برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوجليدار مسألة وقت    بايدن يؤكد عدم اتخاذ أي قرار بشأن السماح لكييف بضرب العمق الروسي    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    إعلام عبري: الشاباك ينفي تقارير عن مقتل السنوار    اليوم.. فصل الكهرباء عن 5 قرى بمدينة نقادة بقنا    ستوري نجوم كرة القدم.. رسالة صلاح لأحمد فتحي.. احتفال لاعبي الأهلي.. غالي في الجيم    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    محاميهم يكشف مستجدات زيارة فتوح لأسرة الضحية.. وموقف شكوى التوأم ضد المصري    عملوها الصغار ووقعوا فيها الكبار، مصرع شخص في مشاجرة بالشوم بالأقصر    مصدر مطلع: مؤتمر صحفي لوزير الصحة من أسوان الاثنين    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    الزراعة: تغير المناخ السبب في ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة بنسبة 80%    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    إعلام عبري: قرار أمني بالتصعيد التدريجي ضد حزب الله دون دخول حرب شاملة    إنفوجراف| حصيلة 350 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد افتتاح مهرجان حصاد أرز الجفاف"عرابي 3"    هل يلوث مصنع كيما مياه النيل؟.. محافظ أسوان يجيب    نائب محافظ قنا يشهد بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    قائمة الفرق المتأهلة لدور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا    إعلامي مفاجأة.. سيف زاهر يُعلن بديل أحمد شوبير في «ملعب أون تايم»    رقم مميز جديد لبرشلونة في الدوري الإنجليزي    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين «بيع وشراء» بالمصنعية (تفاصيل)    بعدما سجل سعر الكرتونة 190 جنيها.. «بيض السمان» بديلا عن الدواجن    قاد سيارته داخل مياه البحر.. القبض على سائح مصري بمدينة دهب في حالة سكر    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة»    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    محافظ أسوان: لا إلغاء لأي فوج سياحي.. وأحمد موسى يطالب بمحاسبة مروجي شائعات الوفيات    أستاذ علوم سياسية: تفجير إسرائيل لأجهزة البيجر بجنوب لبنان ضربة غير مسبوقة    أتلتيكو مدريد يخطف تعادلا مثيرا من رايو فاليكانو في الدوري الإسباني    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    أحمد نبيل باكيا: "تعرضت لأزمة وربنا رضاني بصلاة الفجر"    جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوى بمنطقة بيسان بعد تسلل مسيرة أطلقت من العراق    فريدة الشوباشى: الدولة تدرب وتؤهل الشباب للعمل وتتعاون مع المجتمع المدنى    أحمد بتشان يطرح كليبه الجديد "قتال" من اليونان    حدث بالفن| اعتزال فنان وآخر يعود لطليقته وأزمة بسبب فيلم أوراق التاروت    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    مصدر حكومى لإكسترا نيوز: مؤتمر صحفى لنائب رئيس الوزراء ووزير الصحة اليوم فى أسوان    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية في 52 يوما    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    محافظ أسوان يكشف مفاجأة بشأن الإصابات بالمستشفيات.. 200 فقط    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



­­­­­ثورة شعب ثورة وطن ( 1)..مقدمات ثورة يناير فقر مدقع وبطالة وفساد وتبعية وامتهان لكرامة الشعب
نشر في المشهد يوم 17 - 09 - 2011

حينما يعيش 40% من الشعب المصرى تحت حد الفقر وهى [2 دولار في اليوم] حينما يعيش أكثر من 12 مليون مصرى في العشوائيات في ظروف معيشية غير آدمية، حينما يصل عدد أطفال الشوارع إلى أكثر من 2 مليون طفل وطفلة مشردين ومفترشين أرصفة الشوارع.
حينما يعيش ملايين من المصريين في المقابر والجراجات.
حينما يعيش الإنسان [7 في حجرة واحدة] ودورة مياه مشتركة لعشرات الحجرات، حينما يشرب الإنسان في القرن الواحد والعشرين مياها ملوثة ويأكل الخضروات والفواكة والمرويّة بمياه الصرف الصحى.. حين يعيش 20% من الشعب المصرى عند حد الفقر المدقع 1.25 دولار يومياً .
حين يكون الحد الأدنى للأجور إلى الحد الأقصى 1- بضعة آلاف فهناك من هم يحصلون على مرتب 99 جنيه مصري شهريا وهناك 1000 فرد من علية القوم المستحوذين على الجاه والسلطة والمال يحصلون على أكثر من مليون جنيه في الشهر.
حين لا تجد الحق في السكن في الوقت الذى يعيش فيه الآلاف في قصور ومنتجعات، حين لا تجد حق الدواء والعلاج لابنك أو ابنتك وتموت أمام عينيك ويعالج أبناء علية القوم على حساب الدولة من الضرائب التى يدفعها الشعب المصرى العامل يعالجون بالخارج بملايين الجنيهات.
حين لا يستطيع الشباب الحصول على فرصة للعمل أو قرض صغير لمشروع صغير ويتم تعيين أولاد كبار المسؤولين بالدولة، ويتم إقراض الكبار مليارات من الجنيهات ليقوموا بتهريبها إلى الخارج دون إقامة مشروعات إنتاجية.
حين تكون متفوقا والأول على دفعتك في الجامعة فلا يتم تعيينك ويتم تعيين من هو أقل منك كفاءة ودرجة علمية لأنه أبن رئيس القسم أو عميد الكلية.
حين ينتحر الشباب في مراكب الهجرة غير الشرعية هاربين من نار البطالة.
حين ينتحر الموظف أو العامل لأنه لا يستطيع تدبير مصاريف البيت والأبناء.
حين يتم طرد الملايين من المصانع لبيعها وخصصتها لصالح الأثرياء العرب والأجانب الذين يهدمون معظمها ويحولونها إلى استثمار عقارى.
حين يتم تشريد آلاف الفلاحين من أراضيهم التى يزرعونها لتسد رمق أولادهم لصالح كبار الملاك الذين يحولونها إلى أراض مبانى يتكسبون منها مئات الآلاف الجنيهات على حساب الإنتاج الزراعى وعلى حساب الفلاح المصرى.
حين يتم تقليل الدعم في السلع الأساسية لفقراء الشعب في الوقت الذى يتم فيه دعم مجموعة الأثرياء المصدرين للسلع بأربعة مليار من الجنيهات حتى لا يتأثرون بالأزمة الاقتصادية.
حين يذهب دعم الكهرباء ( 6,3 مليار جنيه) إلى أغنياء مصر أصحاب المصانع كثيفة الطاقة مثل (الحديد، والألمونيوم ، والأسمنت ، الأسمدة).
حين تقف الضريبة التصاعدية على الدخل عند 20% في الوقت الذى تصل فيه في كل البلدان إلى 40% وأكثر كما في بلجيكا 50% .
حين تصل نسبة البطالة إلى 10% من قوة العمل وفقا لإحصائيات 2009 الرسمية و17% وفقا لتقديرات البنك الدولى وحين تصل إلى ربع قوة العمل وفقا لخبراء اقتصاديين، أى حوالى 6 مليون مواطن ومواطنة .
حين يتراجع الإنفاق على التعليم في السنوات الأخيرة ليصل إلى 3.4% من الناتج المحلى الإجمالى والإنفاق على الصحة إلى 1.4% من الناتج المحلى الإجمالى و 4.3% من إجمالى الإنفاق الحكومى في الوقت الذى يكون فيه على مستوى العالم إجمالى الإنفاق على الصحة من 10 – 20% من إجمالى الإنفاق الحكومى ( وفقا للباحث الاقتصادى د. أحمد السيد النجار) حين تكون الاستثمارات في البحث العلمى 0.2% في مصر في وقت يكون فيه المتوسط العالمى 2.2% .
حين تتراجع الاستثمارات في مجال مياه الشرب والصرف الصحى لتجديد وإحلال محطات التنقية والشبكات المتهالكة مما يؤدى إلى كوارث بيئية وصحية من انتشار الأوبئة والأمراض .
حين لا تجد أنبوبة البوتاجاز بسعر معقول وتصل في السوق السوداء إلى 20 جنيه في الوقت الذى تتقاضى فيه مرتب 100 جنيه أو أكثر ويتم تصدير الغاز للعدو الصهيونى بقيمة (1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية في الوقت الذى يتراوح بسعره العالمى لكل مليون وحدة حرارية بين 9 – 12 دولار) مما يعنى أن النظام المصرى يقدم الدعم للعدو الصهيونى ويوفر عليه 12 مليون دولار يومياً.
أى أن يتم إهدار ملايين الجنيهات من حق الشعب المصرى يومياً كان من الممكن أن توفر له فرص عمل وبناء مدارس ومستشفيات، حين تصدر المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم تصدير الغاز لإسرائيل وحكما بعدم تحويل الهيئة العامة للتأمين الصحى (الذى يقوم على التكافل الاجتماعى) إلى شركة قابضة هادفة للربح، وحكما بطرد الحرس الجامعى الذى ينتسب إلى وزارة الداخلية، وحكما بتسيير القوافل لدعم الشعب الفلسطينى في غزة وأحكاما عديدة لرجوع العمال والموظفين المفصولين ظلما وعنوة من أشعالهم ولا يتم تنفيذ معظم هذه الأحكام، حينما يعيش الشعب المصرى في حالة طوارئ ( 30 عاماً)، حينما تتم محاكمة المدنيين أمام محاكم غير دستورية محاكم استثنائية (أمن دولة وعسكرية).
حينما يتم التعذيب بشكل منهجى في أقسام الشرطة ومباحث أمن الدولة وانتهاك حقوق الإنسان والزج بالآلاف إلى المعتقلات دون محاكمات أو تهم.
حين يتم ضرب الشباب في أقسام الشرطة حتى الموت وانتهاك أعراض الرجال والنساء.
حين يقوم نظام الحكم على عصا الأمن المركزى ويتحول الأمن من أمن وأمان المواطن في بلده إلى أمن وأمان العصابة الحاكمة.
حين يتم تقييد الحريات في الصحف وفى حق الشعب في الاعتصام والمظاهرات السلمية والحق في تكوين الأحزاب بالإخطار، حين يتم اغتصاب حق الشعب في اختيار ممثليه في البرلمان والمجالس المحلية والاتحادات والنقابات وتزوير أصواته وإرادته حتى يتربع على عرش الحكم نظام واحد من مجموعة من اللصوص.
حين يتقزم دور مصر قلب العروبة النابض لتنعزل عن الوطن العربى ويصبح دور حكامها هو تسويق وخدمة المصالح الأمريكية الصهيونية في الوطن العربى، بل وتساهم مصر بدور كبير في العدوان الصهيونى على غزة والعدوان الأمريكى على العراق والعدوان الصهيونى على حزب الله في لبنان بصمت حاكمها وحكومتها بل وبتشجيع منها للأعداء لدرجة أن يقال على لسان أحد وزراء العدو الصهيونى أن النظام المصرى وحسنى مبارك كنز استراتيجى للكيان الصهيونى.
حين يتم إحكام الحصار على 1.5 مليون عربى في غزة من قبل النظام المصرى بإغلاق معبر رفح وبرفض وصول قوافل الغذاء والدواء المصرية على غزة.
حين يكون المسؤولون عن أمن البلاد في الداخل هم من يصنعون الفتن الطائفية لإلهاء الشعب المصرى وإشعال الفتن بين أبنائه حتى لا يفكر في التوحد ضد النظام الحاكم وضد الفساد والاستبداد، حين يستشرى الفساد كالنار في كل أنحاء البلاد فيقضى على الأخضر واليابس ويتم نهب ثروات البلاد بانتظام للشلة الحاكمة ولأحبائها وأقربائها.
حين يتم توزيع أراضى الدولة وهى ملك للشعب إلى الشلة الحاكمة وإلى الأجانب بملاليم وهى تساوى الملايين، حين توجه موارد الدولة لصالح منتجعات وقصور للأثرياء ولا تبنى مساكن للفقراء.
حين يتم تشريع القوانين لصالح المحتكرين والفاسدين لحمايتهم.
حين يتم تهريب من تسبب في قتل 1034 مواطن مصرى في عبارة الموت التى يملكها – يتم تهريبه عن طريق أصدقائه في النظام المصرى حتى لا يحاكم وبعد إصدار حكم يدينه لا يتم تسليمه للمحاكم المصرية.
حين يتم استيراد تقاوى مسرطنة للخضر والفاكهة وحين يتم استيراد مبيدات زراعية مسرطنة وحين يتم استيراد أغذية فاسدة لا تصلح للاستخدام الآدمى ولا الحيوانى وتدخل للبلاد عبر مؤسسات الفاسدين والمفسدين ويمرض الآلاف بالسرطان والفشل الكلوى، حين يعيش الشعب المصرى مختنقا بكل ما قدمنا له ويزيد.. كان لابد وأن يتحرك الشعب من أجل إسقاط النظام!
من أجل تغيير حرية عدالة اجتماعية!
حينها كان لابد من ثورة شعب، ثورة وطن، وحين نعرف أن الشعب العربى شعب واحد، هم واحد وأن الأنظمة العربية تشترك في سمة الاستبداد والفساد وأن الظروف المعيشية للشعوب العربية متشابهة إلى حد التطابق حين نعرف ذلك يكون من الطبيعى أن تشتعل الشرارة للثورة العربية في تونس لتنتقل إلى مصر ومنها إلى بقية الوطن العربى في ليبيا والبحرين واليمن والأردن والجزائر والمغرب والعراق وقريبا تستشرى في بقية البلدان ولأن الهم واحد والهدف واحد كانت وحدة الشعارات: " الشعب يريد إسقاط النظام" ، " الشعب يريد إسقاط الحكومة" ، " الشعب يريد دستور جديد "، "الشعب يريد إطلاق الحريات"، "الشعب يريد إسقاط الطائفية"، "الشعب يريد حل الحزب" (الحكومى السابق)، "الشعب يريد حل جهاز أمن الدولة"، " الشعب يريد رفع الحد الأدنى للأجور"، " الشعب يريد القضاء على البطالة"، "الشعب يريد محاكمة النظام"، "محاكمة القتلة "، " محاكمة السفاحين"، "الشعب يريد استرداد أمواله"، " الشعب يريد طرد المستعمر المحتل" ، " الشعب يريد الاستقرار والأمن والأمان".
ولأن العدو المغتصب لثروات الشعب، العدو الفاسد والمستبد الحاكم لن يسلم بسهولة بضياع ثرواته التى نهبها من البلاد ولأن العدو الحاكم تسانده الأنظمة المستبدة العربية وتسانده الرأسمالية المتوحشة المعسكرة الأمريكية والعدو الصهيونى لأن كل هؤلاء لن يسلموا بسهولة فعلى الشعب الثائر أن يستمر في ثورته ولا يهدأ حتى تتحقق جميع المطالب.

من تراكم الأفعال إلى ثورة الأبطال:
انتهج النظام المصرى بعد انتصارات أكتوبر سنة 1973 على العدو الصهيونى نهجا اقتصادياً خاضعا لشروط البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وشروط الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة هيكلة السوق والاعتماد على سياسة الانفتاح الاقتصادى مما أدى لصعود شريحة طبقية أقرب تصنيف لها أنها شريحة سماسرة تقوم على استيراد أى شىء وتصدير أى شىء وتكون ربحها من السمسرة، وبدأت نفس الشريحة تعتمد على سوق العقارات والأراضى وتكون أرباحها من الريع العقارى الناتج من شراء الأراضى ثم بيعها، وبدأ تدريجيا القضاء على الإنتاج الصناعى والزراعى الوطنى ومنذ عام 1990، بدأت سياسة الخصخصة وفقا لأوامر البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والتى أدت إلى بيع العديد من المصانع والبنوك والشركات التجارية بيعاً بأبخس الأثمان مقابل عمولات ضخمة لأصحاب السلطة ورأس المال المعدودين، وبدأ الفقر يشق طريقه إلى 50% من الشعب المصرى مع تدنى المرتبات والأجور وتشريد العمال والعاملين بالشركات التى يتم بيعها وبدأت العصابة الحاكمة في تقليل الإنفاق على الخدمات لا صحة – لا تعليم- لا وظيفة – لا سكن، ولإحكام قبضتها على الشعب كان لابد من تغليظ عصا الأمن وتوغل وتغول جيش الأمن المركزى والشرطة والاعتماد على قانون الطوارئ والزج بالمعارضين إلى السجون والمعتقلات.
إزاء كل هذا كانت نضالات الشعب المصرى ونخبته المثقفة المستمرة والتى تصاعدت في السنوات الأخيرة وأذكر في السطور التالية عدة محطات من هذه النضالات.
(1) مقاومة قانون المالك والمستأجر في الإيجارات الزراعية (1992): فقد نص القانون على عدم استدامة العلاقة الإيجارية للأرض وجواز قيام المالك بطرد الفلاح منها، كما نص على إلغاء تحديد القيمة الإيجارية وتركها لاتفاق الطرفين، أى لعلاقات السوق، وترك القانون مهلة خمس سنوات انتهت فى عام 1997 فاندفع الملاك لاسترداد الأرض مسلحين بالشرطة والأمن المركزى وهب الفلاحون للدفاع عن أرضهم فى معارك سقط فيها 130 شهيدا من الفلاحين.
(2) إنطلاق لجان دعم الانتفاضة الفلسطينية في أواخر عام 2000: بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى في 28 سبتمبر عام 2000 والنزول إلى الشارع في كل حى وبيت وقرية ومدينة لجمع التبرعات العينية الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية وسير القوافل إلى حدودنا مع فلسطين المحتلة والنزول إلى الشارع للتظاهر للتضامن مع الشعب الفلسطينى ورفض التطبيع مع الكيان الصهيونى الغاصب المحتل والوقوف ضد الحرب على العراق حيث خرج على إثر العدوان على العراق أكثر من مائة وخمسين ألفا، ليقولوا لا للعدوان الأمريكى على العراق.
(3) نشأة حركة كفاية سبتمبر 2004 أول حركة مصرية تجمع أفرادا من جميع الأطياف السياسية ليبرالية – إسلامية – ناصرية – قومية – اشتراكية على هدف مشترك وهو القضاء على النظام المستبد الفاسد التابع والوقوف ضد سياساته التابعة للمصالح الأمريكية الصهيونية والمطالبة بإطلاق الحريات في كل المجالات وأعلنت صيحتها "لا للتمديد لا للتوريث"، ونزلت للشارع لتنتزع مع بقية إخوانها من الحركات السياسية والاجتماعية حق التظاهر والاعتصام والإضراب السلمى.
(4) حركة استقلال القضاء في سنة 2006 من أجل استقلال القضاء المصرى وعدم تبعيته للسلطة التنفيذية الممثلة في وزير العدل المعين من قبل رئيس الجمهورية والمطالبة بعدم زج القضاة في عملية الرقابة على الانتخابات التى يتم تزويرها بشكل منهجى مستمر من قبل السلطة الحاكمة ومطالبتهم بالإشراف القضائى الكامل من أول جداول الانتخابات وحتى إظهار النتائج ووقوف الشعب المصرى مسانداً لهم مطلقا صيحته (ياقضاة ياقضاة خلصونا من الطغاة).
(5) بدأ تزايد الحركات الاحتجاجية الاجتماعية لجميع فئات الشعب المصرى والتى بدأت بإضراب عمال مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى (27 ألف عامل) من أجل زيادة الحوافز وبدل الوجبة الغذائية وإقالة رئيس مجلس الإدارة أواخر عام 2007.
(6) ازدياد المطالب الاجتماعية للفلاحين والعمال والمدرسين والمهنيين تجاريين – صيادلة – مهندسين ( حركة مهندسين ضد الحراسة) – إداريين – أطباء – أساتذة جامعات – موظفين في القطاعات المختلفة في الدولة، وكان ذروة هذا في إعلان حركة 6 أبريل 2008 من الشباب التضامن مع مطالب عمال المحلة بزيادة المرتبات والأجور وانتفاضة المحلة الكبرى في 7 ، 8 أبريل ومواجهتها بالقمع والرصاص الحى من قبل شرطة وأمن مركزى وزارة الداخلية واعتقال المئات من العمال والسياسيين.
(7) تكوين لجان الدفاع عن سجناء الرأى – الدفاع عن شهداء عبارة الموت – لجان التضامن مع الأهالى الذين تنتزع أراضيهم ومنازلهم مثل ( قضية جزيرة القرصاية الشهيرة) الذين تصدوا لمحاولة استيلاء كبار المستثمرين المصريين والأجانب على أرضهم ومنازلهم) مع تكوين لجنة الدفاع عن الحق في الصحة للتصدى لسياسة وزير الصحة بخصخصة التأمين الصحى مما يعنى موت فقراء المصريين من المرضى، والمطالبة بزيادة ميزانية الصحة في الموازنة العامة للدولة والمطالبة بزيادة مرتبات الأطباء والتمريض.
(8) تكوين لجان معلمون بلا نقابة – أطباء بلا حقوق – صحفيون بلا نقابة. ومع نهاية 2008 كان الإضراب الشهير لموظفى الضرائب العقارية ( 55 ألف موظف وموظفة) والذى انتهى عبر نضال استمر لمدة سنة إلى إعلان النقابة المستقلة لموظفى الضرائب العقارية.
تكوين اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية عام 2001.
(9) تكوين العديد من الائتلافات بين القوى السياسية المصرية ائتلاف المصريين من أجل التغيير إبريل سنة 2009 – الحملة المصرية ضد التوريث أكتوبر 2009 – الجمعية الوطنية للتغيير فبراير 2010 – البرلمان الشعبى ديسمبر 2010 عقب تزوير الانتخابات البرلمانية في سنة 2010 واستيلاء أعضاء الحزب الحاكم عليه – ائتلاف أحزاب المعارضة المصرية (التجمع – الناصرى – الوفد – الجبهة الديمقراطية).
وكان لتصاعد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية المصرية التى وصلت في السنتين الأخيرتين إلى أكثر من 3 آلاف احتجاج لمطالب تحسين الظروف الاجتماعية وزيادة المرتبات بعد حكم المحكمة الإدارية العليا بالحق في زيادة الأجور إلى 1200 جنيه حداً أدنى والمطالبة بتحديد حد أعلى للاجور لا يزيد عن 20 ضعف مع تصاعد المطالبة بالحريات الديمقراطية وإطلاق حملة المليون توقيع على وثيقة الجمعية الوطنية للتغيير لمطالب سبعة ديمقراطية أطلقتها القوى الوطنية للتغيير والدكتور محمد البرادعى الذى جاء ليقول أنه مع تغيير النظام وأنه يؤيد مطالب الشعب المصرى مما لقى قبولا عند شباب المصريين الذين كونوا الحملة الشعبية لدعم الدكتور البرادعى أواخر سنة 2009، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى ونضالاتها في مجال الحريات والمرأة والعمال والفلاحين وحقوق الإنسان.
ويهمنى هنا أن أقول أن نضالنا كقوى سياسية ومنظمات مجتمع مدنى وفئات الشعب المصرى كانت من خلال ثلاثة وسائل رئيسية:
1- قانونية: رفع قضايا قانونية أمام المحاكم المختصة.
2- إعلامية: طرح القضية أمام الرأى العام في الإعلام المكتوب والمرئى والإلكترونى.
3- جماهيرية: كل الوسائل السلمية من مظاهرات واعتصامات واضرابات.
ثورة ثورة حتى النصر
هذا التراكم في الأفعال كان التربة الخضبة لاندلاع الثورة المصرية عقب شرارة اندلاع الثورة في تونس والتى جسدت معنى الحرية والكرامة فكانت صيحة تغيير – حرية – عدالة اجتماعية، انطلقت الثورة في تونس في 17 ديسمبر ثم ثورة فجرها الشباب المصرى واشترك فيها الشعب المصرى من أول الرضع حتى الشيوخ الكبار، ثورة في جميع أنحاء مصر في المدن والقرى والأحياء من جميع الفئات فقراء وأغنياء شباب – نساء – أطفال – آباء – أمهات – جدود وجدات – ربات منزل وعاملات، مهنيين – عمال – فلاحين – طلبة – موظفين .
لقد سطر الشعب المصرى ملحمة الثورة بدأت بدعوة الكترونية من الشباب فكانت استجابة الشعب المصرى التى جعلت العالم ينحنى له لثورة حضارية سلمية ضد الظلم والفساد والاستبداد والتبعية من أجل استقلال الإرادة من أجل الكرامة من أجل الخبز من أجل الحرية من أجل حياة حرة كريمة – من أجل استرداد أمواله المنهوبة من قبل العصابة الحاكمة، ثمانية عشر يوما من الاعتصام في ميدان التحرير – مواجهة العنف والقتل بالرصاص الحى من قبل العصابة الحاكمة – مواجهة ترويع المواطنين بهروب ضباط الشرطة وإطلاق المأجورين من البلطجية والمسجلين خطر والهاربين من السجون التى فتحت الشرطة أبوابها وتركت كل هؤلاء يعبثون في الأرض فسادا ويعتدون على المواطنين في بيوتهم وفى الشوارع ويسرقون ويخربون.
سقط المئات من الشهداء وعددهم حتى الآن 800 شهيد وشهيدة و6 آلاف مصاب منهم أكثر من 1200 إصابة في العين مباشرة.
ملحمة الوحدة والاعتصام والاستمرار تحت البرد والمطر والطوب والحجارة والخيول والإبل والرصاص الحى لا تعرف من هو المسلم ومن هو المسيحى ومن هو الغنى ومن هو الفقير من هو الحزبى والسياسى ومن هو الذى لا يقرأ ولا يكتب، يقام القداس على الشهداء يوم الجمعة في الساعة الحادية عشرة صباحا في الميدان وسط الملايين وتقام بعده صلاة الجمعة في الساعة الثانية عشرة ظهراً (مسلم ومسيحى أيد واحدة) ( مصريين مصريين مسيحيين ومسلمين) يعرف الشعب في الميدان أن الإرهاب والفتن الطائفية والجرائم المرتكبة ضد الكنائس من يرتكبها هم العصابة الحاكمة ووزارة الداخلية. التسامح – الحب – الود – الاحترام، توزيع الأكل الذى كان لا يزيد عن بقسماط وبسكوت في الأيام الثلاثة الأولى: اقتسام اللقمة اقتسام شربة المياه اقتسام الرصيف أو البطاطين أو المشمع للحماية من المطر ثلاثة ملايين في الميدان كلنا أهل – الإبداع الفنى والأدبى والشعرى والمسرحى – الغناء – مجلات الحائط وخفة الدم المصرية والنكتة المصرية – الابتسامة اعتلت الوجوه لأول مرة نسى كبار السن أمراضهم – أصبحنا شبابا – جاء المصريون الذين تركوا بلادهم سنينا طويلة جاءوا بأسرهم، هذه هى مصر إرفع رأسك فوق إنت مصرى إنت عربى.
ثورة شعب يعرف أنه لابد وأن يحافظ عليها وأنها مستمرة حتى تحقيق كل أهدافها فالدم الذى سال على ربوع أرض مصر (غالى علينا وجوه عينيا) دم سال من أجل حياة جديدة مازالت الثورة في أولها مازالت الأهداف لم تتحقق – نعلم أنه هناك فلول النظام البائد لن يستسلموا بسهولة يساندهم أعداؤنا ( أمريكا ومصالحها في الوطن العربى العدو الصهيونى الغاصب المحتل) يحاولون الالتفاف لإعادة إنتاج النظام البائد بشكل جديد ولكن هيهات. لم يتحقق غير القليل من مطالب الثورة – مستمرين من خلال جمعية عمومية للشعب المصرى في ميدان التحرير بالقاهرة وميادين التحرير في كل محافظات مصر كل يوم جمعة حتى تحقيق جميع المطالب:
1- إسقاط النظام بكل أشكاله ومؤسساته من مجالس شعبية ومحلية وحزبه اللاوطنى اللاديمقراطى والمحافظين.
2- تكوين مجلس رئاسى مدنى عسكرى (4 مدنيين وواحد عسكرى).
3- حكومة انتقالية ليس بها أى رمز من رموز الفساد السابقين.
4- جمعية تأسيسية منتخبة لوضع دستور جديد للبلاد.
5- انتخابات برلمانية ورئاسية بعد الدستور الجديد.
ومطالب عاجلة :
1- الإفراج عن المعتقلين السياسيين جميعهم.
2- محاكمة كل المسؤولين عن قتل الشعب المصرى.
3- محاكمة الفاسدين الناهبين لثروات مصر واسترداد هذه الأموال المنهوبة.
4- إقالة جميع القيادات الفاسدة في جميع المؤسسات.
5- إلغاء حالة الطوارئ.
ثورة شعب ثورة وطن:
الثورة ضد الظلم والاستبداد والفساد والتبعية التى اندلعت شرارتها في تونس العربية وسرعان ما انتشرت في التربة الخصبة في الوطن العربى مصر – ليبيا – البحرين – اليمن – الجزائر – المغرب – العراق – الأردن – سلطنة عمان – السعودية، ثورة ضد الطائفية في لبنان – ضد الإنقسام في فلسطين.
إن الشعب العربى الذى قام بطرد الاستعمار الأجنبي البريطاني والفرنسي والإيطالي وحصل على استقلاله في الستينات من القرن الماضى. ينتفض الآن المارد العربى الجبار ليتحرر من المحتلين الجدد من الأنظمة العربية الفاسدة المستبدة التابعة بشكل أو بآخر للاستعمار الأمريكي الصهيوني. إن الثورة التى اندلعت في الوطن العربى والتى كسرت عموداً رئيسيا من الأعمدة التى تعتمد عليها أمريكا وإسرائيل في تسويق سياساتها في الوطن العربى وأحلامها في شرق أوسط كبير وتقسيم الوطن العربى وإشاعة الطائفية فيه حتى تتربع إسرائيل كقوة نووية فى قلبه قوة رادعة لحماية نفسها وتتربع الولايات المتحدة الأمريكية كقوة نهب لثروات هذا الوطن. وبسقوط النظام المصرى ستسقط جميع الأعمدة واحداً تلو الآخر، وستتحرر الأوطان وسيتحرر الشعب العربى ليبنى وطنه من جديد ويصنع وحدته التى ستتفوق على الاتحاد الأوروبى وسيكون للوطن العربى المكانة التى يستحقها بين العالم.
إن الثورة في وطننا العربى أثبتت أن الشعوب صاحبة الكلمة العليا وأن النظام المستبد إلى زوال وأن إلا ستقواء بالخارج لا علاقة له بثورتنا وأن من نستقوى به هو مساندة ودعم الشعوب الحرة في كل دول العالم.
إن الثورة في وطننا العربى مستمرة لا تراجع – لا استسلام لا حوار ولا كلام ولا مفاوضات مع أنظمة انتهت صلاحيتها وأصبحت سامة وضارة لشعوبها.
-----------------------
* عضو الجمعية الوطنية للتغيير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.