مدير رعاية الأحداث: المتسولون يحققون أرباحا طائلة.. والعقوبة غير رادعة حقوقى: استغلال الأطفال وصل لمعدل غير مسبوق فى العامين الماضيين "ثياب ممزقة على جسد نحيل، يحمل أرطالا من القذارة يوميا، تجره عجوز تستعطف المواطنين من مستقلى المترو مقابل الحصول على عدة جنيهات، تجمعها يوميا لتكون ثروة هائلة مستغلة ذاك الطفل الذى لم يتجاوز عمره الخمسة أعوام". "لله وعشان حبيبك النبى".. كلمات ترددها العجوز تخترق آذان الحاضرين مع تعالى أصوات بكاء الطفل واحتكاك العربات بالقضبان، ساعات طويلة من المناشدة يوم عمل لا ينتهى فى الشوارع ووسائل المواصلات يتوارثها أصحابها جيلا بعد جيل، يصنعون منها إمبراطورية للمال الحرام يحكمها منتفعون وينظمونها فى أماكن ومواعيد محددة. مشهد يتكرر فى أغلب محافظات مصر وتأتى العاصمة القاهرة على رأسها والتى تتركز فيها ظاهرة التسول خاصة فى الأحياء الراقية، تليها محافظة الإسكندرية ثم محافظة الجيزة. قال العميد خالد عبد العزيز، مدير إدارة رعاية الأحداث بالقاهرة، إن انتشار ظاهرة استغلال الأطفال فى التسول ترجع إلى ضعف العقوبة المقررة فى القانون، مقارنة بالأرباح الخيالية التى يحققونها، حيث إن العقوبة لا تتجاور الحبس ثلاثة أشهر، ويعود المتهمون إلى ممارسة الجريمة مرة أخرى. وأضاف فى تصريحات ل"المشهد"، إن التسول بدا للحاجة والعوز ومع الوقت احترف المتسولون الجريمة ودخلت فئات جديدة، نظرا للمنافع المادية الكبيرة التى يحققونها من وراء التسول، مشيرا إلى أن رجال المباحث رصدوا خلال الفترة الأخيرة، قيام البعض بوضع مبالغ نقدية كبيرة فى البنوك كل فى فترة زمنية. وأشار عبد العزيز إلى أن المتسولين غالبا ما يكونون سيدات يستعطفن المواطنين فى وسائل المواصلات والميادين العامة، وتضبطهم قوات الأمن دوريا، مطالبا بتغليظ العقوبة على المتهمين. وأكد أن شرطة الأحداث تكثف حملاتها الأمنية التى تستهدف حماية الأطفال وتفعيل دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية والتطبيق الحاسم لقانون الطفل ومكافحة الظواهر الإجرامية المتعلقة بالأطفال واستغلالهم وإفسادهم، وضبط مرتكبيها. وفى السياق ذاته، قال مصدر أمنى، إن قطاع رعاية الأحداث بوزارة الداخلية، يكثف جهوده بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة، لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال من الوقوع ضحايا الاتجار بهم. وقال الخبير الأمنى، العميد محمود قطرى، إن الاقتصاد تدهور بشدة خلال الفترة الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ولم يجد بعض المواطنين دخل يكفى احتياجاته اليومية، واضطروا إلى التسول الذى تحول إلى مهنة مربحة، ومريحة فى ظل تخاذل الجهات المسئولة فى مواجهة الظاهرة. وأضاف فى تصريحات ل"المشهد"، إن المتسولين يستغلون الأطفال لاستعطاف المواطنين وتحقيق مكاسب مالية كبيرة، حيث يتخطى دخل الشخص المتسول فى اليوم 600 جنيه. وأكد أحمد المصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر بنقابة المحامين، أن ظاهرة استغلال الأطفال فى التسول ارتفعت بطريقة مريبة فى العامين الماضيين. وأضاف فى تصريح ل"المشهد"، بلغ عدد الأطفال المختطفين والمستغلين فى التسول خلال العام الماضى 412 طفلا، وفقا لتقارير وزارة الداخلية، و1700 إلى 2000 طفل بحسب المحاضر التى حققت فيها نيابة الطفل فى القاهرة، إلا أن المنظمات الحقوقية تقدر عدد الأطفال المستغلين فى التسول بالآلاف. وقال إن عصابات خطف الأطفال تبدأ فى تجنيدهم لامتهان مهنة التسول من سن عام إلى 5 سنوات، وعند بلوغ الطفل الخامسة عشر يبدأ فى لاتجار بالمخدرات، ويستغل فى التجارة الجنسية والدعارة، مطالبا وزارة الداخلية بتفعيل دورها وضبط المتسولين، وتفعيل دور اللجنة العامة لحماية الطفل داخل كل محافظة.