أكد الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن مصر مفخرة الأمة الإسلامية والعربية دائمًا ورمزًا للتعايش بين مختلف الأجيال والثقافات لأكثر من 14 قرنًا، مشيرًا إلى أهمية وثيقة الأزهر لبناء الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة. وأضاف أن مصر قلب الأمة وعلامتها التاريخية التي ردت عن الأمة الغزاة من الصليبين والتتار والإنجليز وكل الحملات المناوئة التي هددتها وهددت العالم كله، موضحًا أنه لا صلاح للأمة إلا بصلاح مصر الأزهر وعودة رجالها إلى القيم السمحاء للإسلام. وشدد على أن وثيقة الأزهر تحتاج إلى خطة واضحة لتفعيلها، موضحًا أن الوثيقة تتحدث عن الشريعة الإسلامية بمبادئها الكلية ومن أهمها المحافظة على السلام والوحدة الاجتماعية وتفعيل الشورى وتحقيق الديمقراطية والاهتمام بتربية الأسرة المصرية كأحد دعائم بناء المجتمع الصالح القادر على التوافق في صياغة نهضة حقيقية. جاء ذلك خلال مؤتمر التوافق الثقافي في ضوء وثيقة الأزهر الذي نظمته مشيخة الأزهر بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية اليوم بمقر مركز الأزهر الدولي للمؤتمرات. وخلال المؤتمر، دعا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كافة قوى وأطياف الشعب المصري إلى توحيد المرجعية والتوافق الثقافي الذي يرتكز على ثوابت إسلامية صحيحة ومراعاة متغيرات العصر من خلال التنسيق بين رموز الثقافة والتعليم والأزهر والكنيسة والإعلام وكل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية لوضع تصور محدد للثقافة. وطالب بتحديد رؤية للشباب ترتبط بواقع المجتمع وإقرار الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية وصولاً إلى ثقافة جادة معبرة عن كل الحراك في المجتمع المصري. وحذَّر من حالة الفراغ الثقافي في المجتمع جراء التناقض المصطنع بين التراث وحداثة الغرب ومرجعياتها وعدم تحقيق التوافق بين التراث الإسلامي الأصيل والفكر الغربي الحديث الأمر الذي أدى إلى وقوع المجتمع في صراع بين التيارين وزاد من تخلف المسلمين والعرب عن ركب الحضارة الإنسانية لغياب الرؤية المشتركة عن تحقيق التوافق بين الأصالة والمعاصرة. وأشار إلى أن الثقافة الإسلامية تميزت بأنها ثقافة إنسانية تهتم بهموم وقضايا ووجدان الإنسان وكذلك لاهتمامها بحق الاختلاف في الرأي والاعتقاد وحرية التعبير وإقرارها التساوي بين الناس جميعًا بلا تفرقة في جنس أو لون أو دين موضحا أن الثقافة الإسلامية سبقت الثقافات الأخرى في تحقيق التقدم الحضاري غير أنها تراجعت لبعدها عن أصولها الحضارية. وشدَّد على ضرورة تعاون كل أفراد المجتمع لإعادة بناء مصر وانتشالها من الظروف التي تمر بها بعد ثورة 25 يناير لتعود درة الشرق وأم الدنيا وتواصل مسيرتها لدعم قضايا أمتها العربية والإسلامية موضحا أن وثيقة الأزهر هي النتاج الثقافي لمستقبل مصر. وحذَّر عدد من العلماء والمفكرين من أبرزهم المستشار طارق البشري الفقيه القانوني والدستوري ونائب رئيس مجلس الدولة سابقًا من الطابع الخصامي والخلاف الفكري بين مختلف التوجهات والشك والاتهام المتبادل بينهم. وأكد أن الأمم الناهضة وظفت الخلاف في صنع البدائل النهضوية ودفع الطاقات نحو التعددية الفكرية والولاء والإخلاص للوطن وإشاعة جو الثقة بين كافة القوى والأطياف بعيدا عن جو الشحن الذي يصنعه المغرضون، موضحاً أن هناك آفات يعاني منها الوطن عائدة إلى العهد البائد حيث تعمد النظام المخلوع ورئيسه على إضعاف الدولة وتفتيت وحدة الشعب وعرقلة بناء الدولة الديمقراطية والعبث بالقضايا المصيرية.