لا يشبه عيد الأم في تجمعات اللاجئين السوريين في لبنان العيد في أي مكان آخر.. فهنّ "أمهات بقلوب تحترق". فبعد أن نهشت المأساة عيون الأمهات وسرق الوجع والعنف بريق وجوههن، انهمكن - وفي صباح يوم العيد- في أعمال النظافة بالمنزل؛ سعيًا لنسيان الكارثة الإنسانية التي يعشنها منذ سنتين بعيدا عن أولادهن ومنازلهنّ. "أتمنى الموت في كل دقيقة، فما نفع حياتي بعيدا عن بناتي وأحفادي الذين لا يزالون في سوريا"، هكذا تلخص أم جمال (55 عاما) ما في صدرها في هذا العيد، مضيفة: "جفّت الدموع ونسينا ما معنى الفرح.. الحزن وحده ينهش أجسادنا وأرواحنا فعن أي عيد تتحدثون؟" ليست "أم جمال" وحدها من نسيت أنّه عيد الأم الذي يوافق الاحتفال به في بعض الدول 21مارس/آذار من كل عام، فمعظم اللاجئات السوريات اللواتي التقت بهنّ مراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء في أحد المجمعات السكنية بمدينة صيدا، جنوب لبنان، استغربن الحديث عن حلول العيد وسط كمّ المشاكل والمآسي التي يعانين منها. تقول نهى (35 عامًا): "أجمل عيدية قد أتلقاها اليوم هو أن أرى أمي التي لم أرها منذ 6 أشهر بعدما هربتُ من سوريا".. "نهى"، التي حاولت حبس دموعها بلا جدوى، انهارت عند ذكر والدتها، فضمّت طفلها إلى صدرها، قائلة: "أي عيد هذا وكل يوم يتم إبلاغ إحدى الأمهات هنا أن ولدها قتل في سوريا ؟.. أي عيد ونحن مشردون ننام داخل منازل غير مكتملة البناء؟" وفي ساحة مجمّع الأوزاعي في صيدا، تمسك عشرات النساء بأدوات التنظيف، فيما تجلس أم ياسين (60 عامًا) في إحدى الزوايا تغسل بعض الأواني والحسرة لا تفارق ملامحها إزاء ما أصاب عائلتها وبلادها. وتقول: "اللقمة والدمعة مترافقتان منذ أتينا لبنان، فولداي في سوريا ولا أعرف أي شيء عنهما.. أما أمنيتي الوحيدة فهي العودة إلى الديار". أما "أم نجم" (51 عامًا)، والتي تسكن مع أولادها ال13 في منزل لبناني مهجور ملاصق للمجمع، فتقول: "لا عيد الأم ولا الأضحى ولا رمضان ولا غيرها من الأعياد لها نكهة لدينا اليوم، فقلوبنا تحترق.. نضحك دقيقة ونبكي ساعات وساعات". ويضم مجمع الأوزاعي، الملاصق للمستشفى التركي في صيدا، أكثر من 100 عائلة سورية نزحت معظمها من منطقة الغاب في حماة، وقد نصبت العائلات خيمًا من البلاستيك في غرف المبنى غير المكتمل بنائه ولا يوجد به نوافذ أو أبواب، وبعدما حوى المجمّع مع اندلاع الأزمة 18 عائلة استمر توافد العائلات ليبلغ عددها اليوم 100 عائلة تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان، بحسب موقع مفوضية شؤون اللاجئين على شبكة الإنترنت، 368 ألف لاجئ موزعين على مناطق الشمال والجنوب اللبناني كما البقاع وجبل لبنان والعاصمة بيروت.