سؤال قفز إلى مخيلتى وأنا أقرأ خبر العفو الملكى السعودى بالإفراج عن الطبيبين المصريين وعودتهما إلى القاهرة.. ولا أعرف إن كان قد حدث ترتيب خاص لعودتهما فى نفس التوقيت الذى هبطت فيه طائرة الرئيس مبارك قادمة من السعودية إلى أرض الوطن.. أم كان هذا بمحض الصدفة؟.. على أى حال هذا الموقف الإنسانى دعانى إلى أن أطرح سؤالاً: لماذا لا تكون هناك جائزة باسم خادم الحرمين الشريفين تطلق عليها «جائزة الإنسانية»، على اعتبار أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو أول من تبنى قضايا حقوق الإنسان فى المنطقة العربية.. والإنسان عنده له قيمة بصرف النظر عن هويته أو وظيفته؟.. وقبل موقفه الأخير مع الطبيبين المصريين واستجابته لطلب الرئيس مبارك بالإفراج عنهما.. نذكر له موقفه مع النظام الليبى عندما حدثت بينه وبين الرئيس الليبى مشادة عندما كان رئيساً لوفد بلاده فى مؤتمر القمة فى شرم الشيخ، ولأول مرة يخرج عبدالله بن عبدالعزيز عن صمته، وفى شهامة أبناء عبدالعزيز آل سعود يثأر لكرامته أمام الملوك والرؤساء العرب.. ومع ذلك كان متسامحاً مع الذين أتوا إلى المملكة بعد هذا الموقف بغرض اغتياله.. فرأيناه وهو يعفو عنهم ويطلق سراحهم ليكون هذا العفو درساً لمن أرسلهم. إن مثل هذه المواقف تدعونى لطرح نفس السؤال: لماذا لا تكون هناك جائزة للتسامح والإنسانية تخصص سنوياً باسم خادم الحرمين الشريفين لتكون عنواناً لأول دولة عربية تحتضن منهج حقوق الإنسان؟.. لم نسمع أن السعودية فيها الأحكام العرفية.. رغم حاجتها إليها.. ومع ذلك لم تلجأ إلى استخدام أى إجراء استثنائى فى اقتلاع جذور الإرهاب. وبمناسبة الحديث عن الجوائز ربما تكون جائزة «الملك فيصل» هى بداية الجوائز فى الأسرة المالكة.. فقد أحسن الأمير خالد الفيصل، أمير مكة، رئيس مؤسسة فيصل، عندما كرم اسم والده فى جائزة تكافئ الذين أوقفوا حياتهم للعلم، وحققوا تحولاً إيجابياً فى مجالات إبداعهم.. فجاءت «جائزة الفيصل» للعمل على خدمة الإسلام بتأصيل المثل والقيم الإسلامية فى الحياة الاجتماعية والإسهام فى تقدم البشرية وإثراء الفكر الإنسانى. الشىء نفسه حدث فى جائزة الشيخ سالم العلى الصباح الذى أصبحت له أكبر جائزة معلوماتية فى الوطن العربى على الموقع الإلكترونى.. وقد انطلقت هذه الجائزة من دولة الكويت، وتتم المشاركة فيها بأفضل المواقع الإلكترونية. صحيح من السهل أن تخصص جائزة.. لكن من الصعب اختيار الهدف والمضمون.. لذلك حظيت جائزة سالم الصباح التى تستقبل المتسابقين فيها من أصحاب المواقع الإلكترونية بالاستمرارية.. ولذلك نلاحظ أنه فى شهر يناير من كل عام يزداد إقبال الأفراد والمؤسسات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدنى فى الوطن العربى على المشاركة فى هذه المسابقة بتقديم أفضل المواقع الإلكترونية على الشبكة المعلوماتية.. على أمل أن يفوز أحدهم بجائزة الصباح التى تبلغ قيمتها مائة ألف دينار كويتى ويتم تسليمها فى حفل خاص يشهده أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح. من بين الفائزين فى الأعوام السابقة بهذه الجائزة الموقع الإلكترونى لوزارة التربية والتعليم المصرية، فقد فاز بجائزة أفضل موقع خدمى فى مجال الحكومة الإلكترونية عام 2007.. وفاز المواطن المصرى محمد خليل عاشور عن موقعه «نصرة رسول الله» بأفضل موقع عام للأفراد فى العام الماضى. وإذا كانت الكويت تقوم برعاية أبنائها المساندين للفكر والإبداع.. على اعتبار أنها هى أفضل دولة فى العالم العربى، وتكاد تكون الأولى فى دول الخليج التى تستثمر فى التعليم.. إلى جانب استثمارها فى الشبكة المعلوماتية.. فمن هنا جاءت جائزة الشيخ سالم العلى الصباح لتكون فى خدمة الإبداع والتكنولوجيا. ونحن لا ننكر أن مصر هى أول دولة عربية عرفت طريقها إلى الجوائز، وكانت البداية بعيد العلم، ولكن معظم الجوائز التى أعلنت عنها جوائز محلية لم تمتد إلى جسور الوطن العربى.. فى حين أن تاريخنا فى الحضارة والثقافة يؤهلنا لكى نكون فى الصدارة، لكن مشكلتنا فى التمويل، لم نسمع أن صندوق وزارة الثقافة، الذى تحول إلى صرف مكافآت للمحاسيب، رصد جائزة مالية لمسابقة، عربية تحت ما يسمى «الجائزة».. ولا أعرف لماذا نحن دائماً للخلف دُر.. فالسعودية خرجت منها مسابقات فردية تحمل أسماء شخصيات معاصرة وغير معاصرة.. فقد سمعنا عن جائزة شاعر الرومانسية الشيخ محمد حسن فقيه.. فقد خصصت جائزة باسمه فى الشعر والنقد عام 1944، والغريب أن الذى يرعى هذه الجائزة إحدى المؤسسات الأهلية وليس الدولة.. ومع ذلك نجد تشجيعاً من الحكومة السعودية على تنظيم هذه المسابقة سنوياً. ومسابقة باسم اليمانى التى كان مسؤولاً عنها المرحوم أحمد فرج.. وهى للشيخ أحمد زكى يمانى، وزير البترول السابق، الذى بدأ تعليمه فى القاهرة عندما حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة.. والآن تربطه بمصر علاقة قوية حيث لم ينس نيل مصر الذى شرب منه. كل هذه الجوائز تطرح سؤالاً: أين نحن منها.. لماذا لا نكون مثلهم؟.. على أى حال إن سألتمونى.. فسوف أطالب بجائزة عن تسامح المصريين مع حكامهم.. وإذا كنا نختم اليوم عام 2009 لنبدأ غداً عاماً جديداً فنسأل الله أن تكون جائزة العام الجديد حكومة جديدة لا يرأسها نظيف.. ولا يدخلها بطرس غالى! [email protected]