قالت مصادر خليجية لرويترز إن تركيا أقامت قاعدة سرية مع حليفتيها السعودية وقطر لتقديم مساعدات حيوية و عسكرية بالإضافة إلى مجال الاتصالات لمساعدة المعارضة السورية من مدينة قريبة من الحدود. وتبرز أنباء إنشاء "مركز التحكم" الذي تديره جهات في الشرق الأوسط للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد إلى أي مدى تتحاشى القوى الغربية -التي لعبت دورا رئيسيا في الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي - التورط عسكريا في سوريا حتى الآن. وقال مصدر من الدوحة "يسيطر عليه الأتراك عسكريا. تركيا المنسق المشارك والوسيط الرئيسي. تصور مثلثا : تركيا عند رأسه والسعودية وقطر عند القاعدة. "الأمريكيون ينأون بأنفسهم عن هذا. تعمل المخابرات الأمريكية من خلال وسطاء. يسيطر الوسطاء على الوصول للأسلحة والطرق." ويوجد المركز في أضنه وهي مدينة بجنوب تركيا على بعد نحو مئة كيلومتر من الحدود السورية وأقيم عقب زيارة نائب وزير الخارجية السعودي عبد العزيز بن عبد الله آل سعود لتركيا وطلبه إقامة المركز حسب ما قاله مصدر خليجي. وأضاف أن الأتراك راقت لهم فكرة إقامة المركز في اضنة ليشرفوا على العمليات. ولم يتسن الاتصال بمسئول بوزارة الخارجية السعودية للتعليق. وتوجد في اضنة قاعدة انجر ليك الجوية التركية الأمريكية التي استخدمتها واشنطن في السابق في عمليات تجسس وعمليات إمداد وتموين عسكرية. وتلعب قطر - الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز والتي اضطلعت بدور قيادي في إمداد المعارضة الليبية بالأسلحة - دورا رئيسيا في توجيه العمليات من مركز أضنه حسب المصادر. وينخرط أيضا مسئولون من امن الدولة والمخابرات العسكرية في قطر في أنشطة المركز. وقال مصدر في الدوحة "تمد ثلاث حكومات (المعارضة) بالأسلحة هي تركيا وقطر والسعودية. وتنفي أنقرة رسميا إمداد المعارضة بأسلحة. وأضاف المصدر "جميع الأسلحة روسية. السبب إن هؤلاء الأشخاص (مقاتلي المعارضة) مدربون على استخدام الأسلحة الروسية وأيضا لان الأمريكيين لا يريدون التدخل. جميع الأسلحة من السوق السوداء. السبيل الأخر للحصول على الأسلحة سرقتها من الجيش السوري. يغيرون على مستودعات الأسلحة." وقال المصدر "الأتراك في حاجة ماسة لتقوية نقطة ضعفهم وهي الرصد والمراقبة ويتوسلون لدى واشنطن لتوفير طائرات دون طيار وأدوات مراقبة." ولكن يبدو إن مناشداتهم لم تلق أذانا صاغية. "لذا استعانوا ببعض الأفراد من جهات خاصة للقيام بالمهمة." ويحبذ الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتى الآن اللجوء للقنوات الدبلوماسية لمحاولة الإطاحة بالأسد إلا أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أشارت الأسبوع الماضي إلى إن واشنطن تنوي تقديم المساعدة للمعارضة. وعلمت رويترز إن معاوني أوباما اعدوا قرارا يسمح بمساعدة خفية اكبر للمعارضة ولكن لا تصل لحد تسليحهم. وتشارك قوى غربية البيت الأبيض قلقه. ويعكس هذا القلق مخاوف بشأن ما سيؤول إليه الحال في سوريا بعد الأسد وبشأن وجود إعداد كبيرة من الإسلاميين المناهضين للغرب بين مقاتلي المعارضة. ووجود مركز تحكم سري ربما يفسر كيف تمكن المقاتلون السوريون وهم جماعات قليلة التنظيم وضعيفة التسليح من شن هجمات ضخمة مثل تفجير 18 يوليو تموز الذي أسفر عن مقتل أربعة من كبار معاوني الأسد من بينهم وزير الدفاع. وأصر دبلوماسي تركي في المنطقة على إن بلاده لم تكن ضالعة في تفجير دمشق. وقال "انه أمر غير وارد. وزير الإعلام السوري اتهم تركيا ودولا أخرى بالقتل. لا تقوم تركيا بمثل هذه الإعمال. لسنا دولة إرهابية. تركيا تدين مثل هذه الهجمات." غير أن اثنين من ابرز مسئولي الأمن الأمريكيين قالا إن تركيا تضطلع بدور اكبر في إيواء وتدريب مقاتلي المعارضة السوريين الذين يتسللون عبر أراضيها. وقال أحد المسئولين السابقين وهو أيضا مستشار للحكومة في المنطقة لرويترز إن عشرين ضابطا سوريا سابقا يتمركزون في تركيا يساعدون في تشكيل قوات المعارضة وتعتقد إسرائيل إن ما يصل إلى 20 ألف جندي سوري انضموا للمعارضة حتى الآن. وذكر مسئولون سابقون أن ثمة ما يدعو للاعتقاد بان الأتراك عززوا من مساندتهم للقوات المناوئة للأسد بعدما أسقطت سوريا طائرة تركية قامت بعدة طلعات فوق المناطق الحدودية. وأفادت مصادر في قطر إن الدولة الخليجية تقدم التدريب والإمدادات للمعارضة السورية.
وقال مصدر في الدوحة على صلة بالجيش السوري الحر "دفع القطريون بفريق من القوات الخاصة قبل أسبوعين. نطاق مهمته التدريب والمساعدة في الإمداد والتموين وليس القتال." وذكر المصدر أن جهاز الاستخبارات العسكرية ووزارة الخارجية ومكتب امن الدولة في قطر منخرطون في العملية. وتحاشت الولاياتالمتحدة وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا - وهم اللاعبون الرئيسيون في الشرق الأوسط عادة - الانخراط حتى الآن ويرجع ذلك بصفة أساسية لأنها لا ترى فرصة تذكر لتحقيق "نتائج طيبة" في سوريا. وقال دبلوماسي في المنطقة "إسرائيل لا تسعى حقا لصياغة ما سيفرزه التمرد...إن الخطر الذي ينطوي عليه الانحياز لأي طرف هائل." وذكر مسئول أمريكي سابق يعمل مستشارا لحكومة في المنطقة وغيره من المسئولين الأمنيين الأمريكيين والأوربيين الحاليين والسابقين أن المساعدة المباشرة أو التدريب من الولاياتالمتحدة وحلفائها الأوروبيين ضعيف جدا وقد يكون غير قائم من الأساس. وقال المسئول السابق إن عددا قليلا من الأسلحة المتطورة مثل قذائف بازوكا تطلق من على الكتف لتدمير الدبابات أو صواريخ سطح-جو وصلت لأيدي القوات المناهضة للأسد. ولمح بعض المسئولين الخليجيين والساسة الأمريكيين المحافظين في أحاديث خاصة بان إمداد القوات المناهضة للأسد بصواريخ سطح-جو سيساعدها على إنهاء الصراع. غير إن مسئولين على دارية بالسياسة الأمريكية يقولون إن الولاياتالمتحدة حريصة على إن تبقي هذه الأسلحة بعيدة عن متناول ايدي المعارضة السورية خشية إن تصل مثل هذه الأسلحة إلى متشددين يؤمنون بالجهاد ويستخدمونها ضد طائرات غربية. ومثار القلق الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية والإسرائيليين إلى الآن هو إن تحاول عناصر من القاعدة التسلل بين مقاتلي المعارضة والحصول على جزء من مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية. وقالت سيما شاين كبيرة محللي الموساد سابقا وهي حاليا مستشارة للحكومة الإسرائيلية لرويترز "إنه كابوس للمجتمع الدولي لاسيما الأمريكيين - سقوط أسلحة الدمار الشامل في ايدي الإرهابيين. وبالتوازي مع اتصالاتها الخارجية تأخذ إسرائيل الأمر على محمل جدي للغاية. فرغم كل شئ نحن هنا والأمريكيون هناك." ووضعت شاين تصورا لسيناريوهين يحصل حزب الله من خلالهما على جزء من مخزون الأسلحة الكيماوية السورية. وقالت "يرحل الأسد وتسود حالة من الفوضى في إعقاب ذلك يتمكن حزب الله خلالها من وضع يديه على الأسلحة. ثمة وجود كبير لحزب الله في سوريا ويحظى بوجود جيد داخل الجيش وغيره من المؤسسات الوطنية. ومن ثم فانه قريب جدا كي يتسن له الاستيلاء عليها. "الاحتمال الأخر إن الأسد مع علمه انه في سبيله للرحيل سيسمح بتسليمها لحزب الله كرسالة للغرب عن تكلفة التشجيع على الإطاحة به." غير إن مسئولين بريطانيين وأمريكيين يعتقدون بأنه لا يوجد مؤشر يذكر على قرب الإطاحة بالأسد. وصرح مسئول أوروبي بارز إن الوضع على الأرجح لا يزال متأرجحا بين أنصار الأسد ومناوئيه. وأضاف المسئول أنه ما من مؤشر على إن الأسد ينوي إن يفعل شيئا سوي مواصلة القتال حتى النهاية المحتومة