تألقت أمريكا الجنوبية ككبرى القوى القارية كرويا بعد أن حصدت نصف مقاعد دور الثمانية لمونديال جنوب أفريقيا، بتأهل البرازيل والأرجنتين وأوروجواى وباراجواى، لتتحول البطولة إلى ما يشبه نسخة من كأس أمم أمريكا الجنوبية«كوبا أمريكا»، وقد شهدت دعوة بطل ووصيف أوروبا، إسبانيا وألمانيا على الترتيب، ومنتخبى هولندا وغانا. وقبل ثمانى مباريات على انتهاء أول مونديالات جنوب أفريقيا، يبدو تفوق كرة أمريكا الجنوبية واضحا، حيث تتلقى الإشادة من جميع جنبات الأرض. وأعرب السويسرى جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) عن إعجابه بأداء أمريكا الجنوبية، وكذلك رياضيون مشاهير مثل العداء الجامايكى أوسين بولت، أسرع رجل فى العالم، ونجم كرة السلة كوبى برايانت، الفائز بخمسة ألقاب فى دورى كرة السلة الأمريكى للمحترفين (إن. بى. إيه)، انبهروا بالنجاح الكبير لفرقها. وكانت باراجواى، الحاضرة للمرة الأولى فى الدور ربع النهائى للمونديال بعد الفوز على اليابان بركلات الترجيح، آخر فرق القارة انضماما إلى الثمانية الكبار، بعد أن سبقتها منتخبات أوروجواى والأرجنتين والبرازيل التى تعرف ما يعنيه الفوز بكأس العالم. ويعيش اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) فى جنوب أفريقيا أفضل أوقاته على مدار عمره الذى يبلغ 93 عاما: فأربعة من الاتحادات العشرة المحلية الأعضاء به تلعب فى دور الثمانية للمونديال. وبقيادة البرازيل، أبطال العالم خمس مرات، تحتل كرة أمريكا الجنوبية مقعد الصدارة فى أول مونديالات القارة السمراء، ومن بين ثمانية منتخبات لاتزال هناك أربعة، وكان من الممكن أن تزيد لولا اصطدام تشيلى بالبرازيل، كما خسرت أمريكا اللاتينية بمواجهة المكسيك والأرجنتين. وتحسن البرازيل، صاحبة الرقم القياسى بخمسة ألقاب ومتصدرة تصنيف الفيفا، صورتها كلما مضت البطولة. وبالفوز الحاسم على تشيلى بثلاثية بيضاء أكد فريق المدرب كارلوس دونجا حظوظه كأقوى المرشحين، رغم أن الأرجنتين، ولها أسبابها، قد تؤكد أنها الأحق بهذه المكانة. فعلى خلاف البرازيل التى خسرت نقطتين فى الدور الأول بالتعادل مع البرتغال سلبيا، تمكنت الأرجنتين من حسم مبارياتها الأربع بانتصارات، كان آخرها 3-1 على المكسيك، الذى شهد واحدة من إحدى أكثر اللعبات إثارة للجدل فى البطولة: هدف كارلوس تيفيز الذى جاء من تسلل واضح. وكان على بلاتر أن يعرب عن أسفه للاتحاد المكسيكى بسبب خطأ الحكم الإيطالى روبرتو روزيتى، ولإنجلترا بسبب الهدف الذى لم يحتسبه حكم أوروجواى خورخى لاريوندا للاعب فرانك لامبارد رغم تخطى كرته خط المرمى الألمانى. وكانت اللعبتان واضحتين والفضيحة مخجلة حتى إن بلاتر، الذى لم يكن قد تزحزح عن موقفه برفض استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة فى التحكيم، اضطر للتراجع وإعلان إعادة فتح النقاش القديم حول إدخال التكنولوجيات الجديدة إلى عالم الساحرة المستديرة. ورغم الأداء المتراجع لأوروبا فى مرحلة المجموعات، تمكنت القارة العجوز من تسجيل حضور قوى فى دور الثمانية، فألمانيا بطلة العالم ثلاث مرات خطت بثبات بالفوز على إنجلترا 4-1 فى دور الستة عشر، حتى لو بمعاونة تحكيمية. وتتحسن إسبانيا ببطء، وقدمت أمام البرتغال أداء أقرب للذى أحرزت به اللقب الأوروبى وصدارة تصنيف الفيفا لفترة. أما هولندا، وصيفة كأس العالم مرتين متتاليتين (1974 و1978)، فتمتعت بطريق سهل حتى الآن، لكن البرازيل تنتظرها فى واحدة من أكثر المباريات التى قد تقدمها الكرة حاليا إثارة. وأخيرا تسعى أوروجواى، أول بطل للعالم والعائدة إلى الأمجاد من بعيد، إلى العودة إلى الدور قبل النهائى بعد 40 عاما من الغياب، أمام النجوم السوداء، الذين ينتظرهم أيضا إنجاز تاريخى فى حالة الفوز، حيث ستصبح غانا أول متأهل أفريقى إلى المربع الذهبى للمونديال.