قال صندوق النقد الدولي "تواجه دولة الإمارات حاليا صدمة أسعار النفط من موقف قوي نظرا لأن سياساتها الاقتصادية الكلية الرشيدة في الفترة السابقة ساعدت في بناء احتياطيات وقائية كبيرة في المالية العامة والحساب الخارجي، ولأن اقتصادها يتسم بقدر أكبر من التنوع، كما أنها لا تزال تحصد مردودا إيجابيا بفضل مكانتها كملاذ آمن. وأضاف بيان للصندوق حصلا المشهد على نسخة منه: تشير التوقعات إلى تراجع آفاق النمو في عام 2016 تأثرا بانخفاض أسعار النفط، حيث يتوقع أن يبلغ النمو غير الهيدروكربوني 2.4% نتيجة الجهود الضخمة لضبط أوضاع المالية العامة، وتراجع المزاج الاقتصادي السائد، وتشديد الأوضاع النقدية والمالية إلى حد ما. وبينما تشير التوقعات إلى تحسن أسعار النفط، فمن المتوقع أن ينتعش النمو على المدى المتوسط، بدعم أيضا من زيادة الاستثمارات في الفترة السابقة على معرض إكسبو 2020 الذي تستضيفه دبي، والظروف الخارجية الأكثر إيجابية. ويتوقع تراجع متوسط التضخم إلى 3.2% في 2016 مقارنة بمعدل قدره 4.1% في عام 2015. وزارت بعثة من صندوق النقد الدولي بقيادة السيد زين زيدان الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 26 إبريل إلى 9 مايو 2016 لإجراء مناقشات مع السلطات في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2016. وعقب انتهاء المشاورات سيتم إعداد تقرير يُرفَع إلى المجلس التنفيذي، بعد موافقة إدارة الصندوق، لمناقشته في اجتماع من المقرر أن يعقد بنهاية شهر يوليو 2016.
وفي ختام البعثة، قال زيدان:"رغم التحرك القوي على مستوى السياسات للتكيف مع أسعار النفط المنخفضة، فمن المتوقع أن يرتفع عجز المالية العامة في عام 2016 إلى قرابة 7.2% من إجمالي الناتج المحلي، ليتحسن بعد ذلك على المدى المتوسط. ومن المتوقع أيضا تراجع فائض الحساب الجاري في عام 2016 إلى 0.3% من إجمالي الناتج المحلي. وتشير التوقعات إلى تراجع نمو الائتمان المقدم إلى القطاع الخاص نتيجة تباطؤ الاقتصاد وزيادة احتياجات تمويل المالية العامة. وأضاف الصندوق:"إزاء هذه الخلفية، ينبغي أن يركز مزيج السياسات الاقتصادية الكلية المتبعة على ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج، مع الحفاظ على نظام سعر الصرف المربوط بالدولار الأمريكي ودعم الظروف المواتية لنمو الائتمان المقدم إلى القطاع الخاص. وفي ظل الاحتياطيات الوقائية الكبيرة المتوافرة، يمكن إجراء الضبط المالي في عام 2016 بوتيرة أكثر تدرجا إلى حد ما عن المتوخى في الوقت الحاضر، وذلك بهدف الحد من الأثر الواقع على الاقتصاد ريثما يواصل تكيفه مع انخفاض أسعار النفط على مدار العام الماضي. ومع تلاشي ضعف الدورة الاقتصادية المرتبط بأسعار النفط، ينبغي تسريع وتيرة الضبط المالي على المدى المتوسط لتحقيق توازن الميزانية العامة وتقليص فجوة العجز في القطاع غير النفطي إلى المستوى المطلوب لمراعاة العدالة مع الأجيال القادمة. أما فيما يتعلق بعناصر ضبط أوضاع المالية العامة، فينبغي الحفاظ على مستوى الاستثمارات العامة مع تعزيز كفاءتها، وتنفيذ خطط استحداث ضريبة القيمة المضافة ورفع ضرائب الإنتاج في الوقت المقرر، وإلغاء ما تبقى من دعم الطاقة بالتدريج. وكان إصدار أبوظبي مؤخرا سندات اليوروبوند بمثابة إجراء جدير بالترحيب، وينبغي أن تواصل تمويل عجز المالية العامة باللجوء إلى الأسواق الدولية وصناديق الثروة السيادية بدلا من السحب من الودائع حتى يمكن التخفيف من التأثير على أوضاع السيولة المحلية. وينبغي كذلك مواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز أطر إدارة المالية العامة والدين العام. "ولا يزال القطاع المصرفي يحتفظ بصلابته ويتمتع بقدر كاف من السيولة واحتياطيات رأس المال الوقائية للصمود أمام الصدمات الشديدة. وتعد الإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي لضمان كفاية مخصصات خسائر القروض، والتدرج في تطبيق معايير رأس المال والسيولة الواردة في اتفاقية بازل 3، وتقوية نظام الحوكمة المؤسسية بمثابة خطوات على الطريق الصحيح وينبغي المضي فيها. وينبغي الإسراع بالموافقة على قانون المصرف المركزي والقانون المصرفي الجديدين من أجل وضع إطار متكامل للسلامة الاحترازية الكلية، وتسريع عجلة التقدم نحو الامتثال للمبادئ الأساسية لاتفاقية بازل للرقابة المصرفية الفعالة، وتعزيز شبكات الأمان وأطر التسوية. ومن المهم مواصلة إصلاح الخلل في الميزانيات العمومية لدى الكيانات المرتبطة بالحكومة بغية احتواء المخاطر النظامية. وينبغي كذلك مواصلة الجهود الجارية لتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتصدي لعمليات تخفيف المخاطر. "وتعد رؤية السلطات لتحقيق مزيد من التنوع في الاقتصاد بعيدا عن النفط من الأمور الجديرة بالثناء. ويقتض التنويع الاقتصادي تكثيف الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى زيادة تطوير القطاع الخاص، والتحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وتشجيع قطاعات التصدير. ويمكن أن يتضمن ذلك تحسين مناخ الأعمال في بعض المجالات، ووضع أطر كافية للشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتخفيف القيود المفروضة على الملكية الأجنبية، وتشجيع المنافسة، وتشجيع الابتكار، بما في ذلك من خلال توفير أدوات التمويل الملائمة التي قررتها السلطات، وتيسير سبل التمويل للمشروعات المبتدئة والصغيرة والمتوسطة، وتوفير الحوافز الصحيحة لأنشطة ريادة الأعمال وخلق فرص العمل، ولا سيما للمرأة. التقى فريق بعثة الصندوق مع عبيد حميد الطاير وزير الدولة للشؤون المالية، ومبارك المنصوري محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ولفيف من كبار المسؤولين من الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وممثلي مجتمع الأعمال والمجتمع المالي.