد ظهر بها أسماء «جيرارد بيكيه، فان بيرسي وكاسياس». أما في آسيا، فكان الاختيار الأول في الصين لصالح تشافي وإنييستا وظهر اسم «تشابي ألونزو» أيضا ضمن الاختيارات مع ظهور بسيط لميسي ورونالدو، وفي الهند جاء إنييستا مرتين في المركز الأول والإيطالي بيرلو مرة واحدة، بينما كان ميسي ورونالد وفي المركزين الثاني والثالث على الترتيب في كل الاختيارات. أما في اليابان فتبادل الثنائي المراكز في وجود إنييستا وبيرلو أيضا، وأخيرا اتفقت الكوريتان على اختيار ميسي خمس مرات في المركز الأول ومرة واحدة لصالح تشافي، بينما ظهر رونالدو على استحياء فيها. ونأتي إلى الاختيارات العربية، التي صبت بشكل كبير جدا في صالح ميسي، حيث اختاره ممثلو الدول العربية 43 مرة بينها 33 مرة في المركز الأول وتسع مرات في المركز الثاني ومرة واحدة فقط في المركز الثالث «وهو كان اختيار كابتن المنتخب اليمني سليم عواد الذي اختار بيرلو أولا ثم أجويرو ثانيا».. فى حين اختار العرب رونالدو 30 مرة بينها 7 مرات فقط في المركز الأول، 15 مرة في المركز الثاني و 8 مرات في المركز الثالث. أبرز من اختار ميسي في المركز الأول كان عصام الحضري، كابتن منتخب مصر، والمديرون الفنيون لمنتخبات الجزائروتونس والمغرب والإمارات والسعودية.. بينما كان أبرز من اختار رونالدو في المركز الأول كان المدير الفني لمنتخب مصر، الأمريكي بوب برادلي، والإعلامية إيناس مظهر، وباقي الأصوات من إعلاميين أيضا.. في حين اختار قائد المنتخب الجزائري مجيد بوقرة، نجم ريال مدريد «كريم بنزيمه» ذو الأصول الجزائرية في المركز الأول ثم ميسي يليه رونالدو. اختفى اسم رونالدو من اختيارات 13 مصوت عربي، منهم مدربون أجانب، مثل قائد المنتخب السعودي «أسامه هوساوي»، وقائد المنتخب السوري «مصعب بلحوس» وإسماعيل مطر قائد منتخب الإمارات، والمدير الفني لمنتخب تونس «سامي الطرابلسي» وأيضا المديرين الفنيين لمنتخبات السعودية والكويت وسوريا.. بينما اختفى اسم ميسي مرة واحدة فقط من الاختيارات العربية وكان عن طريق عبدالعزيز جوده الإعلامي الصومالي. في النهاية، ربما حفل التصويت والاختيار بصخب كبير وجدل أكبر، لكن ظلت عملية التصويت نفسها وكواليسها وإحصائياتها عبر كل القارات والبلدان في العالم تحمل إثارة أكبر وتفاصيل أكثر وخبايا قد تتكشف في يوم ما.. ويستمر الصراع بين ميسي ورونالدو حتى إشعار آخر.
