فى تطور إيجابى كبير أنجزت الجمعية التأسيسية الصومالية دستورا مؤقتا للبلاد قد يخرجها من النفق المظلم الذى عانت منه لعقود على الرغم من أن التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية لا تزال تمثل مصدر قلق لكل الصوماليين. وفى مؤتمر عقد فى العاصمة الصومالية مقديشيو الأسبوع الماضى أقر زعماء الصومال دستورا جديدا للبلاد، الأمر الذى يمهد الطريق أمام وضع نهاية للعنف، وعودة الاستقرار للصومال الذى مزقته الحرب. وأجرى المشاركون فى المؤتمر مناقشات قبل أن يقروا مسودة الدستور التى تعد خطوة على طريق تعافى الصومال. وقال الرئيس الصومالى شيخ شريف أحمد فى المؤتمر: «اليوم يوم عظيم لكل الشعب الصومالى لأنه آخر يوم فى الفترة الانتقالية بالصومال. أطالب المجتمع الدولى بأن يساعد الشعب الصومالى على إنهاء الفترة الانتقالية». وتقضى خريطة الطريق السياسية بتشكيل حكومة شرعية تضم كل العشائر فى البلاد بالإضافة إلى برلمان جديد وجمعية دستورية لتحل محل المؤسسات التى غرقت فى الفساد والاقتتال الداخلى. وقال الرئيس الصومالى شيخ شريف أحمد للوفود المشاركة: «أشكر الزعماء على صبرهم وأطلب منكم تعيين أعضاء جدد بالبرلمان فى غضون أسبوع». لكن ومع انعقاد المؤتمر هاجمه انتحاريان غير أنهما فشلا فى وقف تصويت الأعضاء على مسودة الدستور، لكن الحادث يؤكد أن جماعة الشباب المتطرفة التى تنتهج العنف مازالت متواجدة. وأعلنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم زاعمة أنها نجحت فى قتل أفراد من القوات الصومالية والتابعة للاتحاد الأفريقى. وأقرت الجمعية الوطنية التأسيسية للدستور الصومالى المؤلفة من 825 عضوا الدستور بالتصويت برفع الأيدى. وسيحل الدستور الجديد محل الوثيقة الاتحادية الانتقالية ويؤدى إلى إنهاء العملية الانتقالية يوم 20 أغسطس الجارى. وقال عبدالرحمن حوش جبريل، وزير الشؤون الدستورية الصومالى: «نحن سعداء للغاية أن الأمر انتهى على نحو جيد وأن 645 عضوا حضروا من بين 800 من أعضاء الوفود وأن 621 عضوا من الحضور صوتوا ب(نعم) وصوت 13 ب(لا) وامتنع 11 عن التصويت». وتسيطر الحكومة الانتقالية الحالية للرئيس شيخ شريف أحمد الآن على معظم أرجاء مقديشيو لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد سياد برى عام 1991، لكن سيطرة حكومة شيخ شريف على بقية أنحاء الصومال محدودة حيث تهيمن حركة الشباب الإسلامية المتشددة وأمراء الحرب على معظم البلاد. وواجهت الحكومة الصومالية وفق خريطة الطريق المدعومة من المجتمع الدولى تحديات مختلفة أبرزها الأزمة المالية التى تعانى منها الحكومة، والتحديات الأمنية والإرهاب والجفاف الذى تسبب فى أكبر أزمة غذاء تعانى منه البلاد. وقال الناطق الرسمى باسم الحكومة الانتقالية فى الصومال عبدالرحمن عمر عثمان: «توجد تحديات كثيرة أمام الحكومة الانتقالية أبرزها عدم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان المناطق المحررة من قبضة حركة الشباب المجاهدين». واتهم الهيئات والمنظمات الدولية العاملة فى المجال الإنسانى بعدم التحرك على وجه السرعة نحو المناطق الجديدة التى تقع تحت سيطرة الحكومة. وشن «عبدالرحمن» هجوما قويا على المجتمع الدولى بقوله: «فشل المجتمع الدولى فى تنفيذ وعوده المالية للصومال»، وأشار إلى وجود أزمة مالية تحيط بالحكومة لكن الخطر الأكبر فى حركة الشباب الصومالية رغم نجاح الجيش وقوات حفظ السلام الأفريقية فى تحيق مكاسب على حساب الحركة التى ترفض إحلال السلام وعودة الاستقرار إلى البلاد.
