يبدو أن انخفاض أسعار النفط عالمياً يعد سلاحا ذا حدين بالنسبة للاقتصاد المصري، فهو من جهة سيقلل عجز الموازنة بنسبة كبيرة جداً، وفي الوقت نفسه قد يحرم مصر من الدعم السخي الذي تتلقاه من الدول الخليجية، وقد يؤثر على مؤتمر المانحين المزمع عقده في الأيام المقبلة، فيما تصر الحكومة المصرية على أن التراجع في أسعار النفط يصب في مصلحة الاقتصاد المصري. ويرى خبراء النفط أن انخفاض أسعار النفط سيقلل عجز الموازنة المصرية التي وضعت على أساس أسعار مرتفعة للبترول بنحو 105 دولارات للبرميل، ومن الممكن أن تستفيد بشكل كبير، عن طريق شراء النفط الخام من الدول المجاورة وتكريره داخل المعامل المصرية، وإعادة تصديره مرة أخرى كمشتقات بترولية. ومن ناحية أخرى من المتوقع أن تقل المساعدات الخليجية لمصر، خاصة أن دول الخليج بدأت تعد خططاً جديدة لتقليص الإنفاق، وقد يؤدي تراجع أسعار النفط إلى تردد المستثمرين الخليجيين في الاستثمار في الاقتصاد المصري، ما قد يؤدي إلى ضعف الحصيلة المتوقعة من مؤتمر المانحين المزمع عقده في شرم الشيخ خلال الأيام المقبلة. فيما يرى خبراء اقتصاد أن مصر لن تستفيد من انخفاض أسعار النفط نهائياً، موضحاً أنها تستورد مشتقات البترول وليس النفط الخام، وهذه المشتقات لم تنخفض أسعارها، إذ تستورد مصر نحو 50% من البوتاجاز و40% من السولار و10% من البنزين، وبالتالي لن تستفيد من تراجع الأسعار. وأن مصر صدّرت 4.4 ملايين طن من البترول الخام العام الماضي من حصة الشريك الأجنبي، أي ما قيمته نحو 3.5 مليارات دولار، وبالتالي مع انخفاض أسعار النفط نجد أن مصر خسرت نحو 1.1 مليار دولار. وأن كل المشتقات التي تستوردها مصر حتى مارس المقبل بالأسعار الآجلة القديمة، فضلاً عن أن أسعار المشتقات التي تستوردها لن تتراجع كثيراً بالسوق العالمية كما أن مصر كانت تنتظر نحو 10 مليارات دولار من الدول الخليجية، في المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده الشهور المقبلة، وهذه الاستثمارات مهددة بالتراجع مع تراجع أسعار النفط. ولا شك أن خسارة البورصة المصرية لمليارات الجنيهات الأيام الماضية، خير دليل على الخطر الذى يمكن أن يلحق بالاقتصاد المصري، فقد حدثت هذه الخسارة نتيجة المناخ التشاؤمي الذي يسيطر على السوق نتيجة انخفاض الأسعار العالمية للنفط والتوقعات بمزيد من الانخفاض. كما أن تحويلات المصريين في الخارج لن تتأثر بشكل كبير نتيجة هذا الانخفاض في أسعار البترول، فالعمالة المصرية تنتشر في كافة دول العالم، وما ينخفض في مكان قد يزيد في مكان آخر، مشيرا إلى أن الاقتصاد الراكد في أوروبا وأميركا قد يصيبه بعض الازدهار والانتعاش نتيجة انخفاض أسعار النفط، وهذا قد يؤدي إلى زيادة دخول المصريين العاملين في هذه الدول، وبالتالي زيادة تحويلاتهم للوطن. كما اعتبر رئيس لجنة الطاقة في اتحاد الصناعات، تامر أبوبكر، أن تراجع أسعار النفط يصب في مصلحة مصر، كونه سيوفر بحدود 60 إلى 70 مليار جنيه على الأقل في فاتورة الدعم، كما أنه سيقلل فاتورة الاستيراد من الدول الخليجية حيث أن الكميات المستوردة تقترب قيمتها من 1.3 مليار دولار شهريًا. فيما قال اخرون إن تراجع أسعار البترول يحقق تحسناً كبيراً في ميزان المدفوعات المصري، وأن هذا التراجع جعل أسعار بنزين 92 و80 غير مدعومة تقريبا، طبقاً للانخفاض الذى حدث في أسعار المنتجات البترولية، وذلك لدخول المكونات المحلية من حصة الدولة والتي تقيم بتكلفة إنتاج الزيت الخام ونقله إلى معامل التكرير، وتكلفة تكريره وتجهيزه نحو 11 دولاراً للبرميل. كما أن انخفاض الأسعار عالمياً تسبب في انخفاض أسعار السولار عالمياً، وهذا يعني تقارب سعر بيع السولار مع التكلفة الفعلية الشاملة لأسعار الاستيراد الفعلية، وكذلك تكلفة الإنتاج المحلي، وبمعنى آخر انخفاض قيمة دعم السولار بشكل كبير، خاصة أن السولار يعتبر المنتج البترولي الأكثر استهلاكاً في مصر. المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية