كلما اقتربت الانتخابات البرلمانية ظهر القصور الواضح فى علاقة الأحزاب بالناخب الذى تخطب وده، خاصة بعد أن صار أكثر دراية ومعرفة بالسياسة وعلى الرغم من تزاحم الفضائيات بالسياسيين لنقل ارائهم وتحليلاتهم إلا أن المحصلة تكون في النهاية صفر لدى رجل الشارع البسيط الذى يبحث عن حلول سريعة لمشاكله اليومية. "المشهد" تجولت ببعض المناطق البعيدة عن الأضواء لتعرف أي القوى السياسية أكثر حضورا وتأثيرا على الأرض، وكانت البداية من "صفط اللبن"، التي تجتمع فيها كل النقائض المصرية، فهي قرية بروح مدينة، جزء من القاهرة، لكنها تعيش خارجها بمعايير الخدمات و البنية التحتية . و تبعد "صفط اللبن" عن جامعة القاهرة ( منارة العلم ) خطوات، لكنها تعيش حالة من تزاحم الجهل بالفقر وبالأمراض، علما بأنها ظلت تابعة لمركز إمبابة لفترة طويلة ، قبل أن تنتقل تبعيتها لقسم بولاق الدكرور. و تكتظ صفط اللبن بالمساجد التي يسيطر عليها السلفيون، ومنها "الجامع الكبير, مسجد سيدى حسن, مسجد الرحمة". و قد أعطت هذه السيطرة افضلية للأحزاب السلفية، فلافتات حزب النور متواجدة بكثرة، و الخدمات التي يقدمها متغلغلة في مختلف الشوارع، بينما الشعارات التي تحمل وصايا إسلامية تحض على النقاب و اللحية و الالتزام بصلاة الفجر، مع صور لكبار شيوخ السلفيين كمحمد حسان و محمد حسين يعقوب و أبو اسحق الحويني .
ويرجع محمود الصفتى رئيس الرابطة السلفية بالقرية، هذا الانتشار للطبيعة المتدينة فطريا لدى سكان صفط اللبن، فحسب قوله فإن أصول القرية سلفية، و أضاف : " نحن نولى القرية اهتماما كبيرا وقريبا سنضع خطة كاملة للنهوض بها، وذلك بالتعاون مع حزب النور". وأضاف :" ستأتى هذه الخطة بالتوازي مع خدماتنا الاجتماعية الاخرى، التي تشمل دوريات أمنية وإغاثة طارئة "، منوها إلى أن السلفيين يستعدون لدخول المجالس الشعبية". وكشف الصفتي أن السلفيين سيقومون فى الفترة المقبلة بإقامة خزان مياه ثالث بالقرية وهذا ما سيمنع انقطاع المياه عن الجزء الغربى من البلدة. مع ذلك، يرى أهالي صفط الذين التقتهم "المشهد" أن "الاخوان المسلمين" هم الاكثر نشاطا، فلافتات حزب الحرية والعدالة متواجدة بطرقات البلدة والغريب انها لا تقترب من المساجد التابعة للسلفين. و فسر الاهالى هذا الابتعاد بان هناك عداوة شديدة بين الجماعة و السلفيين الذين لا يسمحون لاعضاء الاخوان بالامامة فى مساجدهم . و استطاع الاخوان تحقيق انتشار كبير داخل صفط اللبن، وذلك بفضل الفعاليات العديدة التى نظموها خلال الستة اشهر الماضية، حسبما يقول المهندس سباعى خليفة رئيس مقر الإخوان والذى استعرض إنجازات جماعته قائلا :" نجحنا فى تنظيم أكثر من معرض ناجح خلال الشهور القليلة الماضية فكانت البداية من معرض للملابس والكساء الشعبى الذى استفاد منه حوالى 500 أسرة و1300 فرد، تبعه إقامة معرض للسلع الغذائية والذى كان له أربع أفرع بالبلدة إيمانا منا بضرورة التيسيير على المواطنين وتخفيف معناتهم ". و استطرد قائلا :" بيعت هذه السلع بأسعار مخفضة جدا وذلك حتى نجبر التجار الجشعين على تخفيض الأسعار, ثم أقمنا معرضًا للأدوات المدرسية مع بداية الدراسة لمساعدة الاهالى، فضلا عن قيامنا بمساعدة اللجان الشعبية ماديا لتنظيم المرور بالبلدة ". فضلا عن ذلك، قام حزب "الحرية و العدالة " بجمع 250 الف جنيه لإغاثة الشعب الصومالي. على النقيض، لم ترصد "المشهد" اي وجود للاحزاب الجديدة او القديمة بالبلدة رغم اقتراب ميعاد الانتخابات.