هل تذكرون قصة خروج الأسد والذئب والثعلب للصيد.. بالطبع تذكرونها خاصة أنه فى نهاية اليوم كانت حصيلة الصيد غزالاً وحملاً وأرنباً.. عندئذ سأل الأسد الذئب أن يقسم الصيد بينهم جميعاً. فقال الذئب: الغزال لك يا مولاى، والحمل لى، والأرنب للثعلب.. فكشر الأسد عن أنيابه، وفى لحظة واحدة أطاح برأس الذئب ففصله عن جسمه، ثم التفت إلى الثعلب المذعور وسأله أن يقسم الصيد، فقال الثعلب بخبث: الغزال لإفطارك والحمل لغدائك والأرنب لعشائك.. فضحك الأسد بشدة وسأل الثعلب:من أين تعلمت كل هذه الحكمة؟ فقال الثعلب: من رأس الذئب الطائر. تذكرت هذه القصة وأنا أتابع ما يحدث فى إيران حاليا، حيث فشلت توقعات مرشد الثورة عن كون المعارضة الشعبية التى اندلعت مع الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى جرت فى يونيو الماضى، ستكون مجرّد فقّاعة غضب سُرعان ما ستزول بمُرور الزمن ولكن توقعاتهم تبدّدت هَباءً.. بل حدَث العكس وهو أن المعارضة الشعبية أثبَتت أنها سيْل جارف ومُتواصل وستستمر وليس فقّاعة عابِرة. المراقبون للشأن الإيرانى يرون أن المعارضة الشعبية الإيرانية تجاوزت فى حراكها و«ثوريتها»، حتى قادتها «الرسميين»، من أمثال حسين موسوى ومحمد خاتمى ومهدى كرّوبى. المعارضة التى بدت فى بادئ الأمر وكأنها تريد أن تطيح برأس أحمدى نجاد لتضع رأس مير حسين موسوى- رفعت من سقف أحلامها وقررت التطلع ل«أعلى».. ل«رأس الخومينى» ليس فقط كمُرشد للثورة، بل حتى أيضاً ك«ولى فقيه» يجب أن يَأمُر فيُطاع مثلما ينص الدستور الإيرانى. حالة العداء التى تنتهجها السلطات الإيرانية تجاه المعارضة الشعبية، وحالة الغضب الشديد التى انتابت مرشد التورة ورئيس الجمهورية لمجرد أنه تم تمزيق صورة أو صورتين ل«الإمام الخومينى» تثبت أن أركان النظام الإيرانى اهتزت وبشدة، خاصة أنهم صوروا تمزيق الصور على أنه انقلاب على الثورة الإسلامية استدعى تدخل «المرشد» الذى أطلق اتهاماته لقادة المعارضة والإصلاحيين دون حساب. والسؤال هنا: هل أفلتت الأمور من نظام الملالى فى إيران؟ الإجابة: نعم، فمظاهرات الطلبة التى أصبحت مثل كرة الثلج كلما تدحرجت كبرت وتضخمت- ستأخذ فى طريقها فى المرحلة المقبلة كل أركان السلطة فى النظام الإيرانى وقادته، خاصة أن قوات الباسيج تقتل الطلبة وتسحلهم فى شوارع طهران وشوارع المدن الرئيسية، وهؤلاء الطلبة هم رأس الحربة حاليا، وكأن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى فهؤلاء الطلبة هم أنفسهم الذين أنجحوا الثورة الخومينية ويُشكِّلون الغالبية العظمى من الشعب الإيرانى، الذى يتجاوز عدده السبعين مليون نسمة. الوضع الإيرانى حاليا بات، قاب قوسين أو أدنى من ثورة أو هزة عنيفة تقلب الأوضاع أو بالأحرى تعيد الأوضاع إلى مكانها الصحيح، وأعتقد أن الوقت لن يكون كبيرا أو فيه من المتسع، لأن تسارع الأحداث فى الشارع الإيرانى ينبئ بأن هناك وضعاً جديداً على الأرض سيكون فيه النظام الإيرانى بأكمله مثل رأس الذئب الطائر فى الحكاية، سالفة الذكر. المختصر المفيد لا تقل: قد فشلت، قل: لم أنجح بعد. [email protected]