الرئيس وإسهال إصدار القوانين! خلال فترة تعيين المستشار عدلي منصور فى منصب رئاسة الجمهورية لمدة 11 شهرا أصدر خلالها (147 قرارا بقانون)، كان من ضمنها عدد من القوانين التى لا يمكن أن تصدر عن قاضٍ مبتدىء أو مشرع حديث عهد بالتشريع، فما بالك أن تصدر من رئيس هئية قضائية كبرى منوط بها الفصل فى دستورية القوانين، أصدر الرجل عددا من القوانين المتعلقة بتقييد الحريات العامة وشرعنة الظلم والفساد الاستبداد، وهو ما يدعو للتساؤل، كيف لقاضٍ يمثل أكبر هئية قضائية في مصر أن يصدر مثل هذه القوانين التى لو عرضت عليه كرئيس للمحكمة لأصدر حكمًا بعدم دستوريتها؟ كيف لقاضٍ حين يمتلك سلطة التشريع أن يشرع مثل هذه القوانين التى سيحكم من خلالها قضاة مصر كلها؟ وإصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه وحتى الان 300 قرارا بقانون (خلال العام الأول من الحكم) وهو ما يعد أمرا مبالغا فيه. فمجلس النواب في الظروف الطبيعية يصدر في السنة حوالي 30 قانونا فقط، و المجلس المقبل سيجد استحالة في مناقشة جميع القوانين التي صدرت في عهد المستشار عدلي منصور إلى جانب التي تصدر حتى لحظة انعقاد البرلمان من قبل الرئيس السيسي، إضافة إلى اللائحة الداخلية للمجلس و المجلس لن يستطيع إقرار جميع هذه القوانين دون مناقشتها، لأن المادة 156 من الدستور تشترط أن تعرض كافة القوانين وتناقش ويوافق عليها المجلس خلال 15 يومًا من انعقاد البرلمان، وإذا لم تناقش بعض القوانين سيزول ما لها من أثر بقوة الدستور. و البرلمان المقبل سيضطر لإقرار القوانين التي تتعلق بالنظام العام أولاً؛ ومنها قانون انتخابات رئيس الجمهورية، وقانون انتخابات مجلس النواب، لأن هذه هي "القوانين الحتمية" والسبب الرئيسي في تلك الاستحالة المادية هم واضعي الدستور، لأنهم لم يتخيلوا أن يستمر الوضع دون وجود برلمان تشريعي كل هذه المدة، ولم يتوقعوا أن تصدر كل هذه القوانين خلال فترة غياب البرلمان. خلال اقل من عامين صدر تقريبا 447 قرارا بقانون لو قرر مجلس النواب القادم مناقشتها واقرارها فانه يحتاج الى اربع سنوات كاملة، فما بالك بانه يجب اقرارها خلال خمسة عشر يوما فقط، هذه الاستحالة سوف تجعل النواب القادمون يقرون القوانين دون مناقشتها، الامر الذي سيجعلنا نحكم طوال السنوات القادمة بقوانين لم تأخذ حقها في المناقشة وهي في مجملها قوانين تسلب الحريات وتقنن الفساد وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا كان هذا الإسهال في إصدار كل هذه القوانين المعيبة، ولماذا تسير الدولة واجهزتها المختلفة وخاصة جهاز رئاسة الجمهورية في واد غير الذي يسير فيه الناس، ولماذا تحاول فرض هذه القوانين بقوة الامر الواقع، ان الإجابة على هذا السؤال تكمن في الجمع بين السلطات المختلفة من تشريعية وتنفيذية اضافة الى وضع السلطة القضائية في الجيب الشمال للسلطة التنفيذية وتنفيذها لكل ما يطلب منها، اننا امام سلطة مطلقة لا تحدها حدود وبالتالي فإنها سوف تودي الى مفسدة مطلقة لن تحدها حدود، ونسأل الله ان يتولى مصر وشعبها برحمته.