7 غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    بخريطة مزعومة للخزنة الذهبية، إسرائيل تحرض البنانيين على اقتحام المخبأ المالي لحزب الله    ملف يلا كورة.. بيان الزمالك.. جلسة لمحاكمة ثلاثي الأبيض.. وتصالح فتوح    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    «اللي حصل جريمة وكارثة».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على عقوبات الأهلي ضد كهربا    موعد مباراة ليفربول ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    مصرع شخصين في حادث تصادم سيارة فنطاس فى التجمع    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    نفاذ تذاكر حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية 2024    نيللي كريم: لو حد عاوز يشتكي أوبر يكلم مين؟ وجمهورها يقدم لها الحل    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    طرح بوسترات جديدة لفيلم «الفستان الأبيض» قبل عرضه بمهرجان الجونة    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    محافظ البحيرة تعقد ثاني لقاء موسع مع الصحفيين لتسليط الضوء على قضايا ومشاكل المواطنين    عضو اتحاد الكرة يكشف مفاجأة بشأن طرف أزمة لاعبي الزمالك    كورتوا: رد فعلنا كان عظيما.. وهذا ما علينا فعله أمام برشلونة    من بينها الأقصر.. انطلاق حملة التدفئة لعام 2024 لتوزيع البطاطين بمحافظات مصر    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    البسوا الجواكيت..تحذيرات من الأرصاد بشأن حالة الطقس    5 آلاف في الساعة.. التحقيق مع أجنبية متهمة بممارسة الدعارة في القاهرة الجديدة    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجازر غير مرخصة في بدمياط    الهجوم على إيران.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد اجتماعًا الليلة    إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مع نظيره الروسي    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    سعر الذهب اليوم الأربعاء بيع وشراء.. أرقام قياسية ل عيار 21 والجنيه    بالصور.. هاني فرحات مفأجاة حفل تامر عاشور    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    احذروا الوقوف طويلًا أثناء فترات العمل..يسبب الإصابة بالجلطات    أطعمة تساعد في ضبط مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري    حلواني بدرجة مهندس معماري| ساهر شاب بحراوى يفتتح مشروعه لبيع «الفريسكا»    تفاصيل ضبط طالب لقيادته سيارة وأداء حركات استعراضية بالقطامية    شتوتجارت يسقط يوفنتوس بهدف قاتل فى دوري أبطال أوروبا    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    ريمونتادا مثيرة من ريال مدريد على بوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    استشهاد 10 أشخاص وإصابة 31 في غارات إسرائيلية على شرق وجنوب لبنان    وزير الخارجية الكويتي: حريصون على حفظ السلم والأمن الدوليين وتعزيز التنمية المستدامة    عمر خيرت يعزف أجمل مقطوعاته الموسيقية بحفل جسور الإبداع بين مصر واليابان    الفنان عبد الرحيم حسن: "فارس بلا جواد" كان علامة في حياتي ودوري فيه كان تحدي    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    هل الإيمان بالغيب فطرة إنسانية؟.. أسامة الحديدي يجيب    أستاذ موارد مائية يكشف: توقف توربينات سد النهضة بالكامل    الكويت تنضم رسميا إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية مراكش المؤسسة لمنظمة التجارة العالمية    "اشتروا بسرعة".. رئيس "اللجنة النقابية للمصوغات" يكشف أسباب ارتفاع أسعار الفضة    انفراجة وإصدار التراخيص الفترة المقبلة.. مقرر لجنة إعداد قانون البناء يكشف التفاصيل    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    نواب البرلمان يعددون مكاسب المصريين من التحول للدعم النقدي    جامعة دمنهور تعقد ندوة "انتصارات أكتوبر والهوية الوطنية"    قومي المرأة يهنئ المستشار سناء خليل لتكريمه في احتفالية "الأب القدوة"    وزير الشؤون النيابية: نحن في حاجة لقانون ينظم شؤون اللاجئين بمصر    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاضات الحاضر العربي وتجديد الفكر الإسلامي
نشر في المشهد يوم 22 - 02 - 2013

عندما تفجر مخاض التغيير في تونس وامتد إلى مصر، غلب التفاؤل بالحاضر والمستقبل العربي على المحللين السياسيين العرب والأجانب . إلا أن زمن التفاؤل لم يطل، إذ سرعان ما طغى التشاؤم من الحاضر والقلق على المستقبل، بعد أن شاعت الأعمال الإرهابية من قطع للرؤوس، حتى رؤوس التماثيل، وهدم للبنيان حتى المساجد ومقامات الأولياء، وتكفير الخصوم وإباحة دمائهم . وكل ذلك باسم الإسلام وعلى يد إرهابيين ينتسبون إلى شعوب تدين أغلبيتها بالدين الحنيف . في مخالفات صارخة ليس فقط لقيم العصر، وإنما أيضاً لتعاليم الإسلام بتكريم بني آدم، والدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجدال الآخر المخالف بالتي هي أحسن .
والجدير بالتذكير به أن الإسلام انتشر وعمّ وتعزز دوره في إندونيسيا وجنوب شرقي آسيا، كما في السنغال وشرقي ووسط وغربي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على أيدي تجار من اليمن والسودان ودعاة من المغرب العربي، عرفوا جميعهمبحسن السيرة ومكارم الأخلاق، ولا نظن أن في استطاعة أكثر جماعة الإسلام السياسي المعاصرين استنارة تقديم صورة للإسلام يمكن أن تقارن بما قدمه التجار اليمانيون والسودانيون والدعاةالمغاربة قبل بضعة قرون، ما يستدعي التساؤل عن أسباب انتكاس الفكر والعمل الإسلامي بعد طول إبداع حضاري؟
وفي محاولة الإجابة عن التساؤل المطروح، نذكّر القارئ الكريم أنه كان لقادة الفكر والعمل الإسلامي دور رائد في الحضارة الإنسانية، عندما توافرت خلال القرنين الأولين للهجرة عوامل النهضة الروحية والمادية . غير أنه حين افتقدت دولة الخلافة وحدتها القومية، وكثر الخروج عليها، وتشرذم الوطن العربي، وآلت مقاليد السلطة فيه إلى مرتزقة الجند من الترك والديلم، وشاركتهم في السلطة جواري قصر الخلافة، كان طبيعياً أن تفقد الأمة العربية دورها الريادي، وأن ينتكس الفكر والعمل الإسلامي .
وحين تُراجَع الاجتهادات الفقهية بدءاً من العصر العباسي الثاني، يتضح أنها مختلفة عما أبدعه الأئمة العظام السابقون، إذ جاءت تعبر عن واقع مأزوم انعكست أزمته على فتاوى الفقهاء، فضلاً عن أن الاجتهادات والممارسات تأثرت بما كان مترسباً في أعماق مرتزقة الجند وجواري القصور الذين لم يتحرروا من مواريث وعادات الشعوب التي استجلبوا منها . وبالتفاعل الجدلي بين الواقع المأزوم وواقع السلاطين والجواري صناع القرار، والسائرين في ركابهم من “العلماء” و”الفقهاء” والدراويش استحدثت البدع، وعني بالمظهر دون الجوهر، وغلب الأخذ بمبدأ “ليس للخلف أن يقول بغير ما قال به السلف” . وبذلك تعطلت القاعدة الفقهية “تتغير الأحكام بتغير الأزمان”، وُشلّ الاجتهاد، وبالتالي عانى المسلمون على اختلاف مذاهبهم الضعف الذي بدأ سياسياً، باستبعاد النخبعربية الأصول زمن المعتصم ومن جاؤوا بعده من الخلفاء، لينتهي دينياً بغلبة “فقهاء” السلطة .
وتوالت قرون من الاستبداد والفساد والجهل والجمود حتى بداية اليقظة العربية أواخر القرن التاسع عشر حين سطع نجم رواد “الجامعة الإسلامية” دعاة التجديد : جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي . وكان الإمام محمد عبده - في كتابه “الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية”، قد حدد ستة أصول للإسلام : 1 - النظر العقلي لتحصيل الإيمان، 2 - إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل، 3 - البعد عن التكفير، فإذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مئة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر، 4- الاعتبار بسنن الله في الخلق، وهي الشرائع والنواميس، 5- قلب السلطة الدينية، إذ لم يدع الإسلام بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه، على أن الرسول عليه السلام كان مُبلغاً ومُذكراً، 6 - لكن الإسلام دين وشرع، فقد وضع حدوداً ورسم حقوقاً، ولا تكمل الحكمة من تشريع الأحكام إلا إذا وجدت قوة لإقامة الحدود، وتنفيذ حكم القاضي بالحق، وصون نظام الجماعة . والخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم، ولا هو مهبط الوحي، ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة . والأمة، أو نائب الأمة، هو الذي ينصبه، والأمة هي صاحبة الحق في السيطرة عليه، وهي التي تخلعه متى رأت ذلك في مصلحتها، فهو حاكم مدني من جميع الوجوه .
ومع أن “جماعة الإخوان المسلمين”، تأسست بعد رحيل الإمام محمد عبده وصاحبيه، وما أبدعوه من فهم للإسلام وحقائق التاريخ العربي الإسلامي، وما طرحوه من حلول لمشكلات العصر، وما كان لإبداعهم وطروحاتهم من إسهام في نمو الوعي السياسي والاجتماعي في مصر من بعدهم، إلا أن “الإخوان” . كما يقرر د . محمد عمارة، في كتابه: “الإسلام وقضايا العصر”، “لا توجد عندهم عقلانية تيار الجامعة الإسلامية، وجرأته في تناول القضايا . وإننا نستطيع أن نقول إذا كان علماء الدين في المؤسسات التقليدية قد نهضوا بوظيفة وعاظ السلاطين، فإن دعاة الإخوان المسلمين قد نهضوا بوظيفة وعاظ العامة والجمهور، وغاب الفكر بمعناه الخاص من ساحتيهما . وكان الإخوان أقرب إلى دعاة الدولة الدينية، لأنهم في النهاية يحرمون الأمة من السلطات السياسية والتشريعية ويتحدثون عن قانون إلهي جاهز” . وما جاء به سيد قطب وشاع من بعده أشد تخلفاً مما جاء به حسن البنا عما صدر عن الإمام محمد عبده وصاحبيه . بدليل أن كتابه “معالم في الطريق”، وقوله بجاهلية المجتمع أدانه الداعية الإخواني الراحل محمد الغزالي . كما رفضه المرشد الثاني للإخوان المستشار حسن الهضيبي وكثير من العلماء المنضمين إلى الجماعة . وبرغم تخلف أدبيات سيد قطب وغلوها، فإنها غطّت على أدبيات البنا وتابعيه من دعاة الإخوان، وغدت المرجع الذي يعود إليه ممارسو الإرهاب باسم الإسلام فيما يتناقض مع استنارة الإسلام وعدله وسماحته، وهو ما يستدعي مراجعة جذرية للفكر والعمل الإسلامي المعاصر .
والمرجح عندنا أن المخاض الجاري في عموم الأرض العربية، وبخاصة في تونس ومصر وسوريا، سيكون من بعض حصاده على صعيد الفكر والعمل الإسلامي ليس فقط إعادة الوصل بما أبدعه الأستاذ الإمام وصاحباه، وإنما أيضاً تطوير ما كانبما فيه التجديد المأمول في الفكر والعمل الإسلامي المعاصر .
**********************
(عن الخليج - الامارات)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.