كان عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين صادقاً مع نفسه عندما كتب سيرته الذاتية فى رائعته الخالدة «الأيام» التى تعد من دُرر الأدب العربى. ويحسب لهذا العملاق أنه قد أغلق باب الاجتهاد أمام الآخرين عندما يتعلق الأمر بسيرته الذاتية.. وفيما يتعلق بنصفه الآخر السيدة/ سوزان لم ينس أنه شرقى ومن صعيد مصر، ولهذا فإن دلالات ما كتبه فى «الأيام» وبين السطور تؤكد أنه عاش قصة حب رائعة تُوجت بالزواج ممن أحبها وأحبته، وكان الزواج فى 9 أغسطس سنة 1917.. القصة تستحق التأمل لاسيما أن حبيبته (الفرنسية) قد تركت باريس عاصمة النور لتتزوج من شاب مصرى فاقد للبصر، لتكون عينه التى يُبصر بها، ولتشاركه قصة كفاحه الأسطورية عبر ستة وخمسين عاماً، إلى أن رحل فى أكتوبر سنة 1973.. وعقب رحيل طه حسين كتبت سوزان سيرتهما الذاتية معاً وسمتها (معك!)، وهذه السيرة التى صدرت باللغة الفرنسية، وترجمت لاحقاً إلى اللغة العربية، من أجمل وأروع ما كتب على الرغم من أنها لم تكن أديبة، وكان كتابها حول حبيب العمر هو الكتاب الأول والأخير.. ومن أجمل ما تضمنه كتاب (معك) المراسلات المتبادلة بينهما، فقد كتب إليها: (بدونك أشعر أنى أعمى حقاً.. أما وأنا معك فإنى أتوصل إلى الشعور بكل شىء وإلى أن أمتزج بكل الأشياء التى تحيط بى!!).. وكتبت سوزان معبرة عن حالتها بعد رحيل طه حسين قائلة: (ذراعى لن تمسك بذراعك أبداً.. ويداى تبدو لى بلا فائدة.. بشكل محزن.. فأغرق فى اليأس!).. وأوجزت سوزان قصة حبها الأسطورية (معه) قائلة: (وكان الذى بيننا أكثر من حب!).. ولهذا فإن رائعة (معك) تعد مع (الأيام) تخليداً لقصة حب خالدة، ما أحلى الرجوع إليها بعدما ولى زمن الحب الجميل لتصاب مشاعر البشر بالجدب! أحمد محمود سلام - بنها