نجح الإخوان من خلال مسيرتهم التي بلغت أكثر من ثمانين عاما في إقناع أفرادها والمحبين لها أن هناك رؤية إسلامية سياسية تتميز عن باقي الرؤى وتلك الرؤيا لها أصول وأليات وأن الأحزاب المنافسة لها لم تستقرء رأي الشريعة الإسلامية في تكوين رؤياها السياسية . وتأسست الجماعة على تصورات مرشدها ومؤسسها الشيخ حسن البنا خريج دار العلوم وأخذ البيعة لنفسه وهو في سن 23 سنة . وطوال تاريخ الجماعة ومع اختلاف العصور تمسكت الجماعة بأدبيات تجعل الجماعة تعبر عن الإسلام السياسي المعتدل والمستنير وحتى نتعرف عن كيفية تكوين تلك الرؤية السياسية لابد أن نعرف ماذا يحدث داخل تلك الجماعة من ثقافة وانضباط . يبدأ الانضمام لتلك الجماعة من خلال ترشيح عضو منها لدخول فرد في الجماعة من خلال استعداده لقبول الانتظام في الجماعة فإذا وافق الفرد يضم إلى أسرة تدرس له ثقافة الجماعة باختيار بعض الكتب الإخوانية التي تعده ليكون عضوا عاملا بعد أن كان عضوا محبا . ويتم تصعيد الأخ من محب إلى عامل من خلال مسئولي الأسر التي تضم الأفراد . وتتم عملية التثقيف من خلال متابعة المسئولين على الأسر ومن خلال المنهج المطلوب دراسته والذي يضع المنهج هم مسئولو الجماعة في التثقيف والإرشاد . ولا يطرح المنهج على أي هيئات رسمية في المجتمع ولا يناقش المنهج إلا من خلال مسئولي الجماعة وتتم صياغة عقول الأفراد من خلال البرنامج التثقيفي الذي يتلقاه العضو داخل الجماعة . ثم تأتي مرحلة الشورى من خلال ثقافة سابقة التجهيز على اختيار الأفراد بناء على معيار السمع والطاعة ومعيار ثقافة الإخوان . وتصعد الأفراد في الجماعة من خلال الولاء لتلك الثقافة ومن خلال السمع والطاعة . فإذا قررت الجماعة رأي سياسي أعزته إلى أنه أرضى الآراء لله وأقربهم للسنة . فالإخوان دولة داخل الدولة منذ زمن والله أكبر ولله الحمد وذلك شعارهم. ولكن ما أشغب على الإخوان منافسة أخرى إسلامية أيضا وهي الدعوة السلفية ومنطلقاتها إسلامية حتما . والسلفيون يمثلون مذهب أهل الحديث في الأصول والفروع وهم قد رفضوا فكرة الإخوان في الأصول والفروع وكانت دعوتهم علانية وكانت لهم اجتهادات سياسية أيضا وتفرغوا للدعوة ومساعدة الناس وقاموا بأعمال خيرية ونصروا مذهبهم الأصولي والفقهي . وتميزوا على الإخوان بالوضوح في كل شيء ويناقشون كل شيء علانية ظاهرهم كباطنهم . والتعرف عليهم وعلى أرائهم أيسر ومناقشة أفكارهم والاختلاف معهم آمن فهم لم يقتلوا مخالف طوال فترة نشاطهم و أقصد ذكر مقتل النقراشي الذي ُاتهم فيه الإخوان . ثم نأتي على حزب الوسط ومؤسسوه وهم سابقا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وهم يعلمون كل شيء عن جماعة الإخوان ولهم مواقف مشهودة ومعلنة من أدبيات الإخوان . وهم يمثلون معارضة الإخوان في أرائهم السياسية وهم ذو مرجعية إسلامية بلا شك. ولقد اشتكى نائب حزب الوسط المحامي عصام سلطان من ممارسات حزب الحرية والعدالة الإخواني في الانتخابات . ولا أنسى أحبابي من الجماعة الإسلامية وحزبهم البناء والتنمية وهم ذوو رؤية إسلامية قطعا جعلتهم أكثر الناس تنكيلا من النظام السابق وأكثر الناس صبرا وأكثرهم وضوحا وصراحة وتضحية وهم حلفاء السلفيين وأحبائهم وكانت لهم دعوة عريضة في الصعيد لولا أن نكل بهم النظام السابق أيما تنكيل. وأخيرا وبعد أن ارتضينا صناديق الانتخابات لتحكم بيننا فالصدق الصدق فلنكن صادقين مع قومنا ولا نخفي شيئا فمن حق قومنا أن يعرفوا من يختارون ولا يصح الغش أو التدليس على الأمة ومن غشنا فليس منا وأرجو أن يكون ظاهرنا كباطننا والسلام على الصادقين الناصحين .