تجلس على «الطشت»، تستقبل الملابس بقبضة قوية وذراع مليئة ب«الغوايش». تبتسم للصابون المتطاير فى كل مكان، وتدعك الهموم والعرق والأتربة مع الملابس فى «طشت» يحتمل «غشم الصبايا». هذه هى الصورة التى رسمها كليب الفنانة نانسى عجرم، فتاة الطشت الأولى. تحدث الكليب عن قصة حب «ملتهبة» رغم مياه الغسيل، وتدور الأحداث، بينما نانسى مشغولة بالغرام عما سواه. البهجة التى بدت على الفنانة فى الكليب ليست غريبة عن بهجة «يوم الغسيل» فى شقق العازبات، فى الغالب تفرقهن الأحلام غير المكتملة ويجمعهن «يوم الغسيل». ولأن الحياة ليست «كليب»، ولأن العازبة ليست «بيضاء ملفوفة القوام تشارك فى الأثاث وتقدس الحياة الزوجية» كان على «الطشت» أن يتحول إلى غسالة متوسطة الجودة وكان على نانسى أن تترك شيئاً من «المرح» فى كل يوم غسيل. «باخد أجازة من الشغل، وأقعد أستنى البنات لما دى ترجع من الجامعة ودى تبطل ودودة فى التليفون، ساعات بيتلككوا عشان ما حدش يساعدنى بس أنا باعرف إزاى أخليهم يغسلوا معايا ولو بالغصب». هكذا تتحدث صفاء (31 عاماً)، مدرسة التربية الموسيقية بمدرسة فى عين شمس. تركت صفاء بيتهم فى البحيرة، وخرجت تبحث عن نفسها وعن فرصة عمل جاءتها عبر إعلان صغير فى جريدة. لم تنتقل صفاء كثيراً بين «الشقق» فوجودها دائماً محاط بمحظورات اجتماعية جاءت بها من البحيرة، وتصر عليها فى قاهرة المعز. بدأت حياتها بالعثور على شقة مكونة من غرفتين وصالة. وبصنعة لطافة تحدثت إلى سماسرة المنطقة فعاشت مع 3 طالبات جامعيات. فى الشقة تجلس صفاء كسيدة بيت حقيقية، وتتعامل مع «دلع البنات» بقليل من الحزم وكثير من «الأمومة». «بس فيه حاجات مافيهاش دلع، بالذات الغسيل، إحنا إخوات آه لكن ماحدش بيشتغل عند حد». على غسالة إيديال عادية تتجمع الفتيات الأربع مع أكوام من الملابس، صفاء تنظم «الدور» وتتحسب من خلط «البياضات» مع الملابس الأخرى. ورغم «أمومتها» فإن «الغسيل يحب الفرفشة، كان معانا بت اسمها رشا - الله يمسيكى بالخير يا رشا - كانت ما تغسلش إلا لما تشغل الكاسيت بعلو الصوت، وأقعد أقولها يا بت الناس والجيران، فتعلّى الصوت أكتر.. بعد كده اتعودت أنا كمان». تختلف صفاء عن يارا، الطالبة بكلية الألسن جامعة عين شمس، ف«يارا» أتت من أبوظبى وحيدة إلا من عمة قليلة التعليم والحيلة تسكن العمرانية. لم تعرف «يارا» الراحة هناك فبحثت عن مكان «بناويتى» يناسب «دماغها». مسحت «يارا» مناطق بأكملها، ساعدتها «الحوالات» المستمرة فى العثور على شقة فى مساكن أعضاء هيئة تدريس جامعة عين شمس فشاركت طالبتين بالجامعة فى شقة شهدت خطواتها الأولى مع «يوم الغسيل». «أنا عمرى مابشغل دماغى بالحوارات دى، ماما كانت بتعمل كل حاجة، الأول كنت بروح لعمتى بهدومى عشان تتغسل أو أرجع إسكندرية، لحد ما جه وقت الامتحانات، كانت أول سنة لىّ لوحدى فى مصر. وكنت خايفة أوى، لقيت زميلتى فى الشقة – وهى أكبر منى – بتلم الهدوم فقمت معاها، كانت أول مرة أعرف يعنى إيه يوم الواحدة فيه تفضّى نفسها من كل حاجة وتروق بيتها، يومها قعدنا على الأرض بعد هدة الحيل وإحنا بنضحك على منظرنا وبنحكى عن كل حاجة». حالة الفضفضة والمرح فى يوم الغسيل تجعله «ويك إند بالصابون» لأحداث الأسبوع كله، فبينما تدور الغسالة محاولة انتزاع البقع من الملابس، تأتى الحكايات «اللى تهلّك من الضحك» وتخرج النكات من مخبئها، وتجد الفتيات العازبات فرصة أسبوعية للدردشة والفرفشة والشعور ولو ليوم واحد بالونس.