تناولت مؤسسة راند الاميركية للأبحاث في دراسة لها أهداف إيران ونفوذها في العراق على خلفية صعود داعش، وركزت فيها على علاقات إيران بالأحزاب والميليشيات الشيعية العراقية، إلى قضايا أخرى. وقالت الدراسة أن ايران تتصدى للخطر الذي يهدد مصالحها ومصالح حلفائها في العراق من خلال تعبئة الميليشيات الشيعية الحليفة في اطار الحشد الشعبي، لتؤكد من خلالهم على أهميتها ونفوذها في الشرق الأوسط عمومًا، في اشارة الى اذرع ايران في العديد من دول الشرق الأوسط. وقالت ان حملة ايران ضد داعش تهدف بها تذكير العراقيين بأن جارتهم الشرقية هي اللاعب الأقوى في بلدهم، أقوى ربما حتى من الولاياتالمتحدة ومن أي بلد عربي آخر، كما انها رسالة إلى دول المنطقة الأخرى. كما تريد إيران تذكير العالم، وخصوصًا القوى الكبرى كالصين وروسيا والاتحاد الاوروبي، بأنها لاعب كبير في الحفاظ على الاستقرار الاقليمي، الأمر الذي سيجبر تلك القوى على التعاونن معها ويحد من عزلتها الدولية، كما سيعزز من موقعها في المفاوضات النووية. وأوضحت الدراسة انه على الرغم من أن العلاقات الايديولوجية والروحية والتاريخية التي تربط الأحزاب الشيعية العراقيةبإيران، فإن الحكومة العراقية ليست نظامًا لاهوتيًا مثل إيران التي يحكمها الملالي باسم ولاية الفقيه، وكشفت عن أن كثيرًا من العراقيين، بمن فيهم الشيعة، يخشون الهيمنة الايرانية على بلدهم. ويمكن للنفوذ الايراني في العراق أن يدفع العراقيين، سنة وشيعة، إلى الوقوف بوجه هذا النفوذ. ويعني هذا، بحسب دراسة مؤسسة راند، أن عراقًا موحدًا حتى في ظل حكم شيعي لن يكون بالضرورة تابعًا لايران. لكن السياسة الطائفية السائدة في العراق وانعدام الاستقرار ثم صعود داعش، كل ذلك اسفر عن نفوذ ايراني اوسع في العراق. وتقول الدراسة أن رئيس الوزراء السابق "نوري المالكي" انتهج سياسة شيعية صارخة، محولًا القوى الأمنية العراقية إلى حرس شخصي لحمايته، وبين 2010 و2014 أصبحت القوى الأمنية العراقية شيعية بنسبة 95 % بعدما كانت شيعية بنسبة 55 %، وفقدت حكومة بغداد ما كانت تتمتع به من تأييد بين السنة بقمعها احتجاجاتهم السلمية، ما دفع قادة السنة لليأس من التفاوض مع المالكي، وتوقفوا عن ذلك. من ناحية اخرى، دعم إيران للميليشيات الشيعية التي كانت تقتل السنة وتقاتل القوات الاميركية في سنوات الاحتلال، أسهم في إذكاء النزاع الطائفي، ممهدًا الطريق لتعاظم الاستياء بين السنة، وصعود داعش لاحقًا، كما أوجد دعم ايران للأحزاب الشيعية تهديدًا كبيرًا قد يرتد على مصالحها، فالسنة تشددوا تجاه إيران، وكثير من الشيعة يرتابون فيما تضمره إيران تجاه بلدهم، فموقع إيران قوي الآن في العراق، ولكن إلى متى؟.