استمعت هيئة محكمة الرئيس السابق مبارك برئاسة المستشار أحمد فهمي رفعت رئيس الدائرة الخامسة التي تنظر القضية على مدى ساعتين إلى مرافعة تاريخية من المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة ممثل النيابة بالقضية. وقال سليمان في مرافعته "إن المتهم الأول حسني مبارك صنع نظاماً فاسداً دمَّر الحياة السياسية، وكرَّس جميع جهوده في العقد الأخير من ولايته لإتمام مشروع توريث نجله جمال، وترك الفساد ينتشر في ربوع الوطن بدون محاسبة، وزوَّر الانتخابات البرلمانية والمحلية وأطاح بكل من يتمتع بقدرة شعبية وذهبت النزاهة والشفافية عندما فضَّل المتهم ولايته الشخصية على المصلحة العامة". وأضاف سليمان "ان الرئيس السابق تبنى سياسات اقتصادية فاسدة نتج عنها إرتفاع الأسعار وظهرت طبقات معدمة لا تجد قوت يومها واتسعت الفجوة والفوارق بين الطبقات، وتقهقر الدور الإقليمي والدولي لمصر، وفقدت مكانتها في ظل حكم ذلك المستبد". وتابع ممثل النيابة، أن المتهم الثاني الهارب رجل الأعمال حسين سالم الصديق الشخصي للمتهم الأول، استغل قربه من مؤسسة الرئاسة، واستولى على فيللات ومنتجعات بأقل الأسعار بمواقع متميزة في الدولة. وعن المتهم حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، قالت النيابة "إنه أطول وزراء الداخلية عهداً، صنع نظاماً أمنياً مستبداً، وفرض قبضته بالباطل لخدمة نظام مبارك، وترك مصلحة الشعب، واستخدم جميع السبل القمعية، واتبع سياسات أمنية خاطئة، وبسط سلطان الأمن وزاوجه بالحزب الوطني المنحل، وكرَّس كل أجهزة الشرطة لإعداد مشروع التوريث". وأكد المحامي العام الأول لنيابات الاستئناف في مرافعته "أن مجموعات من خيرة شباب هذا الوطن خرجت للتظاهرات السلمية من أجل المطالبة بالحرية والكرامة بمنتهى الحرية والرقي، ولكن المتظاهرين فوجئوا ببعض رجال الشرطة ينهالون عليهم بالرصاص الحي والخرطوش لتفريقهم، وحينما فشلوا في ذلك قاموا بدهسهم بسيارات الشرطة، مما أدى إلى وفاة 225 شهيداً وإصابة 1365، ونتج عن ذلك تلفيات جسيمة بالمال العام في المنشآت الشرطية والحكومية". وطالب سليمان "باستعادة الكرامة والعدالة الاجتماعية التي سلبها نظام قمعي مستبد، تعامل مع أبناء الوطن بقلب قاسٍ مثل الحجارة، وذلك لمحاولة الرئيس السابق الحفاظ على سلطانه وعدم زوال عرشه". وأضاف " جئنا أمام المحكمة لنضع بين يديها الماضي والحاضر والمستقبل في ظل الظروف التي نعيشها، نتيجة الانفلات الأمني والغياب الواضح للمؤسسات الشرطية، فهذه المحكمة مستقبل مصر وتكون عبرة لمن يتقلد موازين الحُكم بعد ذلك". وسرد سليمان وقائع الدعوى منذ بدء التظاهرات السلمية في أكتوبر 2010، بعد تزوير انتخابات مجلس الشعب، مروراً بأحداث 25 يناير، ووصولاً بقتل المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي. واستمعت المحكمة اليوم إلى مرافعة النيابة، التي فصلت حديثها في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها مبارك والعادلي ومساعديه من قيادات الداخلية، عن قضية الكسب غير المشروع، المتهم فيها نجلا مبارك وحسين سالم رجل الأعمال المصري الهارب. وكانت محكمة جنايات القاهرة قد استأنفت، بوقت سابق اليوم الثلاثاء، نظر قضية قتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث الثورة المصرية المتهم فيها مبارك ونجليه علاء وجمال والعادلي وستة من كبار معاونيه وحسين سالم. وأثبت المستشار أحمد فهمي رفعت رئيس الدائرة الخامسة بالمحكمة التي تنظر القضية حضور المتهمين الذين مثلوا داخل قفص الاتهام. وكان مبارك وصل صباح اليوم إلى أكاديمية الشرطة بضاحية التجمع الخامس بالقاهرةالجديدة حيث مقر المحكمة على متن مروحية إسعاف مجهزة أقلته من "المركز الطبي العالمي" مقر إقامته، فيما وصل باقي المتهمين من سجن "مزرعة طرة" وسط حراسة أمنية مشدَّدة. وقال هاني الشرقاوي أحد المدعين بالحق المدني (محامي أسر شهداء ومصابي الثورة) ليونايتد برس انترناشونال،، إن عناصر من الجيش مدعمة بآليات عسكرية فرضت أطواقاً أمنية حول مقر المحكمة، فيما وضعت عناصر الأمن المركزي حواجز حديدية تفصل ما بين أسوار المحكمة وبين أعداد كبيرة من أسر "شهداء" ومصابي ثورة الخامس والعشرين من يناير الذين رفعوا لافتات تطالب بالقصاص من قتلة أبنائهم. ويواجه المتهمون تُهم القتل العمد والتحريض على قتل المتظاهرين السلميين خلال ثورة 25 يناير، والتربّح والفساد المالي والسياسي وهي تُهم تصل عقوبتها، في حال ثبوتها على المتهمين، إلى الإعدام وفقاً للقانون الجنائي المصري. وكانت الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات القاهرة قد استمعت أمس لطلبات الدفاع عن المتهمين ومن بينها طلب محامي اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية الأسبق للأمن المركزي بالإفراج عن جميع المتهمين على ذمة القضية. وقرَّر رئيس الدائرة الاستماع إلى مرافعة النيابة بالقضية خلال جلسات متتالية اعتباراً من اليوم الثلاثاء وحتى بعد غد الخميس.