أثار رعب واشنطن وتل أبيب.. من هو إبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل؟    وزير الخارجية: تقسيم السودان خط أحمر، وقضية مياه النيل حياة أو موت، وخسائرنا بسبب انخفاض عائدات قناة السويس 6 مليارات دولار، لا بد لإسرائيل أن تنسحب من رفح ومحور فيلادلفيا    موعد الشباب ضد التعاون في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    حدث ليلا.. تطورات جديدة بشأن حزب الله وإسرائيل والحرب على غزة (فيديو)    موعد مباراة يوفنتوس ضد نابولي في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    موعد انكسار الموجة الحارة وتوقعات حالة الطقس.. متى تسقط الأمطار؟    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    فصل التيار الكهرباء عن ديرب نجم بالشرقية لأعمال الصيانة    النيابة تأمر بإخلاء سبيل خديجة خالد ووالدتها بعد حبس صلاح التيجاني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    أرباح أكثر.. أدوات جديدة من يوتيوب لصناع المحتوى    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    عاجل - رياح وسحب كثيفة تضرب عدة محافظات في العراق وسط تساؤلات حول تأجيل الدراسة    "حزب الله" يستهدف مرتفع أبو دجاج الإسرائيلي بقذائف المدفعية ويدمر دبابة ميركافا    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    مواصفات فورد برونكو سبورت 2025    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    مواصفات هاتف Realme P2 Pro الجديد ببطارية كبيرة 5200 مللي أمبير وسعر مميز    ملف يلا كورة.. تأهل الزمالك.. رمز فرعوني بدرع الدوري.. وإنتركونتيننتال في قطر    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    صرف فروقات الرواتب للعسكريين 2024 بأمر ملكي احتفاءً باليوم الوطني السعودي 94    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    راجعين.. أول رد من شوبير على تعاقده مع قناة الأهلي    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    بعد قرار الفيدرالي الأمريكي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    ريم البارودي تنسحب من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين (تفاصيل)    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البسطويسي: يجب حل «التأسيسية» فورًا.. ولا يصح الاستمرار في هذا العناد
نشر في المشهد يوم 10 - 11 - 2012

طالب المستشار هشام البسطويسى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية بحل الجمعية التاسيسية للدستور بشكل فورى، ووصف الأمر الحالى بأنه عناد، وتحدث البسطويسى حول الأوضاع الراهنة وأزمة الجمعية التأسيسية، والدستور المنوط بها وضعه، فى حوار اجرته معه الزميلة "الدستور"، جاء فيه:
■ لماذا عدت إلى دولة الكويت بعد الانتخابات ولم تفكر فى الاستقرار بمصر وإنشاء حزب سياسي كما فعل جميع المرشحين السابقين للرئاسة؟ - لأن التفرغ للعمل السياسي لا بد أن يتطلب ثروة أستطيع أن أنفق منها على نفسي وعلى بيتي وعلى العمل السياسي، وأنا لا أملك هذه الثروة، فأنا أعتمد على مرتبي فقط، وبعد أن قدمت استقالتي من القضاء، وجدت أن المعاش لا يستطيع أن ينفق على البيت وعلى مشاركتي فى العمل السياسي، فكان طبيعيا ما دام لدي فرصة عمل بالكويت أن أعود ثانية.
■ هل التقيت خلال هذه الزيارة أي شخصيات عامة أو حزبية أو قوى سياسية؟ - بالطبع، التقيت عددا منهم إذ تربطني علاقات صداقة بكثيرين، فالتقيت من سمحت ظروفهم، التقيت فى منزلي عددا من أعضاء المعهد الديمقراطي المصري، بناء على طلب منهم، إذ تربطني بهم علاقات من قبل الثورة، بدأت منذ 2005 وقت أزمة القضاة، وهم عدد من الشباب من مختلف الانتماءات، والتقيت أيضا غيرهم.. وأشعر بالسعادة حين ألتقى الشباب لأني مؤمن أنهم أصحاب المستقبل، وأصحاب البلد الحقيقيون، فنحن مشروعنا للمستقبل شىء مشكوك فيه، وأقصد هنا الجيل فوق ال60 عاما، حين يتحدثون عن المستقبل يتحدثون عن شىء لا يخصهم، لكن الشباب حين يتحدثون عن المستقبل يتحدثون عن شىء يخصهم. ■ هذا يعنى أنك تفضّل لمن فوق الستين عاما أن لا يمارس السياسة ولا يتقلد مناصب؟ - بالفعل، من يتجاوز ال60 عاما يجب أن لا يتقلد مناصب، بل يعطى خبرته للشباب، فيصبح القرار فى النهاية، سواء داخل الحكومة أو المعارضة، بيد الشباب.
■ كيف تابعت أزمة النائب العامّ الأخيرة، خصوصا أنك قاضٍ؟ - الأزمة لها دلالات عدة: أولا عدم وضوح الرؤية السياسية، ثانيا عدم وجود الخبرة السياسية، والأطراف التي تداخلت فى الأزمة تداخلوا بحسن نية زائد لكن دون خبرة سياسية، والعمل السياسى يقتضي خبرة سياسية وكثير ممن ليس لديه هذه الخبرة تصرف بتلقائية وحسن نية، فحصل سوء فهم متبادل أدى إلى حدوث الأزمة، لكن لم يكن لدى أى طرف سوء نية، ولم يُرِد أحد الاعتداء على استقلال السلطة القضائية.. هذه الأزمة أدت إلى أن كثيرا من الشخصيات بدت كأنها تدافع عن استقلال القضاء، بينما لم تكن طوال عمرها مع استقلال القضاء، على العكس كانت تساعد فى العدوان على القضاء وقضت عمرها كله تنتهك استقلاله، هذه الالتباسات كلها نتيجة أن الذين تداخلوا فى هذه الأزمة لم يكن لديهم خبرة سياسية.
■ ولكن النائب العامّ قال فى بيان رسمى إنه تَعرَّض لتهديد من قِبل المستشارين أحمد مكي وحسام الغريانى؟ - أتصور أن ما ورد فى بيان النائب العامّ من أنه تعرض لتهديد، وقيل له إن المظاهرات ستخرج من كل مكان ضده وإنه سيتم الاعتداء عليه مثل السنهورى، من الممكن أن يكون قيل بالفعل لكن بطريقة مختلفة، والنائب العامّ لأنه فى الأزمة نفسها، وأى شخص مكانه يكون فى حالة توتر، من الممكن أن يستقبل الكلام بمعنى مختلف عن المعنى المقصود، لذلك أقول إن الأزمة سببها سوء فهم ناتج عن عدم خبرة سياسية من كل الأطراف.
■ ولكن ما دخل المستشارَين مكى والغريانى بالموضوع؟ ولماذا تم اختيارهما وسيطين؟ - اختيارهما جاء لحفظ كرامة النائب العامّ، ولا يمكن إطلاقا أن يتطرق إلى نفسى أى شك فى ذلك، وأعتقد أنه لا يوجد مواطن مصرى يمكن أن يشك لحظة فى أن المستشار الغريانى أو أحمد مكى أو محمود مكى، ممكن يتورطوا فى عدوان على السلطة القضائية، أو أن يسكت أحدهم على أى اعتداء يقع على السلطة القضائية.. والدكتور محمد مرسى اعتُقل من قبل للدفاع عن استقلال القضاء، فلا يمكن إطلاقا أن يقصد الاعتداء على استقلال القضاء، لكن المسألة فيها كثير من حسن النية وعدم الخبرة السياسية، وهو ما أدى إلى هذه الأزمة.
■ ولكنك تكرر نفس التبريرات التى ساقها المستشار محمود مكي، وهى لم تجد استحسانا لدى الرأى العامّ. - هذه هى الحقيقة، لكن من المفترض أن لا تحدث، لأن الذى يمارس العمل السياسى لا بد أن يكون لديه من الخبرة والحصافة، بحيث لا يضع نفسه فى هذا الموقف، ويعرف كيف يؤدى سياسيا حتى تكون الأمور واضحة ومحددة ولا يحدث اللبس، وحتى لا يقع فى مثل هذا الموقف. القاضى زى ما احنا نعرفه وزى ما حافظنا عليه وعلى تقاليده سنين طويلة، لا يمكن أن يكذب أبدا مهما كانت الظروف، لذلك فالقاضى فى أى قضية لا يحلف اليمين، لأنه ليس من المتصور أنه يكدب، ولو كذب مرة واحدة حتى فى حياته الخاصة يفقد صلاحيته، لأن من يكذب يزوّر، وإذا زوّر لا يعدل... وأعتقد أن بعض من تداخلوا فى هذه الأزمة تصور أن كل القضاة ما زالوا على هذا النحو، لم يدركوا أن تغيرات حدثت فى المجتمع سواء فى القضاء أو فى خارجه، وأن كثيرا من التقاليد القضائية التى حرصنا عليها أصبحت من التراث، وفيه ناس فاهمة إن ده مش تقاليد ولا حاجة، وممكن يتعمل غيرها، هو ده سبب الأزمة، الناس تصرفت بحسن نية فى ظل تقاليد تربوا عليها وفوجئوا بعكس هذا لأن الدنيا تغيرت.
■ البعض قال إن النائب العامّ وافق لكنه تراجع بسبب ردود الأفعال ضده. - من الجائز أن يكون ذلك حدث، فأنا لم أكن شريكا فى هذه المحادثات ولا أستطيع أن أشهد على شىء لم أحضره، لكن أتصور أن هذا الكلام به قدر كبير جدا من الصحة، وهذا ليس لأن النائب العامّ يريد أن يكذب، أو أى طرف بيكذب، لكن ممكن أتصور أنه حدث سوء فهم، واحد بيتكلم يقول كلام بحسن نية والطرف الآخر نتيجة ظروف نفسية فهم الكلام بشكل مختلف، أتصور أن الأزمة كانت فى هذا الإطار. ■ وقت الأزمة تَردّد اسم المستشار هشام البسطويسي لتولى المنصب. - طُرح هذا الكلام فى وقت سابق بشكل غير مباشر، لكن طبعا فى ظل هذه الظروف مستحيل، أولا لأنى مستقيل، والنائب العامّ لا بد أن يكون قاضيا فى العمل، وأنا استقلت منذ الانتخابات ومن ثَم لا بد أن أرجع إلى القضاء أولا حتى يتم ترشيحى لمنصب قضائى، ثانيا حتى لو كنت فى القضاء لا يمكن أقبل منصبا فى ظل هذه الملابسات والظروف حتى لو كان تم بحسن نية شديد جدا، لأننى لا أقبل أن أضع نفسى فى هذا الموقف.
■ قلتَ إن النائب العامّ المستشار عبد المجيد محمود هو الأفضل فى تاريخ مصر. - هذا الكلام صحيح، إذا قارنَّا المستشار عبد المجيد محمود بأى نائب عام سابق عليه، فسنجد أنه الأفضل فنيا وسلوكيا وفى كل النواحى، رغم أنه بالطبع لديه أخطاء، ولكن الأخطاء لا بد أن يُنظَر إليها فى إطارها الزمنى والتاريخى، إذا قارنّا بينه وبين ماهر عبد الواحد أو ورجائى العربى، نجد أن النائب العامّ الحالى أفضل منهما.
■ لكن البعض يحمِّله المسؤولية عن أحكام البراءة فى قضايا الثورة. - الناس مش فاهمة دور النيابة العامة، فهى لا تقوم بجمع الأدلة فى القضايا، هذا دور جهات الاستدلال التى منها الشرطة والأجهزة المعاونة، ثم تقدمها للنيابة، والنيابة العامة دورها أنها تحقق من أجل أن تتأكد من مشروعية الأدلة، وأن الدليل كافٍ لإثبات تهمة معينة على متهم محدد، لكن الناس خلطت بين دور النيابة العامة وجهات الاستدلال، ثانيا النائب العامّ فى ظروف الثورة كانت عليه ضغوط شديدة جدا من الثوار، ولم يكن لديهم استعداد لينتظروا أن تأخذ التحقيقات وقتها، والناس كانت مستعجلة، وكانت هناك تخوفات من تهريب المتهمين، وكان هناك ضغط لإنجاز القضايا، والنائب العامّ وصل الليل بالنهار هو وأعضاء النيابة وبذلوا جهدا غير عادى من أجل تقديم القضايا للمحكمة بأسرع ما يمكن ليتم اتخاذ إجراء قضائى ضد المتهمين، والناس لها عذرها، أن المتهمين لم يحبسوا، وكان حبسهم يحتاج إلى أدلة.. ومن البداية كنت أقول إن قضايا قتل المتظاهرين يصعب جدا إثباتها فى حق الرئيس السابق ووزير داخليته لأنه يصعب جدا أن نجد دليلا يدينهما، لأن جريمة القتل فى القانون المصرى لازم يكون القاتل مارس بنفسه دور إيجابى واستخدم سلاح قاتل بطبيعته فى العدوان على مجنى عليه محدد وأحدث إصابة به، وهذه الإصابة تحديدا هى التى أدت إلى وفاته، فمبارك لم يمسك بندقية ولا مسدسا ولا نزل الميدان، ولم يثبت أنه أعطى أمرا بالقتل.. والتهمة التى كان من الممكن بها إدانة حسنى مبارك والمسؤولين الآخرين واردة فى الاتفاقية الدولية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، مصر وقّعت عليها لكن لم تصدّق، ولو كان البرلمان صدّق عليها كان من الممكن محاكمة مبارك أمام القضاء المصرى وبالقانون المصرى استنادا إلى هذا النص الموجود فى المحكمة الجنائية الدولية، مسؤولية رئيس الدولة عن قتل المتظاهرين، ليس بالقانون المصرى هذه الجزئية، والنائب العامّ غير مسؤول إطلاقا على صدور أحكام البراءة فى قضايا قتل المتظاهرين.. المحكمة قُدم لها وقائع كثيرة جدا بعضها لم تفصل فيها، وفصلت فى وقائع دون أخرى، ويجوز إعادة المحاكمة فى هذه الوقائع التى لم يتم الفصل فيها، أما التى حُكم فيها فلا يجوز إعادة محاكمتها إلا إذا طعنت محكمة النقض على الحكم.
■ تفجرت أزمة تسجيل المكالمات مع أزمة النائب العامّ مع تصريحات عصام العريان الذي قال فيها إن مكالمات النائب العامّ مسجلة، فهل من حق الرئاسة قانونا تسجيل المكالمات؟ - أولا فى مصر منذ أيام عبد الناصر والمحادثات داخل الرئاسة سواء الهاتفية أو غير الهاتفية يتم تسجيلها للتوثيق والتأريخ، ولكى لا يقال إن رئيس الجمهورية يجرى محادثات ويخفى شيئا عن الشعب، أو ينسب إليه أنه قال شيئا ولم يقُله، إجراء أعتقد أنه معمول به فى مصر منذ زمان ومعمول به فى دول كثيرة، وده تصرف محترم، ويكون معروفا للجملع أن المحادثات مسجلة، وأى حد بيكلم رئيس الجمهورية لا بد أن يتوقع أن المكالمات مسجلة، وهذه حماية للشخص وللمسؤول، وأعتقد أنه إجراء معمول به فى كل الدول المحترمة.. الدول التى لا تتخذ هذا الإجراء بها مخاطرة كبيرة على الشخص المتصل سواء إذا كان مواطنا من داخل الدولة أو أجنبيا، لأنه سيكون هناك مجال لإنكار شىء قيل.د
■ ولكن هل هذا قانوني؟ - الثأثيم فى الموضوع هو أننى أسجل حديثا دون إذن من الشخص أو إذن من المحكمة، هنا جريمة، لكن إذا كان الشخص على علم بالتسجيل وقبِل، أو يعرف أنه من الطبيعى التسجيل ولم يتحفظ فى الكلام، فلا إثم قانونيا هنا. ثانيًا ما دخل رئاسة الجمهورية فى هذه القصة؟ ليس معنى أن أحد الأشخاص صرّح وقال إن الحديث مسجل أنه مسجل فعلا، هل هو شخص مسؤول داخل رئاسة الجمهورية؟ الشخص الذى صرح ليس له علاقة برئاسة الجمهورية، وفى الأول لا بد أن نسأل هذا الشخص: ما علاقتك برئاسة الجمهورية؟ وما دليلك على الكلام؟ وإذا قدم دليلا، فلنتأكد أولا من الدليل، وبعدها أسأل رئاسة الجمهورية، وإذا لم يقدم دليلا يكون كلامه دون سند، وأعتقد أنه تم إقحام رئاسة لجمهورية دون مبرر، لأنه لا يجوز استنادا إلى قول أحد الأشخاص أن أعتبر كلامه صحيحا وأسأل رئاسة الجمهورية، لمّا يثبت كلامه الأول.
ثالثا لم يقل أحد إنه تم الحديث من تليفونات الرئاسة، حسب مذكرة المستشار أحمد مكى فإن المحادثات تمت من تليفونه الخاص، والنائب العامّ لم يقُل إن المكالمات استقبلها من رئاسة الجمهورية، كان عليه أن يكتب مذكرة بشهادته لأنه أحد أطراف الواقعة، قبل ما أكلم رئاسة الجمهورية أو المتهم أسأل الشهود، الشهود هم عصام العريان وحسام الغريانى والنائب العامّ نفسه، لكنه لم يفعل، وأعتقد أن مبادرته بسؤال رئاسة الجمهورية مباشرة هو إجراء عصبى قبل الأوان، النائب العامّ كان لازم يشهد الأول المكالمة دى استقبلها من رئاسة الجمهورية أم من خارجها أم لا يدري، لأن شهادته قد تنسف القضية كلها، أو تغنى عن شهادة رئاسة الجمهورية، وإذا ثبت من هذه الشهادات أن المكالمات تمت من رئاسة الجمهورية هنا يجوز لى أن أسألها.
■ هل ترى أن الأزمة انتهت بالشكل الجيد؟ - الأزمة انتهت إلى أمرين إيجابيين: الأول أن استقلال القضاء أصبح مصونا وكل الشعب يحميه ولا يسمح لا بحسن نية ولا بسوء نية بالمساس باستقلال القضاء، حتى من كانوا يسمحون فى ما مضى بانتهاك استقلال القضاء هبوا للدفاع عنه، وهذا شىء محمود لتغير موقفهم من الموقف السلبى أيام مبارك من معاونة السلطة التنفيذية فى التعدى على استقلال القضاء، وبعضهم قضاة، فعندما يتحولون للدفاع عن استقلال القضاء فهذا أمر نرحب به ونتمنى أن يستمروا عليه.. الأمر الثانى أن رئيس الجمهورية بعد فترة طويلة جدا نراه لا يعاند الشعب ويستجيب له، وممكن يعدل عن قراره، وهذا أمر لم نرَه منذ عهد عبد الناصر، حينما عدل فى أزمة الأرز عن سعر الأرز بعدما ارتفع سعره من 4 صاغ إلى 8 صاغ، غضب الشعب فعاد الرئيس عن قراره ورجع سعر الأرز إلى 4 صاغ، من هذا التاريخ لم نشهد رئيس الجمهورية يستجيب لإرداة الشعب إلا من الرئيس مرسي.
■ من الخاسر فى هذه الأزمة؟ - لم يخسر أحد فى هذه الأزمة.. لمّا معنى استقلال القضاء يتأكد بهذه الطريقة فالكل كسبان، الشعب والدولة والقضاء، لما رئيس الجمهورية يعدل عن قراره استجابة لرغبة الشعب أيضا كلنا كسبانين، صحيح وقت الأزمة كان هناك سوء فهم واحتكاكات كان من الممكن أن ينتج عنها خاسرون، لكن الحمد لله هذا لم يحدث.
■ والمستشاران أحمد مكى وحسام الغريانى.. ألم يخسروا أو تهتز صورتهم أمام الرأى العامّ؟ - من الممكن أن يكون للرأى العامّ موقف سلبى منهم وقت الأزمة، إنما بعد الأزمة سوف يدرك أن أحمد مكى وحسام الغريانى فوق مستوى أى شبهة خصوصا لما الأمر يتعلق باستقلال القضاء، لا يمكن إطلاقا ومن رابع المستحيلات أن يعتدى أحد منهم على استقلال القضاء أو يسمح بذلك أو يعاون على ذلك أو يسكت على ذلك، المسألة كلها نتيجة لبس وسوء فهم حدث فى إطار أزمة نتيجة عدم الخبرة السياسية. ■ هل تتفق مع من يقولون إن مستشارى الرئيس هم من يورطونه فى مثل هذه القرارات؟ - أعتقد أنه نتيجة عدم الخبرة السياسية فى ممارسة الحكم وتحمل المسؤولية سواء من الحكومة أو المعارضة، ستظل تحدث أخطاء وأزمات، كما أن بعض القانونيين اعتادوا أن يروا العمل القانونى بطريقة الترزية، على أنها نوع من الشطارة.. لسه فيه ناس متأثرة بهذا الفكر، أعتقد أنه مع الوقت ستصوب الأمور والناس هتصحح سلوكها، وفيه ناس هتدرك إنه لا يجوز ممارسة القانون بمنطق الترزى، القانون لا بد أن يمارَس بمنطق مختلف، منطق الحق والموضوعية، وأن تكون لديه القدرة على أن يرى الأمور بشكل صحيح، وهذا سيستغرق وقتا.
■ هذا يعني أنه لا يزال لدينا ترزية قوانين؟ - طبعا فيه بعض القرارات تصدر نتيجة محاولة لىّ الوقائع القانونية أو استغلال النصوص القانونية بطريقة خاطئة، ما زال هناك من يفكرون بهذه الطريقة، وهذا أمر طبيعى لأننا ما زلنا فى مرحلة استشفاء من حالة ديكتاتوية 30 سنة وأكثر، فى حالة استشفاء من عُقَد ترسبت لدينا جميعا من اسستبداد وفساد استشرى فى جميع المؤسسات بلا استثناء، حتى المؤسسات السيادية، ده طبيعى ينتج عنه كثير من العيوب وكثير من الأمراض، حتى لدى الشعب، من أجل هذا فالآن ليس هو الوقت المناسب لعمل دستور دائم للبلاد لأننا ما زلنا فى مرحلة استشفاء، الدستور الدائم يتم وضعه بعد أن نشفى ونبرأ ونستقر، لكننا لا نزال فى حالة قلق، أفكارنا تتحدد وفقا لما أصابنا من عقد وعيوب نتيجة الزمن الماضى.. فنجد مثلا من يقول نظام برلمانى ولكن رأيه ليس من منطلق موضوعى، أو أن هذا ما تحتاج إليه مصر فعلا، لكن من منطلق عقد 30 سنة ديكتاتورية، وهذا لا يصح أن أبنى المستقبل عليه، لأنه عقد ماضٍ انتهى، بل لا بد أن أرى ما يحتاج إليه الشعب المصرى بحق، وهذا لن يظهر إلا بعد فترة هدنة من الصراع السياسى، فترة انتقالية، فترة استشفاء من أجل أن تستقر مفاهيمنا.
من يتحدث عن تطبيق الشريعة الإسلامية، يتحدث بعصبية شديدة، كأن كل ما مضى فى حياتنا كان مخالفا للشريعة الإسلامية وكان كفرا، وهذا غير صحيح لأننا طول عمرنا نطبق الشريعة الإسلامية، كل هذا نتيجة عقد من ممارسات النظام القديم.. وأرى أن الدستور الدائم إما كان عقب الثورة مباشرة فى أول 18 يوم من خلال تشكيل جمعية تأسيسية، وإما أن يرجأ إلى نهاية المرحلة الانتقالية بعد أربع سنوات، إنما فى الظروف الحالية فمن الخطر الشديد جدا عمل الدستور الدائم، لأننا سنظل فى خلاف باستمرار على كيفية تشكيل الجمعية التأسيسية، لمن يكون الغلبة بها؟ ذلك لأن النيات ليست سليمة وهناك أزمة ثقة بين القوى السياسية التى هى فى حالة تنافس وصراع من أجل الانتخابات، وهناك عقد الماضى، فكل قوى سياسية لديها عقدها من الماضى نتيجة ممارسات النظام السابق.. كما أن لدينا قضايا أكثر أهمية، فالشعب يحتاج أولا إلى أن نحل له الأزمة الاقتصادية، ولقمة العيش أهم عند الناس من الدستور، ومن هم تحت خط الفقر غير مهتمين بوجود دستور أصلا، لأن من لا يجد لقمة عيشه لن تكون لديه إرادة حرة ولن ينتخب بشكل سليم، بل يمكن شراء إرادته بلقمة العيش وبزجاجة زيت وكيس سكر، أما الإنسان الذى يستطيع أن يعبّر عن رأيه بحرية فهو من يملك لقمة عيشه.. هناك أولويات، لكننا لدينا «لخبطة» فى الأولويات بسبب عدم وجود رؤية واضحة.
■ ولكن على أرض الواقع هناك جمعية تأسيسية تمارس أعمالها وتناقش مسوَّدة للدستور وتتحدث عن مواعيد للانتهاء منه. - هذه مشكلة لأنه لا يجوز لجمعية تأسيسية تعمل وهى محل انتقاد من كثير من قوى الشعب، لا يمكن إطلاقا أن تُخرِج منتجا يكون محل رضا الشعب مهما كان كويس، أهم قيمة فى الدستور أن كل مواطن يشعر أن هذا الدستور يعبّر عنه يدافع عنه ويحمى حقوقه، إذا كان مصرى واحد لا يشعر أن هذا الدستور يحمى حقوقه فهو دستور غير صالح، الآن مهمة الدستور حماية الأضعف وحماية الأقليات وحماية الشعب فى مواجهة الأغلبية التى تملك السلطة وتتحكم فى مقاليد الأمور، وإذا فقد الدستور هذه المهمة فلا قيمة له، هذا العناد يجب أن ينتهى.
■ إذا كان من الخطر الآن عمل دستور دائم، فما الحل؟ - الحل الأمثل، فى حل الجمعية التأسيسية الحالية أولا، وثانيا إرجاء تشكيل الجمعية التأسيسية ثلاث سنوات حتى نتتهى من المرحلة الانتقالية، حتى تتحسن الحالة الاقتصادية للبلد وبعدها نتحدث عن الدستور، على أن يتم تشكيل دستور مؤقت من 10 أو 15 مادة تشكل الحد الأدنى الذى يمكن أن تتفق عليه القوى السياسية، ويتم انتخاب برلمان مؤقت أيضا لدورة واحدة وفقا لنصوص هذا الدستور المؤقت من أجل أن تسير البلد ويكون الهدف من الفترة الانتقالية حاجة واحدة هى تحقيق أهداف الثورة وتعديل التشريعات وإنشاء مؤسسات وتطهير مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد وضمان نزاهة الانتخابات، حتى يكون لكل مواطن مصرى كرامة فى الداخل والخارج، من أجل أن تكون هناك حرية سياسية حقيقية لكل مواطن مصرى، ومن أجل تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية يشعر بها المواطن، لا بد أن ننجز أولا هذه المهمات وبعدها ندوّر على الجمعية التأسيسية والدستور الدائم.
■ وما تقييمك لأعمال الجمعية التأسيسية الآن وطريقة إدارتها؟ - ما دامت هناك فئة حتى لو كانت قليلة لا ترضى عن هذه النصوص وعن الجمعية، فإن هذا الدستور لا يعبر عن الشعب ولا يؤدى وظيفته التى يجب أن يؤديها، وعليه فلا يصح أن يستمر هذا «العناد»، فالدساتير لا تكتبها الأغلبية، والدساتير لا توضع لحماية الأغلبية، بل لحماية الأقلية، لهذا لا بد من سماع هذه الأقلية.. الدستور لن يكون دستورا دائما ولن يكون ذا قيمة حقيقية ولن يكون محل رضا، ولن يخرج فى الفترة الحالية فى ظل حالة الاستقطاب السياسى الموجودة فى مصر وحالة عدم الثقة بين القوى.. ووجهة نظرى إرجاء هذا الموضوع كله حتى نحل الأزمة الاقتصادية ونطهر البلد من الفساد ومن بقايا النظام السابق وتوفير فرص عمل حقيقية، ومناقشة قضية الدعم، كلها قضايا لا بد أن نحققها أولا، وهذا ليس وقت الخلافات السياسية، فى البداية نحقق أهداف الثورة، فى خلال ال18 يوما الأولى للثورة لم يكن أحد يتكلم عن أى قضايا خلافية، حين قامت الثورة على ثلاثة مطالب كانت محل اتفاق من الجميع، يجب أن ننجز هذه المطالب أولا حتى تنجح الثورة، ويجب أن نضع لقضية العدالة الاجتماعية الأولوية الأولى، ونستطيع أن ننجزها إذا أردنا، وهذا لا يمكن تنجزه أى قوى سياسية بمفردها، بل لا بد أن نتكاتف جميعا، ولا يمكن للرئيس أن يعمل بمفرده، ولكن يلجأ إلى القوى، ولا بد أن يلمّ الشمل بين كل القوى السياسية ويركز العمل العام على إنجاز أهداف الثورة خلال مدة محددة، أتصور أنها خلال السنوات الأربع القادمة.. الثورة لم تقُم من أجل سن زواج البنات حتى نأتى اليوم ونختلف عليه، ولم تقم من أجل ختان الإناث، وهذه قضايا غير مطروحة، الأهم إن الناس عايزة تاكل، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطبق الشريعة من بداية نزول الرسالة، بل وفر للناس الأكل وأنشأ دولة ومجتمعا مسلما، وبعد ذلك نتحدث عن تطبيق الأحكام.
■ ما مقصدهم من تطبيق الشريعة؟ - نحن نطبق الشريعة الإسلامية بالفعل، وحتى الحدود يوجد بها آراء كثيرة جدا فى تطبيقها وطريقة تطبيقها، إنما فى كل القضايا الأخرى فإن الشريعة الإسلامية مطبقة.. لكن إذا كان الهدف تطبيق شريعة إسلامية تأتى من فكر آخر مستورد من نظام دولة أخرى، فهذا غير مقبول ولن يقبله الشعب المصرى، فهو شعب متدين ويفهم دينه بشكل جيد، وهو الذى حمى الإسلام وحمله إلى الدول الأخرى، فلا يحتاج إلى من يعلمه دينه، خصوصا أن من يطالبون بتطبيق الشريعة لم يدرسوا ولم يتعلموا شيئا فى الشريعة الإسلامية، بل يأخذون معلوماتهم من الكتب. ■ هناك جانب آخر من الناحية القانونية، فنحن أمام دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية للنظر فى شبهة عدم دستورية قانون تشكيل الجمعية التأسيسية. - هذا هو عيب «ترزية القوانين» الذين وضعوا قانون تشكيل الجمعية المعيب الذى تنظره المحكمة الدستورية للفصل فى دستوريته، فمن العيب أن يكون فى اتخاذ القرارات هوى، لأن الهوى يفسد الرأى، فيحاول مستشارو الرئيس أن يجدوا مخارج قانونية هى فى الحقيقة تهدم القانون، مثلما كان يفعل تماما كل من فتحى سرور ومحمد الدكرورى ومفيد شهاب خلال حكم النظام السابق.. وللأسف فإن بعض الثوار المخلصين للثورة نتيجة ظروف الشحن السياسى والتنافس والرغبة فى الاستحواذ على السلطة يمارسون نفس ممارسات ترزية القوانين فى النظام القديم.
■ لكن أليس على المستشار حسام الغريانى وهو شيخ القضاة، أن يعلق أعمال الجمعية التأسيسية إلى حين أن تفصل المحكمة فى الدعوى؟ - لا يجوز له أن يفعل ذلك، لأن لتشكيل الجمعية قانونا صدر ممن يملك إصداره، أما بالنسبة إلى مشروعية القانون فلا يستطيع أن يعطى المستشار الغريانى لنفسه الحق فى أن يفصل فى الدعوى، ولو كنت مكانه كنت سأمارس عملى.. لكن رأيى القانونى أن القرار الذى صدر بتشكيل الجمعية التأسيسية وتحصينها من رقابة القضاء الإدارى مخالف للدستور والقانون، لكن هذا لا يعنى أنى أحكم فى الدعوى لأن المحكمة هى صاحبة الاختصاص.
■ لكن كيف يكون الوضع إذا ما انتهت الجمعية من الدستور وطرحته على الاستفتاء قبل الفصل فى الدعوى؟ - سندخل فى نزاع قانونى آخر، بين من يقول إن الدستور موجود ولا داعى للدعوى وكل هذه الإجراءات، ومن يقول إن ما بُنى على باطل فهو باطل، ولكن كل هذا ليس له قيمة لأن الدستور لا تُستمدّ قيمته من الأحكام ولا يُستمد من عمل الجمعية، بل يستمد قيمته من رضا وتوافق الشعب عليه، وأن يشعر كل مواطن مصرى أنه يعبر عنه، وهذا بالطبع غير موجود، فحتى إن قضت المحكمة بدستورية القانون ولو تم الاستفتاء ووافقت الأغلبية عليه، ولم يشعر الشعب أن الدستور يعبر عنه، فقد فقد وظيفته وقيمته.
■ لو انتهت الجمعية من إعداد الدستور، كيف ترى المنتج النهائى الذى سيخرج منها؟ - فئات كثيرة جدا غير راضية عنه، وبطبيعة الظروف لن يكون دستورا دائما، وسيسقط مع سقوط النظام الحالى سواء تغير عبر الصناديق أو بأى طريقة، مثله مثل دستور 71. ■ قضاة تيار الاستقلال الآن يتولون مواقع مهمة فى دائرة الحكم، ما تقييمك لأدائهم؟ - أى حاكم لو أراد أن يختار شخصيات تتوفر فيهم سمات النزاهة والشجاعة والقدرة على قول الحق فى وجه الحاكم لن يجد إلا قضاة تيار الاستقلال، هذه حقيقة، والتجربة أثبتت أنهم فى أسوأ الظروف وفى ظل نظام ديكتاتورى استبدادى قالوا كلمة الحق وتحملوا ما تحملوا ودافعوا عن موقفهم رغم ما أصابهم، فأعتقد أن أى حاكم سيأتى بعد الثورة كان لا بد أن يستعين بهم، وعدد القضاة الذين تم الاستعانة بهم لا يجاوز عشرة، ومن ثَم لا يسيطرون على الدولة كما يتردد، وفى أماكن تحتمل الاستعانة بهم، يعنى أن تلك المناصب تحتاج إلى أشخاص بهذه المواصفات، أشخاص تعرف الحق وتدافع عنه وتحمى الضعيف ولديها الاستعداد للوقوف أمام أى قوى حتى لو كان الرئيس، فم يحتلون مناصب وزير العدل ونائب الرئيس ورئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ورئيس جهاز الكسب غير المشروع ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أى أن قضاة الاستقلال يترأسون خمس جهات فقط وفى أماكن عملهم، ولن نجد أفضل منهم فى هذه المواقع، ولكن العيب الوحيد أنه ينقصهم الخبرة السياسية، لأن هذه المناصب كلها سياسية تقتضى قدرا من الخبرة والممارسة السياسية، وهناك مثال واضح أضربه هنا، هو قانون الطوارئ الذى أعده المستشار أحمد مكى، من وجهة نظرى هو نموذج لأفضل قانون طوارئ موجود فى أى بلد ديقراطى فى العالم، وهو أفضل قانون طوارئ شهدته مصر، لكن لأنه لا توجد خبرة سياسية لم يقدَّم بالشكل الذى يعبّر عنه تعبيرا صحيحا، فالناس تقبلته قبولا سيئا، لأنه لم يقدَّم إليهم بطريقة صحيحة، والناس هنا لم تخطئ، فلو قُدم بطريقة سياسية صحيحة كانت الناس هتحتفى بأحمد مكى وترفعه إلى مرتبة عالية. ■ ماذا تقصد بالطريقة الصحيحة؟ - أولا كان لا بد أن يشارك المجتمع فيه بالرأى ويقولوا رأيهم، ولا يجوز أن أفاجئهم به كما حدث، لم يكن هناك مشاركة شعبية فى مشروع القانون، أيضا لا بد أن يُطرح بوجهة النظر الكاملة، أشرح عيوب القانون القديم، وأفرق بين حالة الطوارئ وأن مكانها الدستور لا القانون، وبين القانون، والوضع فى القانون الجديد والوضع فى العالم بالنسبة إلى الطوارئ، لكن أن أفاجئ الناس بقانون فلا بد أن لا يتم تقبله، رغم روعته.. فاختيار قضاة الاستقلال جيد لكن ينقصهم الخبرة السياسية، أو كان لا بد من وجود شخصيات لديها خبرة سياسية تقدم لهم العون، أو أن يتصدر المهمة رجل سياسة ويكونوا هم مستشارين أو معاونين له يقدمون المادة العلمية، كان لازم يكون فيه طريقة نضمن بها أن الأداء السياسى لا بد أن يكون على مستوى الأداء الفنى.
■ المستشار محمود مكي تحديدا وهو صديق عمرك: هل أنت على اتصال به وهل يلجأ إليك لأخذ رأيك؟ - هناك أشياء لا تعرفها الناس، هى أننى وغالبية زملائى ممن ينتمون إلى تيار الاستقلال، بمجرد أن يتولى أحد منا منصبا سياسيا نقاطعه ولا نتصل به، ونترك له حرية الاتصال بنا وقتما شاء، أنا لا عيّدت لا على أحمد مكى رغم العلاقة اللى تربطنى به ولا على الغريانى، طول عمرى أى شخص يتولى منصب سياسى أو إدارى لا أتصل به، لأن الناس تعرف إنى ماليش حظوة عند حد ولا أعرّضه لشبهة ولا أعرّض نفسى لشبهة.
■ فى ما يخص الرئيس محمد مرسي وسياساته، هل تشعر أنه رئيس لكل المصريين، أم للإخوان المسلمين فقط؟ - الرئيس مرسى صادق النية فى أنه يريد أن يكون رئيسا لكل المصريين، ويريد أن يؤكد أنه لا يخضع لأى ضغوط من جماعة الإخوان المسلمين أو من حزب الحرية والعدالة، ولكن لأنه لا يملك رؤية سياسية واضحة وبرنامج عمل وطنيا لنظام حكمه، خلق نوعا من عدم الثقة بينه وبين باقى القوى السياسية، من ثَم يترتب على ذلك أنه يشعر أنه محل هجوم دائم ومستمر من جميع القوى السياسية المدنية، ويدفعه ذلك بشكل تلقائى إلى الاحتماء بتيار الإسلام السياسى، رغم أنه يحاول أن يكون رئيسا لكل المصريين، هذه هى المعضلة والأزمة التى يعانى منها الرئيس، فهو يحتاج إلى دعم كل المصريين، وهذا لن يحدث إلا إذا كان رئيسا لهم جميعا. ولا تزال الفرصة أمام الرئيس مرسى فى أن يضع برنامج عمل وطنيا تتوافق عليه كل القوى لتحقيق أهداف الثورة، فالسياسة لا تصنعها الأمانى الطيبة، ولكن تصنعها القرارات على أرض الواقع، لذلك فغياب هذه الرؤية يفتح الباب أمام الاستقطاب السياسى، فالساحة السياسية كلها عينها على الانتخابات، فكان يجب على الرئيس مرسى أن يجمع كل القوى فى مؤتمر واحد ليضعوا رؤية مشتركة وبرنامج عمل وطنيا متوافقا لفترة انتقالية لمدة أربع سنوات لتحقيق أهداف الثورة بعيدا عن أى خلافات أيديولوجية، ما زال الأمل قائما فى أن يأخذ الرئيس مرسى زمام المبادرة بأن يدعو إلى هذا المؤتمر كل القوى لتحدد رؤيتها وتستهدف فى الأساس تحقيق الكرامة الإنسانية لكل مواطن فى الداخل والخارج وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسن الظروف الاقتصادية، وتمنحه الحرية السياسية فى الاختيار. أيضا الشباب الذى كان له الدور الأكبر فى الثورة يجب أن تكون له الأولوية فى رسم سياسة المستقبل وفى مراقبة الأداء الحكومى.
■ وما الآلية لتنظيم ذلك المؤتمر؟ - لا بد أن تكون هناك آلية للعمل من خلال المؤتمر، وهى أن يختار هذا المؤتمر لجنة من الحكماء من خمسة أفراد دون التقيد بالانتماءات السياسية، شخصيات مخلصة فى تحقيق أهداف الثورة تكون حلقة الوصل بين القوى السياسة والحكومة والرئيس لضمان أن كل القرارات التى تصدر تصب فى مصلحة الثورة، وأتمنى من الرئيس مرسى أن يبدأ فى هذه الخطوات. ■ هل تعنى أن الرئيس مرسي لا يتخذ قراراته من مكتب الإرشاد؟ - الرئيس يحاول قدر الإمكان أن لا يكون للإخوان دور فى الحكم بشكل مباشر، لكنه بالتأكيد ينتمى إلى هذه المدرسة، فهو تربى فى جماعة الإخوان المسلمين لسنوات طويلة، وقضى فترات سجن معهم، فمن الطبيعى أن يكون فى الأفكار والتوجهات توافق، وطبيعى أنه يشبههم، خصوصا أنه لا يجد معاونة من القوى الأخرى، وتلك القوى لها عذرها لأنها لم تُدعَ بشكل جاد وواضح للحوار، فلا بد أن نبدأ صفحة جديدة سواء من جانب الرئيس أو من جانب القوى السياسية، لأن مصر فى حالة حرجة ووضعها الاقتصادى متردٍّ للغاية، وكل هذا يستدعى الترفع عن الخلافات السياسية وأن يتكاتف الجميع ويترفع عن هذه الخلافات لإنجاز مهمته فى بناء مصر على أساس ديمقراطى سليم. ■ وإذا لم يتحقق هذا ولم تتحقق مبادرات لم الشمل؟ - البديل سيكون خطرا لأن الجميع سيدفع الثمن، إذا تغيرت مسيرة الثورة فالجميع سيكون خاسرا، وإذا فشلت الثورة فى تحقيق أهدافها واستمرت حالة الاستقطاب السياسى سينتج عنها مزيد من الاضطرابات والمصادمات، وقد يصل الأمر إلى الدماء ثانيةً.
■ هل ترى أى إنجازات للرئيس مرسى خلال فترة حكمه الماضية؟ - لا يوجد أى إنجاز للرئيس مرسي، وما كان ينتظره الشعب من أول رئيس بعد الثورة وأول حكومة بعد انتخاب الرئيس لم يتم، وذلك أمر محبط للغاية، فالشعب انتظر إيجاد حلول لكثير من مشكلاته الاقتصادية ولم يجد أى شىء حتى الآن. ■ لا يمكن أن يمر الحوار معك دون الحديث عن تجربة الانتخابات، ماذا عن هذه التجربة؟ وخلال الاجتماعات التى حضرتها قبل الانتخابات من أجل التوافق على مرشح للثورة مَن قبِل ومَن رفض؟ - الوحيدان اللذان قدما تعهدا واضحا باستعدادهما للتنازل لصالح مرشح تتفق عليه قوى الثورة أنا وحمدين صباحى، أما الباقى فكانت له تحفظات، عمرو موسى كان يعلن استعداده للتنازل أيضا لكنه لم يتخذ موقفا، أما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فقد رفض الفكرة من البداية ولم يوافق على التنازل، ولكن أيا كانت نتيجة هذه الاتفاقات فلم يكن لها أثر فى نتائج الانتخابات، لأن عوامل كثيرة تدخلت فيها أهمها رأس المال .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.