اتفق محامون بالنقض والاستئناف بالمجلس الأعلى للدولة على أن فرض الحكومة على المواطنين تقديم بيانات تخص العقارات التى يملكونها تحت مسمى «إقرار ضريبى»، هو أحد أنواع التلاعب القانونى من جانبها، ووصفوا هذا الإجراء بأنه «خدعة» تستطيع بها الدولة فرض أى عقوبة جنائية ووضع المواطن تحت طائلة القانون فى أى وقت، كما أن هذا يعطيها غطاءً شرعياً يمكنها من التلويح بالتهديد وفرض عقوبات قانونية، مشيرين إلى أنه كان من الأفضل إن توافرت النوايا الحسنة من جانبها تجاه المواطنين أن تطلب منهم بياناتهم فى صيغة «استمارة بيانات عقار» أو«نموذج إحصائى». وصف الدكتور مصطفى عفيفى، أستاذ القانون الدستورى، عميد حقوق طنطا الأسبق، استخدام الدولة مسمى «إقرار» لجمع البيانات من المواطنين ب«الخاطئ»، مشيرا إلى أن هناك عدم دستورية فى إلزام أى مواطن غير خاضع للضريبة بكتابة الإقرار، وقال عفيفى: تسمية الإقرار خاطئة، لأنها تحمل معنى الإلزام، وبهذا فإن المواطن الذى يمتنع عن تقديم الإقرار يتعرض لمسؤولية قانونية، وأيضا من يكتب بيانات خاطئة يتعرض لتهمة التزوير فى أوراق رسمية، وكان من الممكن أن تطلب الحكومة البيانات فى صورة استمارة بيانات، ولكنها أرادت أن تخيف المواطن وتلمح له بأنها ستضعه تحت طائلة القانون إن لم يتقدم بالبيانات التى تطلبها منه، وأضاف عفيفى: المشكلة أنه من الممكن أن يتقدم أى منا بإقرار ضريبى ثم يفاجأ بلجنة التقدير تقيم عقاره بقيمة أكثر بكثير مما كتبه، وهنا من حق وزير المالية أن يرفع دعوى قضائية واعتبر ممدوح الوسيمى، المحامى بالنقض والدستورية العليا، أن فرض الدولة على المواطنين تقديم بياناتهم الخاصة بالعقارات تحت مسمى «إقرار» هو خدعة من جانبها لتستطيع من خلالها فرض عقوبة جنائية على من يغفل تقديمه أو يقدم بيانات مغلوطة، وقال الوسيمى: «إذا كانت الدولة لا تفكر فى فرض تلك العقوبات أو كان هناك حسن نية من جانبها، فكان من الأولى لها أن تطلب تلك البيانات فى صيغة نموذج إحصائى وحينها لن يجوز فرض أى عقوبات من أى نوع على المواطنين»، متسائلا: «أين دور جهاز التعبئة العامة والإحصاء وهو المسؤول أمام الدولة عن تقديم تلك البيانات وليس المواطن العادى، الحكومة تنفق على هذا الجهاز ملايين الجنيهات سنويا ولا نرى منه أى نتائج تفيدنا بشكل عملى، وبالتالى فشرعية العقوبة المفروضة مفقودة»، وأضاف الوسيمى: «استخدام مسمى (إقرار) يعطى للدولة غطاء شرعياً يتيح لها التلويح والتهديد بعقوبة قانونية لكل من يمتنع عن تقديم الإقرار، وأنا لا أعلم ما قيمة فرض توقيع بيانات على المواطن، فى حين أنه لا يمكن للدولة اعتبارها حجة أمام أى جهة»، ويتابع الوسيمى قائلا: «ما تفعله الدولة هو محاولة منها لحصر كل العقارات الموجودة فى مصر ومعرفة أسماء الملاك»، وعن الخطورة القانونية التى تتبع تقديم المواطنين بياناتهم تحت مسمى إقرار يقول الوسيمى: «هذا يفرض عليهم عقوبة جزائية تتراوح قيمتها بين 200 و2000 جنيه، والمشكلة التى سيواجهها المسؤولون عندها أنه لن يمكنهم تحصيل تلك الغرامات من ملايين المواطنين الذين لم ولن يقدموا إقراراتهم الضريبية، فهذا مستحيل من الناحية العملية، وأكبر مثال على ذلك أن هناك عقوبة مالية على كل من يتخلف عن الإدلاء بصوته فى الانتخابات سواء رئاسية أو محلية أو نقابية أو حتى انتخابات الأندية، ومع ذلك لم تفكر الدولة أبدا فى تفعيل تلك العقوبة التى تصل إلى غرامة 100 جنيه، والسؤال الذى نطرحه: لماذا يتم إلزام الجميع بتقديم الإقرار إن كان المقصود هو الفئة الخاضعة للضريبة فقط». من جانبه وصف ياسر أبوطامع المحامى بالاستئناف العالى، مسمى «إقرار» بأنه مصطلح يحمل الريبة والشك فى نوايا الدولة تجاه من لا يقدم بياناته، قائلا: كان من الأولى خاصة فى المرحلة الأولى أن تطلب الدولة من المواطنين تقديم البيانات الضريبية تحت مسمى استمارة ملء بيانات، ولكنها فضلت صياغة الإقرار حتى يكون هناك إلزام على المواطنين بتقديمه، وأن تفرض عقوبات عليهم فى حال عدم تقديمه أو كتابة بيانات خاطئة، فعلى سبيل المثال لو كتب المواطن فى إقراره الضريبى أن شقته مازالت تحت التشطيب ورأت اللجنة المكلفة من الحكومة بمراجعة البيانات عدم صحة تلك البيانات، فوقتها ستفرض على المواطن غرامات مالية، أما إذا كان قد تقدم ببياناته تلك فى صورة استمارة، فوقتها لن يفرض عليه أى عقوبة جنائية من أى نوع، ويتابع أبو طامع قائلا: إذا كان هناك ما يقرب من 30 مليون مواطن غير خاضعين للضريبة العقارية، فلماذا تلزمهم الدولة بكتابة هذا الإقرار، أو تفرض عليهم غرامات فى حالة عدم تقديمه؟!.