منذ عقدين تعيش سينما التحريك عصرها الذهبى الأول فى صناعات السينما الكبرى فى العالم، ما عدا مصر! ومنذ عقدين تعيش السينما التسجيلية عصرها الذهبى الأول فى صناعات السينما الكبرى فى العالم عدا مصر! وربما يكون السؤال الأول هنا وكيف تعتبر السينما المصرية من صناعات السينما الكبرى فى، العالم إذا كان هذا حالها والإجابة أن هذا ليس رأياً، وإنما معلومات أى حقائق وأرقام، ولا تتعلق بالتاريخ فقط، وإنما بالحاضر أيضاً فالقلة من دول العالم التى يقترب عددها من مائتين تملك فى تاريخها ثلاثة آلاف فيلم روائى طويل، والقلة من دول العالم تنتج أكثر من ثلاثين فيلماً روائياً طويلاً فى السنة، والقلة القليلة من دول العالم لها جمهور يزيد على مائتى مليون متفرج فى السنة. كما أن فى مصر أكبر ميزانية فى العالم، وأكرر فى العالم، لتليفزيون حكومى، ولكن المشكلة أن صناعة السينما فى مصر أصبحت بلا عقل، وكذلك التليفزيون الحكومى! وإذا كانت العقبة أمام تطور أفلام التحريك المفهوم السائد لدى الجمهور بأنها أفلام للأطفال فقط، والعادات السائدة بأن يشاهد الأطفال كل الأفلام، وبالتالى عدم الاهتمام بإنتاج أفلام للأطفال، فإن العقبة أمام تطور الأفلام التسجيلية هى الرقابة سواء رقابة السينما أم رقابة التليفزيون التى تحول دون إنتاج أفلام تسجيلية عن الأحداث المهمة فى الحاضر أو الماضى بنظرة تحليلية نقدية، وإنما تشجع فقط إنتاج أفلام تسجيلية تعليمية عن شخصيات تاريخية، أو عن الآثار ودور العبادة والمتاحف، واستسلام صناع الأفلام التسجيلية لهذا التوجه، ولذلك لا نجد أفلاماً تسجيلية حقيقية عن السد العالى أو ثورة يوليو أو ثورة 1919، أو هزيمة يونيو أو انتصار أكتوبر أو أى حدث كبير فى التاريخ، الذى ترافق مع اختراع السينما، وتتوفر عنه مواد أرشيفية غزيرة، كما لا نجد أفلاماً تسجيلية حقيقية عن غرق «العبارة» أو «حريق قطار الصعيد» أو «سقوط صخرة المقطم»، إلى الأحداث على الحدود مع «غزة» وأحداث «نجع حمادى» المروعة يوم «عيد ميلاد المسيح» (عليه السلام). ولهذا لم يكن من الغريب أن يكون الفيلم التسجيلى المصرى الوحيد الذى عرض فى مهرجان «كان» «البنات دول» إخراج تهانى راشد، لأنه فيلم تسجيلى حقيقى عن الواقع فى مصر اليوم. فلماذا لا تتحرك كاميرات السينما التسجيلية إلى «غزة» و«نجع حمادى»؟! [email protected]