هدأت عاصفة الإعلام المكتوب والمرئى تجاه حظر بناء المآذن فى سويسرا، وبات واضحاً أن المرحلة المقبلة ستشهد جدلا قانونيا واسع المدى، حيث لم تكن المسألة حتى الأيام القليلة الماضية، وتحديداً قبل الاقتراع الذى جرى بحظر بناء المآذن، سوى نزاع يحكم فيه القانون المحلى فى بلدة صغيرة فى سويسرا ولكن التصويت «بنعم» على مبادرة حظر بناء المآذن فى سويسرا عامة سيحَوَّل خطة بناء مئذنةٍ فى بلدية «لانجتال» فى العاصمة السويسرية برن إلى نزاعٍ دولى وقد تَجبُرالمحكمة الأوروبية بموجبِه سويسرا على رفع هذا الحظر الذى يتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (EMRK)، كما يُناقض أحكام اتفاقية حَظر التمييز ضد حرية الدين المكفولة فى هذه الاتفاقية. سفير سويسرا فى القاهرة دومنيك فورجلر الذى التقيته قبل أيام قليلة فى حوار نشرته المصرى اليوم قال «إن هناك احتمالاً باللجوء إلى القانون الدولى، وأستطيع القول إننا سوف نلجأ إلى القانون الدولى فى هذا الموضوع بنسبة 100٪ وهناك طلب لبناء مئذنة جديدة وسوف تطرح أمام القضاء السويسرى أولاً وإذا لم يقرر بناءها فسوف يتم اللجوء إلى القانون الدولى». إذن الحكومة السويسرية غير موافقة على ما حدث لأن القرارات فى دولة محترمة مثل سويسرا لا تأتى من «فوق» ولكنها تأتى من القاعدة من الشعب لأن الديمقراطية عندهم مباشرة من الشعب إلى الشعب ولا يتعاملون مع الشعب على أنه «خدام» الحكومة أو النظام ولكن النظام والحكومة فى خدمة الشعب. ولذلك أتوقع ألا يصمد قرار حظر بناء المآذن طويلا لأنه باستطاعة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فى ستراسبورج إصدار توبيخٍ شديدٍ لسويسرا وإلزامَها بإلغاء هذا القرار الذى أصبح إحدى مواد الدستور بعد أن يتم استنفاد جميع أشكال الطعون القضائية هناك بدءا من القضاء المحلى وانتهاء بالقضاء الاتحادى الفيدرالى. وفى هذه الحالة سيتم طرد أو عزل سويسرا من مجلس أوروبا لأنها انتهكت قوانين حقوق الإنسان الأوروبية وإن كان البعض يرى أنَّها ستؤدى تلقائياً إلى خروجها من مجلس أوروبا، مما سيؤدى إلى عزل سويسرا «المحايدة» تماما على المستوى الدولى. قرار الحظر جاء من الشعب السويسرى بشكل ديمقراطى وربما فى الأيام المقبلة قد ترفع الحكومة الأمر إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كما ذكرت وهو إجراء ديمقراطى أيضا وقد تقرر المحكمة إلغاء قرار الحظر بشكل ديمقراطى وسيتم تنفيذ القرار بشكل ديمقراطى ولكن هل سألنا أنفسنا أين نحن من ديمقراطية سويسرا. ماذا يفعل مسيحيو مصر تجاه الحظر المستتر لبناء الكنائس.. أين يذهبون.. هل يذهبون إلى جامعة الدول العريية أم إلى الاتحاد الأفريقى بصفتنا دولة أفريقية أو هذا الكيان المعروف باسم المجلس القومى لحقوق الإنسان؟ أما السؤال الذى ألح علىّ منذ بدء هذه الأزمة ولا أجد له إجابة وربما تكون لديكم الإجابة هو أين السعودية وجهازها الإعلامى بكل قدراته من هذه الأزمة.! أعتقد أن الإجابة هى أن هناك معارك يجب أن تقوم بها دول لصالح دول أخرى تنعم بأموالها فى الريف السويسرى وفى محال زيورخ وحدائق جنيف. المختصر المفيد من يركب البحر لا يخشى الغرق. [email protected]