شدد الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، على رفضه اعتقاد أي فصيل سياسي في مصر سواء كان قوميًا أو ليبراليًا أو إسلاميًا، بقدرته على التغيير وحده، موضحاً أن النهضة لن تأتي إلا بنظام ديمقراطي يعمل من خلاله كل الفصائل السياسية. وأكد خلال كلمته بندوة لمناقشة كتاب «التحول الديمقراطي في تركيا والدروس المصرية»، تأليف الكاتب التركي ناضل تورال، بالأهرام مساء الإثنين،أن التطور للأمام لا يمكن أن يحدث إلا باتباع التجربة التركية، منوهاً بأن تركيا هي النموذج الأقرب لمصر، وتحولها الديمقراطي خلال السنوات الماضية يشعرنا بالأمل في التحرك للأمام. وأوضح «محسوب» أن التحول الديمقراطي أساسه تراكم لأفعال كل القوى السياسية، مشيراً إلى أن «كل فصيل يعتقد أنه قادر على إدارة التحول الاقتصادي والسياسي فهو خادع، ومثال ذلك التجربة التركية، لأن وضعها السياسي والاستراتيجي والاقتصادي لم يكن يسمح لأن يسيطر عليها اتجاه واحد، ولم تكن لتحقق نجاحاً إلا بعد أن فُتح المجال للقوى والتوجهات الأخرى للعمل»، مؤكداً أن الدولة التركية لم تغير مواقفها وعلاقتها بالدين لمجرد تولي أي فصيل سياسي مقاليد الحكم. ولفت إلى أن تولي أي تيار في مصر سواء كان الإسلامي أو الليبرالي أو اليساري، لن يغير من عناصر البلد، موضحاً أنه في حالة فرض تيار واحد وجوده على العمل السياسي سيتسبب في حالة ركود، معرباً عن أمله ألا تعيش مصر هذه الحالة. وأشار «محسوب» إلى أن النجاح التركي ليس وليد اليوم، لكنه مرّ بالعديد من المراحل في القرن العشرين، وقفزته الأخيرة كان فيصلها الصندوق من خلال إبعاد السلطات الإقصائية، وتولي حزب قادر على النهوض من خلال العمل الديمقراطي. وقال الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن التجارب الإنسانية لا تستنسخ، لكن يمكن الاستفادة منها، موضحاً أن مصر وتركيا بينهما تناقضات، تتمثل في الاستمرار والقطيعة بين كلا البلدين، مؤكدًا أن تركيا منذ أسست جمهوريتها العلمانية لم تشهد قطيعة على يد النظام القائم، بل على العكس أصبحت حليفة لأمريكا، لكن مصر شهدت قطيعة بين كل نظمها السياسية بدءاً من ثورة 52، وبداية عهد سياسي جديد، مؤكداً أن الجمهورية التركية انتظمت لأكثر من 80 سنة، بشكل جعلها أفضل حالة من النظام المصري. وأضاف «الشوبكي» أن النظام المصري عانى من الجمود خلال ال30 سنة الماضية، بينما النظام التركي جدد نفسه بشكل كبير مما أتاح ظهور شخصيات مهمة مثل تورجوت أوزال، الذي لولاه ما وصل الإسلاميون للحكم، مؤكداً قدرة النظام التركي على التجديد في نظمه السياسية والاقتصادية. ولفت «الشوبكي» إلى أن حزب العدالة والتنمية، وهو الحاكم في تركيا حالياً، استطاع استقطاب عناصر غير مؤيدة للتجربة الإسلامية ودفع بجزء كبير من العلمانيين والديمقراطيين لتأييده، حتى وصل الأمر بالنسبة للحجاب داخل الجامعات، إذ اعتبره حرية شخصية للفتيات، موضحاً أن التجربة التركية شهدت تغيير الخطاب الإسلامي من خلال تجربة ذلك الحزب، الذي يعتبر نفسه «محافظاً ديمقراطياً»، وليس إسلامياً. ورأى أن التغيير في مصر في أعقاب الثورة جاء بالتعارك مع كل مؤسسات الدولة المتمركزة، التي كانت تهيمن على الحياة في مصر، مطالباً بأن تكون المعركة بالنقاط مع المؤسسات وليس ب«القاضية»، وأكد أن مصر في أزمة صعبة للخروج من الاستراتيجية الأمريكية، مشدداً على أننا في حاجة لإصلاح علاقتنا بأمريكا. وقال ناضل تورال، مؤلف الكتاب التركي موضوع الندوة، إن الأتراك يسعون للانضمام للاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن الأتراك يحاولون الاستفادة قدر المستطاع من الشروط التي وضعت لهم لدخول الاتحاد، وأكد «تورال» أن التجربة التركية لم تكتمل بعد، حسبما ورد في الدستور التركي، مشدداً على استمرار العمل بها لحين الوصول لأهدافها المرجوة. وقالت نجلاء مكاوي، الباحثة في الشؤون التركية، إن الفارق بين الإخوان والحزب الإسلامي الحاكم في تركيا هو أن الأخير نجح في بلورة أهدافه وخطة أعماله، على عكس الإخوان «المتخبطين»، موضحة أن خطة العمل تبلورت لدى أردوغان بشكل واضح.