ثلاثة مشاهد فى يوم واحد.. الأول صباحاً بالمركز الطبى الذى أعمل به فى منطقة صحراوية حدودية جنوب ليبيا، حيث أتى شاب مصرى رقيق الحال ضعيف البنية، وفاقد لإحدى عينيه تماماً، يحمل بعض أدوات المطبخ المنزلية البسيطة يروج لبيعها للممرضات الليبيات!! ينفطر قلبى عليه لحالته الصحية وعناء سفره آلاف الكيلومترات من قرية أبوالنمرس بالجيزة إلى هنا، ولكن لا أخفى إعجابى بقصة كفاحه من أجل لقمة عيش شريفة ولو بدراهم قليلة.. فى المساء يقدم الأستاذ عمرو الليثى المشهد الثانى فى برنامج «واحد من الناس» لصبية وفتيات فى عمر الزهور يسكنون مع ذويهم فى مقابر القاهرة، ويعانون الفزع من مشاهد الموت اليومية ويشعرون بالأسى واهدار آدميتهم، وكل حلمهم الحصول على مسكن آمن وبسيط، ومن قبل- فى البرنامج نفسه- رأينا حالات فقر ومرض وبؤس يعتصر لها القلب حزناً وخجلاً لوجود هذه الحالات بكثرة بيننا فى بلدنا مصر.. ثم يأتى المشهد الثالث والأخير ليلاً حين تنقل وسائل الإعلام المرئية عن الصحافة أخبار رجل الأعمال الذى انفق عشرات الملايين من الجنيهات على صديقته السعودية خلال أربعة شهور، هدايا الماظ وفيلات بمارينا وقصور، وحين تزهده وتمل علاقته وتطرده من منزلها وحياتها تتفجر القصة!! وهنا يتداعى إلى ذهنى المشهدان الأولان.. وأتساءل عن أمثال ذلك الثرى وهم كثيرون كيف تطاوعهم ضمائرهم وتسمح كرامتهم ورجولتهم بارتكاب هذه الأفعال المشينة، غير مقدرين لمسؤوليتهم الاجتماعية التى لا ننكرها على آخرين عرفناهم من رجال أعمال شرفاء ومخلصين لبلدهم ودينهم.. أين حساب الدولة لهؤلاء العابثين الفاسدين؟ أين سيادة القانون وسيف العدالة لعقاب كل فاسد خصص لهم الأراضى والمنتجعات وأموال البنوك دون وجه حق.. فأهدر ثروات البلد وحرم ملاكها الحقيقيين الشرفاء الكادحين أبطال المشهدين الأولين من رسالتى؟!.. وهل سنرى سيف العدالة يعاقب من خصص لهم تلك الأراضى برخص التراب؟.. سنرى!!
