خرج العالم المصري الحائز على جائزة نوبل أحمد زويل عن صمته ليطرح رؤيته للمشهد السياسي الحالي بمصر قائلاً :"أدت ثورة ملايين المصريين في 30 يونيو إلى استقطاب حاد، فالبعض يعتبر عزل الدكتور محمد مرسي انقلاباً عسكرياً ضد رئيس منتخب، والبعض الآخر يرى أنها ثورة ثانية أو استكمالاً لثورة 25 يناير، والإعلام الغربي يعرفونها بأنها انقلاباً عسكرياً، وعليه فينبغي معاقبة الجيش المصري بوقف المعونة الأمريكية. وأضاف زويل "المبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط للعلم والتكنولوجيا، في مقالته المنشورة في صحيفة "هافنغتون بوست" الأمريكية تحت عنوان "شفاء مصر": "الصورة ليست بهذه البساطة، فالموقف المصري الحالي يتخطى تعريفه بأنه "انقلاب"، والتفكير في علاج دولة لديها إمكانيات هائلة وتتبوأ موقعاً استراتيجياً وسط دول منطقة الشرق الأوسط المضطرب أصلاً. وأكمل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء القول "السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه بقوة على الساحة الآن: ما الذي يمكن فعله لمصر في الفترة الانتقالية الحرجة التي تمر بها راهناً، وسط هذا الاستقطاب الحاد؟". ويجيب عليه قائلاً: "هناك خطة عمل فورية مقترحة مقدمة حالياً من شأنها تغيير الوضع الحالي بمصر، تجعلها تمضي قدماً إلى الأمام". ويستطرد "وبكوني نشأت وترعرعت في مصر، لم أر قط البلد مقسمة على هذا النحو مثل اليوم، ونرى الآن تيارين سياسيين رئيسيين، تيار إسلامي، وتيار مدني أو ليبرالي، والجديد الحركة الشبابية، تلك الأكثر نشاطاً وقوة من الأحزاب الليبرالية الحالية، التي تستخدم أحدث أساليب وأدوات تكنولوجيا المعلومات مكنتها من انتفاضة المصريين وخروجهم بالملايين في الشوارع، لأنهم يطمحون في العيش داخل مصر قوية مزدهرة. من جانب يؤمن الليبراليون المصريون، على رغم نجاح مرسي في الانتخابات، بفشل الإخوان المسلمين في تطبيق أبسط صور العملية الديمقراطية، لأن مرسي لم ينجح بالمرة في توحيد الأمة وتنصيب نفسه رئيساً لكل المصريين. ويستدل علي ذلك بتعيين مرسي أشخاصاً ينتمون لجماعته في مناصب قيادية في الحكومة المصرية أو كما أُطلق عليها "أخونة الدولة المصرية" وإصدار مراسيم دستورية غير متوقعة، واصراره على الاحتفاظ بحكومة يراها الكثير "غير كفء"...كل هذه الأسباب دفعت حركة "تمرد" الشبابية إلى تجميع أكثر من 20 مليون توقيع تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة للإطاحة بمرسي. ومن جانب أخر يعتقد أنصار ومؤيدو مرسي أنه جاء للسلطة ديمقراطياً وأنه أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، ويجدون أن استكماله فترة رئاسته والدفاع عن حماية الشريعة والشرعية أمراً طبيعياً، من وجهه نظرهم. ويقول زويل إنه "لم يكن أمام الجيش سوى خيار واحد من اثنين، إما الدفاع عن مطالبة مرسي للبقاء في السلطة واهمال الملايين بجميع أنحاء جمهورية مصر العربية، في الوقت الذي تغرق فيه البلد اقتصادياً ومهددة أمنياً وتعم فيها الفوضى العارمة، أو التدخل لوضع الدولة في مسار جديد وحمايته دون التورط مباشرة في الحكم". ويمضي زويل قائلاً: "وأخيراً اختار الجيش المصري ماذا يجب أن يفعله، مشيراً إلى الخيار المغاير الذي انتهجته القوات المسلحة في ثورة 25 يناير. وللخروج من المأزق الحالي وعلاج الانقسام الذي تشهده الدولة، اقترح زويل خطة مؤلفة من 3 خطوات رئيسية: أولاً: وعلى الفور تشكيل مجلس للنظر في الدستور الأخير وتناول كافة المواد المختلف عليها، وفي غضون 3 شهور ينبغي تعديل الدستور وطرحه للشعب للاستفتاء عليه، وبالتالي استطاعت الدولة أن تتحد وتتفق على مبادئ مستقبلية متماسكة للمجتمع ومن ثم الاتفاق على انتخابات تلي إقرار هذه المبادئ. ثانياً: ضرورة إجراء انتخابات برلمانية قبل الانتخابات الرئاسية، وأيضاً في غضون 3 شهور سيتعرف المصريين على الهوية السياسية للبرلمان وأطيافه المشاركة، وسينبثق من الانتخابات الجديدة الأغلبية والأقلية، بما في ذلك الأحزاب المدنية الليبرالية والإسلامية. ثالثاً: أهم نقطة لإنهاء الاستقطاب الحالي والعنف تشكيل مجلس رئاسة عليا "مجلس أمناء" يتألف من ثلاث مجموعات، ثلث يمثله أحزاب مدنية، وثلث يمثله أحزاب إسلامية وثلث يمثله أحزاب مستقلة من الرجال والنساء الذين ليس لديهم أي انتماء لحزب، وتتكون كل مجموعة من 5 إلى 10 أشخاص كحد أقصى. ودعا زويل إلى أهمية معاملة الإسلاميين معاملة عادلة يتفق عليها ضمنياً ومحاسبة مرسي بالقانون، حتى تمر المرحلة الانتقالية بسلام، وأخيراً طالب زويل الإعلام بالرقي إلى مستوى الحدث الجلل، داعياً الكف عن الاستقطاب العكسي والعمل نحو التقارب وليس الاختلاف والانحراف. وقال زويل أن أحزاب الإخوان المسلمين والسلفيين قوة حقيقة داخل المجتمع المصري، مشيراً إلى أنه لن تنجح حكومة مدنية ليبرالية بعد انتخابات جديدة، إذا أجبر الإسلاميين إلى العمل مرة أخرى "تحت الأرض" باعتبارهم خصما، وستبقى البلد منقسمة. ونوه زويل إلى أنه يتضح جلياً أن حزب النور كان له رأياً نهائياً بشأن منصب رئيس وزراء الحكومة الانتقالية. وختم زويل مقالته أنه للوقوف على حل للمأزق الحالي الترفع عن تعريف وتسمية ما حدث في مصر، والادراك الفوري للقضايا الهامة الكامن في تقسيم البلاد وازدياد حدة العنف في شتى ميادين مصر، ودعا إلى تكاتف الجميع لبناء دولة ديمقراطية جديدة قائمة على التصالح والمصالحة والغفران، من أجل مصر، وليس من أجل حزب أو جماعة.