اختتم أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، أمس، جولة خليجية شملت أربع محطات، هى الإمارات والكويت وسلطنة عمان وأخيرا البحرين، حيث التقى خلال الجولة قادة هذه الدول، كما ترأس مع نظرائه وزراء خارجية الدول الخليجية الأربع اللجان المشتركة التى تمخضت عن توقيع عدد كبير من الاتفاقيات لدعم التعاون الاقتصادى بين مصر وكل دولة على حدة. ولم تكن قضايا العمالة المصرية فى الدول الأربع بعيدة عن المباحثات التى أجراها أبوالغيط مع المسؤولين الخليجيين، حيث تركز جانب كبير من هذه المباحثات على أوضاع هذه العمالة، والسعى إلى محاولة عدم تأثرها بنتائج الأزمة المالية العالمية وأزمة دبى الاقتصادية. وهدفت الجولة إلى توجيه أكثر من رسالة على رأسها أن الخارجية المصرية ستسعى خلال الفترة المقبلة إلى ضخ دماء جديدة فى علاقات مصر مع الدول العربية، خاصة مع دول الخليج العربى التى تمثل أهمية كبرى بالنسبة لمصر، كما تمثل الجولة ردا غير مباشر على تلك الأصوات التى انطلقت فى الداخل بإعادة تقييم العلاقات المصرية العربية بعد أحداث «أم درمان» على هامش المباراة الفاصلة بين منتخبى مصر والجزائر لكرة القدم، ووصل بهذه الأصوات الأمر إلى حد المطالبة بعزل مصر عن محيطها العربى. وعلى الرغم من تأكيدات أبوالغيط بأن جولته فى هذا التوقيت لا تمثل أى رسالة لأطراف إقليمية بعينها، فإن هذه الرسالة واضحة تماما خاصة بالنسبة لإيران، وليس أدل على ذلك من قول الوزير نفسه فى البحرين فى مؤتمر صحفى: إن مصر تدعم مملكة البحرين ضد أى تهديدات خارجية، وأن الرئيس حسنى مبارك كان أول القادة الذين قاموا بزيارة المنامة مطلع العام الجارى عندما ترددت بعض الأطروحات والأقاويل التى مست أمن البحرين. وأكد وزير الخارجية أن من يتعرض للبحرين بالقول، فإن مصر سوف تتعرض له بالقول، وأن هذا البلد العربى الشقيق له حقوقه فى المنطقة ونحن ندافع عنه ونقف بجواره بكل ما نستطيع. وكما هو واضح فإن أبوالغيط يقصد فى تصريحاته طهران، التى تطرح بين فتره وأخرى أن البحرين جزء من الأراضى الإيرانية. وفى المحطة الثانية للجولة فى مسقط حرص أبوالغيط على التأكيد على أن العلاقات المصرية العمانية قديمة وقوية وتتسم بروح المودة والإخوة والتعاون الكامل، وأن مصر لا تنسى مواقف السلطنة خاصة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة. وتابع: «نحن نعمل على تعزيز العلاقات وتطويرها، وكلا البلدين يتحملان مسؤوليتهما على الساحة العربية». وكان من اللافت أن هناك تركيزاً مصرياً على تدعيم العلاقات بشكل أكبر مع سلطنة عمان، التى وصفها السفير المصرى فى مسقط مدحت القاضى بأنها من أقرب الدول إلى مصر. وقال القاضى ل«المصرى اليوم» على هامش زيارة أبوالغيط لمسقط: «أنا سفير محظوظ بالعمل فى عمان، حيث إن العلاقات بين البلدين متميزة للغاية فى جميع المجالات، وأنه لا توجد أى مشكلات تعترض الجالية المصرية التى تعمل فى السلطنة». وقال السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، ل«المصرى اليوم»: إن مصر عندما تتحرك فى دول الخليج فهى تتحرك فى إطار محيطها الطبيعى، وفى إطار العلاقات التى تربطها بهذه الدول، وبالتالى لا نستشعر أن هناك رسائل نحتاج إلى توجيهها إلى طرف»، مستطردا: «لكن إذا كانت أطراف رأت رسائل فى الارتباط المصرى بهذه الدول فلا بأس من ذلك». وكان الملف النووى الإيرانى حاضرا فى جميع اللقاءات التى أجراها أبوالغيط مع المسؤولين فى الدول الأربع، باعتبار أن دول الخليج ستكون على رأس المتأثرين فى حال تطورت المواجهة بين طهران والغرب. وأكد وزير الخارجية فى مؤتمر صحفى فى المنامة أنه بحث مع العاهل البحرينى قضية الأمن فى الخليج، وأن المباحثات تطرقت مع المسؤولين البحرينيين إلى موضوع الملف النووى الإيران، و«هو أمر بالغ الحساسية لأن إيران دولة لها تأثيرها فى الوضع الإقليمى والدولى، ولها رغبة فى أن تمضى فى استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية». وقال: «يجب أن نقول لإيران من هنا من الخليج، أنها عضو فى معاهدة منع الانتشار النووى، لذا فإن لها الحق فى الاستخدامات السلمية للطاقة، ولكن عليها أن تحذر ولا تفقد ثقة المجتمع الدولى فى تصرفاتها». وأضاف: «وما تقوم به من بناء منشآت نووية مخفية وغير معلنة، ضد الالتزام الذى أخذته على عاتقها فى إطار اتفاقية منع الانتشار النووى التى لم توقع عليها إسرائيل.