يثار هذا التساؤل على خلفية قرار وزير الداخلية البريطانى ألن جونسون بتشديد إجراءات الهجرة على الطلبة القادمين للدراسة فى بريطانيا من أجل وقف هؤلاء الطلاب عن العمل غير القانونى، فقد جمدت بريطانيا مؤقتاً منح التأشيرات للطلاب القادمين من شمال الهند ونيبال وبنجلاديش، فمنذ عام 2000 تم منح الطلاب الأجانب حوالى مليون ونصف مليون تأشيرة دراسية، وصل عدد التأشيرات العام الماضى حوالى 280 ألف تأشيرة دراسية، تلك القرارات تشمل الطلاب القادمين لدراسة اللغة والدرجات العلمية الجامعية وما بعد الجامعية، وتشمل تلك الإجراءات منع الطلاب الأجانب من اصطحاب عائلاتهم إذا كانت مدة الدراسة أقل من ستة أشهر ولن يسمح لهم للعمل أكثر من عشر ساعات، ويجب أن تسجل مدارس اللغة فى سجل جديد للتأكد من أنها مدارس حقيقية وليست وهمية، وشدد جونسون على أن الحكومة ستكون متشددة مع من ينتهكون القوانين ويأتون بقصد العمل. يرى بعض المحللين أن هناك عدة أسباب وراء ذلك القرار والحديث عن قضية الهجرة فى هذا التوقيت، تتمثل تلك الأسباب فى الوضع الاقتصادى الذى بدأ فى التعافى من جراء الأزمة المالية العالمية ولكن مازال أمامه شوط فى هذا المضمار، يضاف إلى ذلك المخاوف الأمنية من استغلال تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات المسلحة الطلاب فى القيام بأعمال تطلق عليها السلطات عمليات إرهابية، أما السبب الثالث فيتعلق بالانتخابات المزمع إجراؤها فى مايو من العام الحالى. على الجانب الاقتصادى هناك مشاكل كبيرة حيث تصل نسبة الدين المحلى حوالى 175 مليار جنيه إسترلينى وهو ما قد يدفع الحكومة إلى تقليل النفقات العامة وبالتالى يؤثر على الخدمات المقدمة للمواطنين البريطانيين التى تعانى من ضغط شديد من قبل المهاجرين، فى هذا السياق صرحت مارجريت هودج وزير الثقافة والسياحة البريطانية أنه يجب إعطاء أولوية للبريطانيين على المهاجرين فى الإسكان والمساعدات الاجتماعية، وقد أوضح أحد التقارير أن هناك خمسين ألف طفل من أبناء المهاجرين من الدول المنضمة حديثاً للاتحاد الأوروبى تلقوا مساعدات مخصصة للأطفال رغم كونهم لا يعيشون على التراب البريطانى، فى هذا السياق يضيف الطلاب الأجانب عاملاً منافساً آخر للبريطانيين حيث يحق لهم العمل لمدة عشرين ساعة أسبوعياً وعدد منهم لا يذهب لدراسة اللغة، ولكن يعمل أكثر من الساعات القانونية لتكوين مدخرات يعود بها إلى بلده، وبعض هؤلاء الطلاب يستمرون فى تجديد تأشيرات الدراسة حتى يتمكنوا من أخذ الإقامة الدائمة ببريطانيا، لكن تشديد القيود على الطلاب لا يمثل الجزء الكبير من مشكلة الهجرة، وفقاً لآراء بعض المحللين، وبالتالى يجب الاستفادة من مساهمتهم فى الاقتصاد، فقد أشارت بعض الإحصاءات إلى أن مساهمة الطلاب الأجانب للاقتصاد البريطانى تبلغ ثمانية ونصف مليار جنيه إسترلينى سنوياً. تتمثل الناحية الأمنية من مخاوف السلطات من استغلال تنظيمات مثل القاعدة سهولة حصول الطلاب الأجانب على تأشيرات من أجل استخدامهم فى ضرب المصالح الغربية فى عقر دارهم، هناك أمثلة على ذلك مثل اتهام عشرة طلاب من أصول باكستانية من قبل السلطات البريطانية بالتخطيط للقيام بأعمال مسلحة فى شمال غرب إنجلترا فى أوائل عام 2009، ومحاولة الطالب عمر فاروق عبدالمطلب تفجير الطائرة فى ديترويت مثال آخر على سوء استخدام التأشيرات الدراسية. أما الناحية الانتخابية فتتجسد فى محاولة حكومة حزب العمال أن ترفع أسهمها بين المواطنين الذين يشعرون بالأثر السلبى الكبير عليهم من جراء الهجرات الاقتصادية، هل ستنجح تلك الإجراءات فى المساهمة فى حل مشكلة الهجرة، هذا ما ستكشف عنه الفترة القادمة. أكاديمى مصرى فى بريطانيا