ستظل ذكرى برائحة "الدماء"، مزينة ب"السواد"، حتى "القصاص"، مر عامان على أحداث "محمد محمود"، وقعت اشتباكات، واكتست السماء بسحابة من دخان قنابل مسيلة للدموع، فوارغ الطلقات، تفترش الشوارع، صعدت عشرات الأرواح إلى خالقها، أصيب المئات، وفقدت الأعين، وسالت الدماء، هكذا كان شارع محمد محمود "عيون الحرية، منذ عامين. فى الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود، 19 نوفمبر، ترتفع الأعلام المصرية، فى محاولة لإحياء ذكرى 1990، عندما صعد المنتخب المصرى لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم، حيث مباراة العودة مع منتخب غانا، والذى أقترب فعليا من الوصول إلى مونديال البرازيل 2014، بعد فوزه على مصر "6 – 1" فى مباراة الذاهب بأكرا. وفى نفس اليوم 19 نوفمبر، يحتفل الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، والنجم الشعبى الأول فى ثورة 30 يونيو، بذكرى عيد ميلاده، هذه مناسبة لن تكون شخصية ف"السيسى"، يملك الآن العديد من المهووسون بشخصه، والذىين قرروا الاحتفال بذكرى مولده من خلال احتفاليات، ومظاهرات تأييد لشخصه، وأخرى تعبر عن امتنانها له بعد أن خلصهم من حكم جماعة الإخوان المسلمين، حسب وصفهم. على الجانب الآخر والذى يضم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى الرافضين لوجود السيسى، ومعارضين لما اسموه "الانقلاب العسكرى"، فقد أعلنوا النزول فى يوم 19 نوفمبر، للاحتفال بذكرى "محمد محمود"، - بعيدا عن مشاركتهم فى اصل الاحداث من عدمه-، هم يرون أنهم يدافعون عن الثورة، وان المتسبب فى هذه الأحداث "صديقهم القديم، وعدوهم الحالى". 19 نوفمبر اختبار "الداخلية" يرى الكثيرين أن اليوم هو اختبار حقيقى لقدرة "الداخلية"، على عودة الأمن والسيطرة على أى اعمال عنف قد تشتعل، حيث تتفرق أفراد الأمن مابين برج العرب، حيث مباراة المنتخب ، وميدان التحرير، حيث شارع محمد محمود، واحتفالات الثوار، خاصة وأنهم يروا أن هناك "ثأر" بينهم وبين السلطات الحاكمة للبلاد "المجلس العسكرى"، وأنهم المتسببين فى تلك الأحداث، وعلى الجانب الثالث، يوجد أنصار جماعة الإخوان، ومؤيدى الرئيس المعزول، حيث أنها آحدى الفرص المتاحة للرافضين ل"30يونيو"، لجمح سطوة الفريق السيسى. وسط تلك الأحداث مطلوب من قوات الأمن أن تكون فى أعلى درجات الحذر، لتأمين بعثة الضيف الأفريقي، خاصةً أن المباراة تحظى باهتمام عالمي كبير، ويأتى يوم 19 نوفمبر، بعد أيام قليلة من انتهاء العمل بحالة الطوارئ، وتسعى وزارة الداخلية إلى التخفيف من حدة حالة القلق التي يعيشها الشارع المصري، بالتأكيد المستمر على استعداد الأجهزة الأمنية بإحكام السيطرة الأمنية للبلاد. وحذرت الوزراة من استغلال جماعة الإخوان للتجماعت الكبرى التى ستشهدها البلاد فى ذلك اليوم، خلال المظاهرات التي دعت إليها الجماعة، لافتا إلى أنه تم وضع كاميرات مراقبة ذات قدرة فائقة على تصوير الوجوه بملامحها الدقيقة، للتعرف على هوية أي شخص يفكر في التعدي على تلك المنشآت، وضبطه على الفور، بالإضافة إلى نشر "مجموعات مسلحة" على تلك المنشآت، لإجهاض أي محاولة للتعدي عليها أو اقتحامها. "محمد محمود" و "الإخوان" تحاول قوى سياسية، استغلالها لمصالح شخصية، وحزبية، حيث يحاول من رفض المشاركة فى الأحداث ذاتها، ووصف ابطالها ب"البلطجية"، المشاركة فى الذكرى، كمحاولة، للهروب من حقيقتهم التى ظهرت للشعب، حيث تسعى جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"، لاستغلال الذكرى والضغط لعودة الرئيس المعزول محمد مرسى مرة أخرى، وإشاعة الفوضى فى البلاد. انقسام ثورى تستعد العديد من القوى الثورية والسياسية، للتنسيق فيما بينهم بشأن كيفية إحياء الذكرى والمطالبة بالقصاص لشهداء محمد محمود، بصفة خاصة، وثورة يناير فى العموم. وترفض بعض القوى والنشطاء، النزول لإحياء هذه الذكرى فى ذلك اليوم، تخوفاً من ان يعقبه أحداث شغب واشتباكات وإسالة دماء جديدة، بينما يبدو البعض متخوف من جماعة الإخوان، والتى أعلنت النزول فى الميادين لإحياء الذكرى والقصاص للشهداء، رغم تأكيد الثوار على أن فصيل الجماعة خان الثورة بعدم النزول في محمد محمود واتهمم في الوقت ذاته بالبلطجة والاعتداء على الوزارة بمجلس الشعب. والغريب هنا ان يرفض أحمد حرارة، وكيل مؤسسي حزب الدستور، الذى فقده عينه الثانية في أحداث محمود محمد، وعدد من مصابي وأهالي الشهداء، المشاركة في ذكرى "محمد محمود"، بحجة أن "الإخوان" ستسعى لاستغلال اليوم لأغراض عبثية، معلنا عن الاحتفال بميدان عابدين يوم 18 نوفمبر بالقرب من بيت الشهيد جابر صلاح " جيكا"، للتجنب وقوع اشتباكات مع الداخلية. بينما أعلنت عدد من الحركات الثورية مشاركتها فى ذكرى أحداث "محمد محمود" من أبرزها : جبهة طريق الثورة، 6 إبريل "الجبهة الديمقراطية"، والاشتراكيين الثوريين، وحملة مرشح الثورة. شموع "السيسى" عشاق السيسى، أو المهوسون، بوزير الدفاع، ومؤيديه من جميع الفئات، ينتظروا أى مناسبة للتعبير عن مدى أهمية قائد القوات المسلحة، "كمل جميلك"، و "السيسى رئيسى"، وآلاف المواطنين ينتظروا يوم 19 نوفمبر، للاحتفال بعيد ميلاد منقذهم من جماعة الإخوان، حسب وصفهم، حيث بدأت الاستعدادت فى العديد من الميادين لأعلان التأييد وإشعال الألعاب النارية، لرد الجميل، والمشاركة فى الاحتفال، تحت شعار "كل سنة وأنت طيب ياسيسى". وفى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد، من رفض إخوانى، لوجود السيسى، وغضب مكتوم من الرافضين لوجود نجوم عسكرية فى سد الحكم، يأتى الاحتفال، الذى تلقى منظموه العديد من التهديدات من عناصر مجهولة، بالتفجير، فى حالة الإصرار على إقامة الحفل، لينضم إلى سابقيه، ذكرى "محمد محمود"، ومباراة المنتخب الوطنى مع غانا، ليجتمعوا فى اختبار حقيقى وصعب لقدرة وزارة الداخلية فى السيطرة على الأوضاع الأمنية فى البلاد.