يسألوننى لماذا الكتابة فى مصر؟ ومن حيرتى أقول.. لا أدرى؟ نعم لا أدرى!! إن كان السبب هذه المطبوعة المستقلة المحترمة وما أتاحته لى من مساحة أعبّر فيها عن هموم وطنى وأمّتى كما أريد؟ أم هى أبواب مصر المفتوحة على مصراعيها لنا للدخول بسلام آمنين؟ أم هو التوحد مع من تحب كنتيجة حتمية لذلك الهوى المصرى المذاب فى شرايين الكينونة؟ والذى يكاد أن يدفعنى مغيبة إلى مشاركة الأصدقاء من أبناء مصر أدق قضاياهم الوطنية ليصل الأمر إلى سؤالهم عن كيفية استخراج البطاقة الانتخابية للمشاركة فى الانتخابات لولا أن تنبهت إلى عدم إمكانية ذلك.. فأنا لست مواطنة رسمية، بل مواطنة حب وفطرة. كل تلك الأسباب مجتمعة جعلتنى أكتب فى مصر.. وكل تلك الأسباب جعلتنى مستفزة غضبا من الإعلام وخطابه ومنظومته التى تحتاج إلى غربلة وتطهير جادّة مما تزرعه من بذور أشواك فرقة بين الأشقاء تدمى مشاعر ونفوس العروبيين المتعطشين إلى لم الشمل ولو على المستوى الجماهيرى الذى لاعلاقة له بما يدور فى كواليس السياسة ومطابخها المفروشة بعلامات الاستفهام.. ومن الغريب أن يلعب الإعلام على أوتار التجزئة الآن وبقوة وإصرار.. وبلادنا يحكمها أبناؤها بينما كان ينضح قومية وهى تحت حكم الأغراب!! فكم أسعدنى وطار بى فرحا فوز مصر بكأس الأمم الأفريقية. وكم آلمنى استبعاد كلمة (العروبة) عن أبنائها فرسان الملاعب والكؤوس الذهبية. نعم كلنا نعلم أن مصر فرعونية الحضارة من قبل التاريخ وكلنا يفخر فى ذلك ويغمره الزهو وهو يرى آثار تلك الحضارة تتصدر المتاحف العالمية.. لكنها أيضا عربية التراث والمصير والدم واللغة وفيها من القبائل ذات الجذور العربية ما تفوق بعراقتها الكثير ممن ينتمون إلى العروبة بالهوية فقط.. توجّه إعلامى غريب يرصده ويستشعره الكثير. ورغبة جامحة فى إعادة تأهيل الإعلام وغربلته من صنّاع الآلهة ونسّاج أردية العراة الموشّاة بالنفاق.. وتطهيره من النافخين فى أبواق الفتنة المنطلقة رصاصا عند أول خلاف أو اختلاف سياسى حتى إذا ماتعانق الطرفان عاد التمجيد وكأن من كان عدوا أصبح وكأنه ولى حميم.. فهل لنا بضوء ساطع تسلطه الأقلام والكاميرات على ماهو مستور فى زوايا عالمنا العربى المظلمة المختبئة فيها البشاعة والجرائم التى ترتكب بحق الملايين وليس اختراق ماوراء الأبواب المغلقة على أسرار الأبرياء واغتصاب خصوصياتهم واغتيال سمعتهم وتلويثها بالشائعات.. والعبور على جثث الأعراض للوصول إلى المنفعة الشخصية الرخيصة.. كان آخرها ماحدث لبعض الفنانين وفى مقدمتهم الرمز نور الشريف؟.. هاهو حكم البراءة قد صدر! فهل تنفع كلمة (عفوا) بعد أن تقتلنى عمدا مع سبق الإصرار والترصد؟! إعلامنا العربى فى قفص الاتهام بتهمة تجاهل الكثير من قضايانا العامة وغض البصر عنها.. كجرائم وصفقات الأغذية الفاسدة المستوردة أطنانا تكاد تودى بأرواح الملايين لو لم يتم اكتشافها.. وسجون بغداد التى تعج بالنساء ومايرتكب فيها من جرائم خلقية يندى لها جبين أدنى الكائنات!.. وإعلانات الجنس الساقطة المنتشرة على النت والمحمول ووجوب التصدى لها بما للمهنة والكلمة من شرف!! نطالب بإعلام صادق نظيف يتولى كشف الحقائق ويسعى إلى رأب الصدع العربى وبث روح الولاء فى وقت نحن أحوج مانكون فيه إلى أن نكون كالبنيان المرصوص فى مواجهة القادم من أحداث.. فهل من ميثاق شرف إعلامى عربى حقيقى؟ إليك.. .. رب لاتحجب دعوتى ولا ترد مسألتى ولاتردنى خائبة من الإجابة ولا تكلنى إلى غيرك ولا إلى حوْلى وقوتى فقد ضاق صدرى وتاه فكرى وتحيرت فى أمرى وأنت العالم بسرى وجهرى والقادر على تفريج كربى وتيسير عسرى.. ربى لمن أقصد وأنت المقصود ولمن أتوجه وأنت الموجود ومن أسأل وأنت الرب المعبود وهل سواك رب فيدعى؟ أو إله فيرجى؟ أو كريم فيطلب منه العطا؟ رب اغفر وتقبل وارحم فأنت خير الراحمين.