تعتبرالشركات العائلية التي تدخل في صلب الاقتصاد الإقليمي أساسية في سوق الأعمال الشرق أوسطية. إلاّ أنّ التقرير الأخير لخبراء استشارات الشركات العائلية في ديلويت الشرق الأوسط يشيرإلى التحديات المتزايدة التي تواجهها هذه الشركات حالياً وكيفية التصدي لها. ويشير تقرير "الشركات العائلية : مقاربة التحديات القائمة في بيئة اليوم" الصادر عن ديلويت، إلى أنّ الشركاتالعائلية تعمل اليوم في بيئة أكثر اضطراباً تسودها قيم اجتماعية متعدّدة، ومنافسة شديدة، واقتصاد عالمي متقلب، وسياسات وأنظمة سريعة التبدّل. وقد أشار علي الكاظمي، المديرالتنفيذي المسؤول عن مركز ديلويت للخدمات الضريبية العالمية في الشرق الأوسط الى "التحدّيات التي تواجهها الشركات العائلية والناجمة عن العلاقات بين أفراد العائلة والتوازن الدقيق المطلوب بين العلاقات العائلية والمهنية . فما من قاعدة واحدة وحصرية تحكم كافة هذه العوامل، وكل شركة عائلية فريدة بحد ذاتها، وهي تواصل صياغة هويتها وأسلوب عملها عبر الأجيال المتعاقبة في العائلة". وقد تناول خبراء ديلويت هذه التحديات خلال الحفل الذي استضافته مؤخّراً المجموعة البريطانية للأعمال في دبي، حيث تمّ التطرّق إلى مسائل حماية واستثمار ثروات الشركات العائلية. وقد أعدّت ديلويت خدمات استشارية خاصة بالشركات العائلية في الشرق الأوسط، وذلك بهدف تأمين الحلول الفاعلة لكيفية تعاطي المجموعات العائلية مع القوانين الضريبية في مختلف البلاد التي تتواجد بها كما وضع الاستراتيجيات الخاصة بالشركات العائلية، ورجال الأعمال والشركات الخاصّة في المنطقة. وتطرّق تقرير ديلويت السابق الذكر إلى العديد من النقاط التي تشكّل تحديات للشركات العائلية اليوم وهي تتضمّن "تأمين المهارات"، حيث يشكّل عدم الفصل بين الملكية والإدارة واحدة من المسائل الشائكة في الشركات العائلية. ووفقاً لبولا موريس، رئيسة قسم خدمات العملاء الخاصين والشركات العائلية في ديلويت الشرق الأوسط "لم تعد المقاربة القديمة تنجح بالضرورة في السوق التنافسي في يومنا هذا كما كانت في الماضي. إذ تواجه الشركات العائلية بشكل متزايد تحديات متنامية تتطلب مجموعة جديدة من المهارات لإدارة نموذج تجاري ناجح، وهي مهارات قد لا تتوافر بالكامل ضمن العائلة". وتشير موريس إلى الصعوبات التي تواجهها الشركات العائلية في اجتذاب المهارات من خارج العائلة واستبقائها لإدارة أعمالها. وقال توجد مسألة هامة أخرى تتمثل بغياب إطار مناسب للحوكمة، الأمر الذي قد يؤثّر سلباً على القدرة على التحكّم بإدارة الشركة، مما يزيد من إمكانية حدوث الشوائب وقد يؤدّي إلى اختلالات في طريقة إدارة الأعمال. وأما السياسات الملائمة، والأنظمة والاجراءات المتبعة، والمدراء المستقلون على مستوى مجلس الإدارة، ووجود إطار عمل صلب لرفع التقارير المالية فمجرّد أمثلة عن العناصر التي تحتاج إليها الشركات العائلية لتحقيق النجاح. وتمّ تحديد مكامن ضعف ملحوظة مرتبطة بالبنية الضعيفة حيث تفتقر الشركة العائلية (أو المجموعات العائلية) إلى التنظيم المنطقي في ما يتعلّق بأقسام الشركة أو القطاعات التي تعمل بها. وفي بعض الحالات، تكون بعض النشاطات والاستثمارات ممسوكة من قبل المالكين أنفسهم وخاضعة لهم، في حين تتمازج المؤسسات ضمن مجموعات غير متجانسة من الأعمال (التكنولوجيا والعقارات مثلاً) ، مما يؤدّي حكماً إلى تحديات كبيرة من حيث الاستراتيجية، والإدارة، والرقابة، والإشراف، والمساءلة. وتطرح خصائص الشركات العائلية الفريدة العديد من التحديات. ويتفاوت مدى هذه التحديات بشكل ملحوظ بين الشركات ويعتمد على عوامل مختلفة تتعلق بالعائلة، والعلاقات الداخلية، وفرد أو أفراد العائلة المتحكمين بالإعمال (من الجيل الأوّل، أو الثاني، أو الثالث) منبينقضاياأخرى. ونجد على رأس لائحة هذه القيود والمسائل أرجحية النزاع بين أفراد العائلة، وغني عن القول بأن هذا الأمر قد يهدّد استمرارية الشركة بحدّ ذاتها. ويبرز التقرير أيضاً باضطراد مختلف الاجراءات التي قد تتخذها الشركات العائلية لمواجهة التغيرات الجذرية في المشهد الاقتصادي بالاضافة الى التحديات الذي تواجهها هذه المؤسسات في يومنا هذا. وتتضمّن بعض الخطوات، منها الحوكمة والبنية- يجب تحديد إطار عمل ملائم للحوكمة بهدف تعريف المبادىء والآليات المناسبة للحفاظ على الرقابة والمساءلة في المؤسسة. ولا بد من أخذ البنيتين القانونية والتنظيمية بعين الاعتبار على حدّ سواء. كما تشمل فصلالملكية عن الإدارة فإن الفصل بينالملكية والإدارة أمر أساسي لتلبية المتطلبات المتزايدة للمهارات القيادية والادارية المتخصصة ولمعالجة التهديدات التي يطرحها التداخل بين المسائل العائلية والمهنية، اضافة الى الموهب فمع توجه الشركات نحو الفصل بين الملكية والإدارة ونظراً لصعوبة ملء المناصب الأساسية بأفراد من العائلة يتمتّعون بالخبرة الوظيفية أو المتخصّصة المطلوبة بالنسبة إلى العديد من الشركات،يصبح توظيف أفراد من خارج العائلة في بعض المناصب الأساسية أمراً ضرورياً. وتتضمن أيضا الاستراتيجية والشؤون العائلية–على الشركةأن تحدّد استراتيجية واضحة ذات توجّهات أساسية. إذ من الضروري التوافق على آلية عمل شفافة لإدارة المسائل المرتبطة بأفراد العائلة، ومساءلتهم، والصراعات والخلافات بينهم، وخصوصاً عند الانتقال من جيل إلى آخر. علاوة على النواحي المالية، فلنجاح الشركات العائلية، لا بد من تحديد واضح للسياسات الضريبية والمالية، بما فيها أنصبة الأرباح وسياسات إعادة الاستثمار، وبيع أسهم الشركات بين أفراد العائلة أو إلى أطراف ثالثة بالإضافة إلى العديد من المسائل ذات الطابع المالي. وقال التقرير "لا شكّ أنّ المناخ الاقتصادي والسياسي العالمي يزيد من أهمية تطبيق أطر العمل الفاعلة من حيث التخطيط والحوكمة في الشركات العائلية في الشرق الأوسط. اما التحديات الداخلية والخارجية، فأصبحت أكثر انتشاراً في هذه الشركات العائلية أكثر من أي وقت مضى. ولا بد من إدارة هذه التحديات والتخطيط لها من أجل ازدهار المؤسسات المملوكة من العائلات.