«مليونيرات على الورق».. هذا هو حال أصحاب الأوقاف المتنازعين مع «الحكومة» للحصول على أراضيهم وعقاراتهم.. حجج وأوراق تؤكد أن الواحد منهم يمتلك أراضى وعقارات منذ عشرات السنين.. ولا يتمكن هو أو والده أو ابنه أو حفيده من الوصول إليها.. فقط يقول: «أنا ابن باشا بس مفيش فلوس ولا حاجة».. «أنا جدى بيه وأخذ أرض من الخديو أو الملك.. بس راحت».. ضحايا الأوقاف يتساءلون: «يقول لنا العاملون فى الأوقاف والمساحة.. هاتوا الأصول علشان تاخدوا حقوقكم.. طيب كيف نقدم لهم الأصول وهى فى حوزتهم أصلاً سواء وزارة الأوقاف أو وزارة عدل».. الاتصالات لم تتوقف منذ فجرت «المصرى اليوم» قبل أسبوعين قضية «مافيا الأوقاف» والتى تحقق فيها نيابة الأموال العامة.. أصحاب أوقاف حضروا لمقر الجريدة وبيدهم صور وأوراق ومستندات تؤكد ملكيتهم.. لكن لمن يقدمونها.. ومن يعيد إليهم حقوقاً ضاعت.. لم يصل إليها الأب والجد وربما لا يصل إليها الابن أو الحفيد لأنها باختصار فى «ذمة الأوقاف.. أو ذمة موظفين صغار.. يبيعون حججاً أصلية لمسجلين خطر.. كما تم فى الواقعة الأخيرة.. وتضيع الحقوق أمام عيون تنتظر «العدل».. أو قراراً جمهورياً بتقنين تلك المسألة». قالت سيدة ل«المصرى اليوم» إنها من أحفاد الأسرة العلوية وأن واحدة من الأميرات توفيت منذ 3 أشهر وكانت تعيش فى فيلا بالزمالك ولم تتمكن من الوصول إلى أراضى الوقف الخاص بها على مدار 50 عاماً وأضافت السيدة التى طلبت عدم ذكر اسمها حتى لا يعطل موظفون فى الأوقاف والمساحة ودار الوثائق حصولها على أوراق خاصة بها شخصياً أن أقارب الأميرة المتوفاة وجيرانها اكتشفوا أنها «خلعت» بلاط الفيلا وباعته لتنفق على نفسها فى الأيام الأخيرة. حسين حسين عفيفى 65 سنة وكيل وزارة سابق.. واحد من هؤلاء.. يروى تفاصيل مأساته وزوجته على مدار 35 عاماً وهو يحاول أن يحصل على حقه أو جزء منه.. يمتلك صوراً للحجة الشرعية رقم 355 من سجل رقم 211 محكمة الباب العالى والتى يعود تاريخها إلى 300 عام.. عم حسين يتجول فى شوارع القاهرة وهو يقول لكل من يقابله: «أمتلك قرابة 400 منزل وعمارة فى مصر القديمة على الورق.. تضيع جميعاً أمام عينى ولا أستطيع أن أمنع ذلك.. تذهب إلى الموظف فى الأوقاف أو فى المساحة ولابد أن (ترش) على ده قرشين وعلى ده قرشين حتى تحصل على الأوراق وعندما لا «ترش» يكتب الموظف كلمة واحدة أو يغير رقماً ب(العمد).. الكلمة والرقم يعيدانك إلى الوراء 35 عاماً أخرى.. زوجتى ماتت قبل أن تحصل على وقف جدها مصطفى باشا الشبشيرى.. ماتت وهى تطرق باب وزارة الأوقاف لترحمها دون فائدة». عم حسين أرسل عدة شكاوى إلى النائب العام الحالى والسابق وإلى رئيس الجمهورية دون أن يتلقى رداً.. عم حسين ينام ويحلم أن أراضى وقف «الشبشيرى» آلت إليه.. ويستيقظ من نومه على صوت موظف فى الأوقاف أو هيئة المساحة أو حتى وزارة العدل وهو يقول له: «إنت بطلت ليه (ترش) يا عم حسين». الشاب هشام أبوإصبع والذى يعمل مديراً بفندق كبير لا يختلف حاله عن عم حسين.. فهشام الذى يملك وشقيقه صوراً وأوراقاً لحجج ومستندات تؤكد أنه مليونير أو ملياردير.. لكن الشاب حائر بين هيئة الأوقاف ولجنة القسمة بوزارة العدل وهيئة المساحة وصولاً إلى محكمة استئناف القاهرة.. هشام ليس الجيل الأول فى عائلته والذى يبحث عن حقوقه.. فالمسألة مستمرة منذ 76 عاماً أيام جده ووالده.. يقول هشام: «بموجب 6 حجج مؤرخة ما بين العام 1267 هجرية أى قبل أكثر من 153 عاماً والعام 1301 وجميعها خاصة بوقف حسين باشا أبوإصبع وزوجته أفتاب بنت عبدالله الجركسية والذى يؤول إلى أولادهما وأحفادهما والورثة.. نمتلك أراضى وعقارات فى وسط البلد والمنطقة القريبة من شارع بورسعيد والتى تكفل أن أكون مليونيراً.. لا أريد أن أكون كذلك ولكن أريد حقى وحق أقاربى». وزارة الأوقاف الكلام لهشام ليس لها الحق أن تضع يدها أو تدير تلك الأراضى.. فبموجب القانون رقم 180 لسنة 1952 والذى نص على أنه لا يجوز الوقف على غير الخيرات.. ومعنى ذلك إذا كان الوقف خيرياً فالأوقاف أولى به.. أما إذا كان أهلياً فهو من حق الورثة وحدهم.. وبعده صدر تعد بإضافة مادة وكفلت تلك المادة بأن تسلم هذه الأموال والأعيان والتى كانت موقوفة إلى مستحقيها». الأوراق تؤكد هشام يواصل كلامه إننى وأقاربى نمتلك 12 عقاراً بشارع بورسعيد و11 أخرى ب«شق الثعبان» وعطفة عبدالغفار وحسين العمرى وعطفة البلاطة و19 فداناً بالزقازيق. القضية التى أقامتها العائلة تنظر منذ سنوات طويلة ولا أحد يسأل.. أوراق القضية «دابت» فى المحكمة ولم نصل إلى شىء.. طالبت فيها بعزل وزير الأوقاف بصفته من الحراسة القانونية على أراضى الوقف على أن يعين أحد الورثة حارساً قضائياً.. و«الحال كما هو».