نفى الدكتور أحمد الطيب –شيخ الأزهر- أن تكون الدعوة إلى تطبيق الشريعة أو اتخاذ الإسلام مرجعية للدولة معناه الدعوة إلى إقامة دولة دينية بمفهومها الغربي حين يتم الفصل بين الدين والحياة. ولفت إلى أن الأزهر لا يشتغل بالسياسة وإنما لإقامة دولة مدنية دستورية ديمقراطية تعتمد على الشورى والعدل، "ولهذا لا مفر من توحيد المرجعية وهذا أمر ليس سهلا ولهذا لابد من التشاور المستمر مع الكنائس للوصول إلى صيغة للتفاهم الذي يستفيد منه المسلمون والمسيحيون علي حد سواء". وأوضح الطيب - خلال ندوة نظمتها مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع مشيخة الأزهر اليوم-الأحد- أن "الثقافة العربية والإسلامية قامت على التعددية وقبول الآخر وحماية أرواحه ودور عبادته طالما أنه لا يعادينا وهذا ما عجزت عنه الأديان والثقافات الأخرى وذلك لأن الإسلام يجمع بين حاجات الإنسان المادية والمعنوية وهذا ما جعل المسلمين الأوائل ينجحوا في إقامة أوسع وأكبر دولة في التاريخ خلال ثمانين عاما ولكننا لم نحافظ عليها بسبب التمزق والفرقة حيث ضاعت حقوق الإنسان ولم يعد مكرما بصرف النظر عن دينه أو لونه أو انتمائه العرقي بسبب جهل بعض المسلمين بتعاليم دينهم" وحذر شيخ الأزهر من خطر الانقسام الذي تعاني منه الأمة الإسلامية, وهو التناقض المصطنع بين التراث العربي والإسلامي والحداثة الغربية التي تنظر إلى الإسلام وتراثه على أنه يرمز إلى الرجعية والتخلف. وقال مدير مكتبة الإسكندرية د.إسماعيل سراج الدين إن وثيقة الأزهر أرست مساحة عريضة من الاتفاق بين المصريين جميعا، بصرف النظر عن توجهاتهم الفكرية، وتمتعت بقبول واتفاق غالبية القوى السياسية، الذين رأوا فيها تعبيرا عن التراث الفقهي والدستوري المصري. وأشار إلى أن المكتبة تأكيدا منها لقيمة هذه الوثيقة في رسم معالم المستقبل وتجاوز الاستقطاب الثقافي الحاد في المجتمع المصري سعت بالتعاون مع الأزهر الشريف في إصدار الوثيقة باللغة العربية، ولغات أخرى؛ مثل الإنجليزية والألمانية والتركية والفرنسية، وكذلك إصدارها بلغات أقل تداولاً مثل الصينية والأوردية والبوسنية والفارسية والإندونيسية والمالاوية، حتى يتمكن العالم من الإفادة من هذه الوثيقة المهمة. وأكد نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين -الدكتورعبد الله بن بيّه- أن مصر هى قلب العالم العربي، وأنه بصلاحها ينصلح حال دول المنطقة. وقال إنه كان يستشهد في لقاءاته في الغرب بمصر على أنها نموذجا للتعايش على مدار 14 قرنا، معربا عن تطلعه أن تظل نموذجًا تاريخيًا للتعايش. وقال إن وثيقة الأزهر جاءت في وقت مناسب؛ حيث إن الثورات تحتاج إلى أن يعقبها "هندسة" للمستقبل، وأن الأزهر مؤهل للاضطلاع بتلك المهمة إلى جانب النخبة المصرية. ومن جانبه، شدد الدكتور سامح فوزي -نائب مدير منتدى الحوار بالمكتبة -على ضرورة مواصلة الأزهر لتبني هموم الأقباط في مصر، وهو ما سبق أن بدأه الأزهر من خلال "بيت العائلة" الذي يحارب الفتنة الطائفية ويكشف أسبابها وجذورها، وتأكيده على أهمية وجود قانون خاص ببناء الكنائس يرفع أي شكل من أشكال التمييز أو الظلم.