تناقلت وسائل الإعلام فى الأيام الماضية الأنباء التالية: يعقد بواشنطن فى الفترة من 21 حتى25 أكتوبر الحالى المؤتمر الدولى "مصر الثورة.. الطريق إلى الديمقراطية والتنمية" تنظمه الجمعية المصرية الأمريكية والجمعية المصرية للتغيير والديمقراطية، يرأس المؤتمر الدكتور عادل كباش رئيس الجمعية ويشارك فيه د.محسن خالد مؤسس تحالف المصريين الأمريكيين والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وعدد من ممثلى وأعضاء الكونجرس الأمريكى والمرشحين المحتملين لرئاسة مصر، ومنهم حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد البرادعى ومحمد سليم العوا وعمرو موسى وأيمن نور وحازم أبو إسماعيل، وأيضا عدد من ممثلى القوى السياسية ومنهم الدكتور سيد البدوى وهشام البسطاويسى وماهر هاشم وسمير عليش ونجيب ساويرس وجورج إسحق، وممثلى شباب الثورة ومنهم وائل غنيم وأسماء محفوظ ووليد الراشد وأحمد ماهر وسمير عبد الرحمن ومحمد عادل، إلى جانب ممثلى بعض المنظمات الدولية، والمؤتمر الوطنى العراقى.
وأوضح أمين محمود، المنسق العام للمؤتمر أنهم قاموا بتوجيه وجه الدعوة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ومساعدها وليام بيرنز، وعضوي الكونجرس جون ماكين وجون كيري، وتأكد حضور كل من جيري كولند وجيم موران عضوي مجلس النواب عن ولاية فرجينيا، إضافة إلى مشاركة عدد من الباحثين الأمريكيين في الشأن المصري ومنهم ميشيل دن ومارك لينش وناثان براون. وسيناقش المؤتمر التحديات التى تواجه الثورة المصرية وسبل تحقيق الأهداف التى قامت من أجلها، وأيضا حقوق التصويت والمواطنة للمصريين بالخارج، وحق كل مصرى فى اختيار ممثليه فى البرلمان، وأيضا من سيرأس الجمهورية، وكيف يكون الاختيار واعيا، وأيضا يتم طرح الآفاق المصرية الأمريكية لمستقبل مصر، ورؤى التيارات الدينية بالنسبة لمستقبل مصر، وسبل الحفاظ على مكتسبات الثورة، وتحقيق الديمقراطية فى مصر، وإنهاء حالة الطوارئ والوصول للاستقرار، وكيفية بناء مصر سياسيا واقتصاديا . كما ترددت بعض الأنباء على احتمال عقد مناظرات بين المرشحين للرئاسة)))
وهو خبر يذكرنا بما تقوم به أقسام شئون الأفراد فى أى مؤسسة من إجراءات، عندما تجرى كشف هيئة للمتقدمين للعمل لديها، لاختبارهم وتقييمهم واتخاذ قرار بشأنهم.
وكأننا بصدد مؤتمر أمريكى لإجراء كشف هيئة لأهم الشخصيات المحتمل تبوءها مقاليد السلطة فى مصر فى المرحلة المقبلة.
فالمؤتمر لن يكون مؤتمرا مصريا خالصا، بل سيتم بالاشتراك مع شخصيات مهمة فى الإدارة والكونجرس الأمريكيين بعضها شديد العداء للمصالح المصرية والعربية أمثال جون كيرى وجون ماكين كما أن المصريين فى الخارج يعيشون فى كل بلاد العالم ، فلماذا واشنطن بالذات؟ خاصة وهناك إجماع وطنى عام على حقيقة الدور الذى قامت وتقوم به الولاياتالمتحدة على امتداد عقود طويلة: بدءا من كونها العدو الاستراتيجى الأول لمصر وللوطن العربى منذ حربى 1967 و1973 وقيادتها لكافة الاعتداءات الصهيونية علينا فى الأربعين عاما الماضية وقيامها باحتلال الخليج العربى 1991 واحتلال العراق 2003 وهيمنتها الكاملة على الثروات العربية فى الخليج منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ثم إن النظام البائد الذى قامت الثورة لإسقاطه هو صناعة أمريكية صرفة ، تم بناؤه طوبة طوبة منذ منتصف السبعينات لخدمة المصالح الأمريكيةالغربية والإسرائيلية فى المنطقة. فهو كنزهم الاستراتيجى كما يرددون كل يوم. وهى أمريكا التى كادت أن تبارك جمال مبارك رئيسا لمصر لولا قيام الثورة المصرية. وهو ما قال عنه مصطفى الفقى المساعد السابق لحسنى مبارك أن رئيس مصر القادم يجب أن يلقى الموافقة الأمريكية والقبول الإسرائيلى وكأن شيئا بعد الثورة لم يتغير وكأننا لا زلنا نسعى لمباركتهم ونتسابق لتقديم أوراق اعتمادنا لهم. خاصة وأن دوائر صنع القرار الأمريكى لم تكف منذ الثورة عن التدخل فى شئوننا ومحاولة احتواء الثورة وتوجهاتها وهو ما ورد صراحة فى عشرات التقارير ، أهمها ما قمنا بنشره من قبل تحت عنوان ((المواصفات الأمريكية لحاكم مصر الجديد )) والتى تناولنا فيها ما ورد فى إحدى جلسات مجلس النواب الأمريكى من توصيات بأن تقوم الحكومة الامريكية بتحذير المصريين من انها ستقبل فقط التعامل مع حكومة لها مواصفات معينة وذلك للتأثير المبكر على الانتخابات المصرية المقبلة، على أن يكون من أهم مواصفاتها: السلام مع إسرائيل وتوسيع السلام في المنطقة ليشمل دولا أخرى وتحقيق الالتزامات الدولية بما في ذلك حرية الملاحة في قناة السويس والاعتراف بتقسيم السودان · والشراكة الثنائية مع الولاياتالمتحدة لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط وأفريقيا والبحر المتوسط هذا بالإضافة إلى عشرات الوفود الأمريكية العسكرية والاقتصادية والدينية والبرلمانية التى تهبط علينا يوميا للضغط والاحتواء والمراقبة والتجسس. وعشرات التهديدات الصريحة بربط المساعدات العسكرية لمصر بحزمة من الشروط التى تخص ملفات إسرائيل وكامب ديفيد والسياسة الخارجية والاقتصادية والاقباط وغيرها. وما أعلنت عنه سفيرتهم الجديدة آن بترسون من ملايين الدلارات التى تم صرفها فى مصر على جهات مدنية وسياسية لضمان انتقال آمن للسلطة فى مصر ، آمن من المنظور الأمريكى هذا بالاضافة إلى ما هو معلوم للكافة من الاختلاط والتداخل الكبير بين عديد من المؤسسات الناشطة فى أمريكا ومصر وبين أجهزة الاستخبارات الامريكية . كل ذلك وغيره الكثير لا يدع مجالا للشك أنه من الأحوط والأصوب والأشرف مقاطعة هذا المؤتمر من قبل شخصيات وجمعيات وطنية وردت أسمائها فى الأخبار المنشورة عن هذا المؤتمر، ومنهم شخصيات لا نشك فى إخلاصها ووطنيتها ، ومنهم من أعلن بالفعل رفضه للمشاركة. فبرجاء لا تذهبوا إلى مؤتمر واشنطن .