تكشف اتهامات رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى للسعودية وقطر، بإعلان الحرب على بلاده ودعم الإرهابيين، تجديدا للأزمة بين السعودية والعراق، وتغذى الصراع السنى- الشيعى فى معركة النفوذ والسيطرة وحروب الوكالة بين إيرانوالرياض فى سورياوالبحرين واليمن، على الرغم من التصريحات الدبلوماسية الصادرة عن الرياض والخليج، أو طهران بالرغبة فى تحسين العلاقات. وجاء رد السعودية وقطر قويا باستنكار اتهامات المالكى وبمقاطعة المؤتمر الدولى الأول لمكافحة الإرهاب الذى عقد الأسبوع الحالى فى بغداد رغم توجيه الدعوة للبلدين، فيما كان الرد الأقوى من الإمارات إذ استدعت السفير العراقى لديها رفضا لاتهامات المالكى للرياض، وهو بالفعل ما أدى إلى خروج المؤتمر بنتائج ضعيفة للتنسيق فى مواجهة تنامى ظاهرة الإرهاب. ومع تفاقم الهجمات الإرهابية فى العراق التى يشنها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش»، وارتفاع أعداد القتلى فى أعلى معدل منذ الحرب الأهلية منتصف العقد الماضى، يرى محللون ومسؤولون عراقيون أن اتهامات المالكى للسعودية، تمثل إعلانا بفشله عن مواجهة الإرهاب نتيجة سياساته الإقصائية ضد السنة تحديدا، من ناحية وتوغل الدور الإيرانى فى العراق بعد الانسحاب الأمريكى من ناحية ثانية، وهو ما يقابل بتدخل مضاد من القوى الخليجية السنية خاصة السعودية. ويقول معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن الأوضاع فى العراق أصبحت أكثر سوءا بعد الهجمات الأخيرة للقوات العراقية على «داعش» فى الأنبار غرب البلاد، فالسنة دائما كانوا ضحية تلك الاعتداءات، وأشار إلى هجمات أقل حجماً يشنها متشددون شيعة تدعمهم إيران مثل «عصائب أهل الحق» وكتائب حزب الله العراقى. وبينما تتبنى السعودية علنا دعم السنة فى العراق، فى مواجهة الاعتداءات التى يتعرضون لها من الشيعة، فإن إعلان الرياض مؤخرا جماعة الإخوان المسلمين و«داعش» وتنظيمات القاعدة تنظيمات إرهابية يمثل تحولا جديدا فى السياسة الخارجية السعودية انطلاقا من باب «سد الذرائع» ومنع الإخلال بالأمن و«الضرر بمكانة المملكة» وتعبيرا عن خشية الرياض من انتقال الصراع الطائفى إليها مع احتضانها طائفة شيعية ضخمة فى شرق البلاد، قامت بدورها باحتجاجات تهدد كيان المملكة التى سعت لتفادى موجة الربيع العربى، مرورا بسعى السعودية لبناء جدار عازل على حدودها مع العراق، لتفادى انتقال الصراع الطائفى لها، بعد أن بدأت تتيقن أن الطوق الشيعى يحاصرها من البحرينوالعراقولبنان واليمن وحتى من داخلها. فالدائرة الأوسع للصراع فى الشرق الأوسط حاليا بحسب محللين غربيين، أصبحت شيعية سنية، وهو ما تأكد فى سوريا وامتد إلى لبنان، ومن قبل فى اليمن والبحرين، ومن هذا الإطار تتبنى السعودية مواقف سياسية من دول وأنظمة حكم بناء على انتماءاتها المذهبية والعشائرية. ويقول معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن المارد الشيعى بدأ يكبر ولم يعد هناك شىء قادر على مواجهته سوى التصدى العلنى له، وهو ما تأكد فى تدخل الرياض عسكريا فى البحرين لمواجهة انتفاضة الشيعة، وفى اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران، كما أكدت دعمها لسنة العراق، فى مواجهة النفوذ الشيعى الإيرانى، وتدخلت بقوة المال والسلاح بجانب المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، فى مواجهة محور «إيران، حزب الله، كتائب أبوالفضل العباس، وغيرهم»، الشيعى فى محاولة لكسر الطوق الشيعى حولها. ويفسر خبراء ومحللون أن الازمة الأخيرة بين السعودية والعراق تأتى نتاج الحرب الضروس التى تشهدها الساحة بين إيران حليف المالكى، والسعودية التى تقف بجانب السنة تحديدا، فالإيرانيون فازوا فى الجولة الأولى من حرب تكسير العظام فى العراق على حساب المحور السنى، وتأكد فوزهم بعد نجاحهم فى إقناع رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر بالانسحاب من الحياة السياسية لكى لا يصبح منافسا للمالكى ولضمان استمرار نفوذ طهران فى العراق. ويرى الكاتب الألمانى شتيفان بوخن، أن حرب المذاهب الإسلامية تهدد بتغيير وجه المنطقة بصورة دموية، ويؤكد أن ممثلى الرياضوطهران يواجهون بعضهم البعض بلا هوادة، فى لبنانوالبحرين واليمن والعراق، وكان آخرها، اتهامات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لجهات تابعة للسعودية بالتورط فى تفجير السفارة الإيرانية فى بيروت منذ أشهر، بينما أفادت أنباء بأنه بعد التفجير قامت ميليشيات شيعية عراقية مدعومة من إيران بقصف موقع حدودى سعودى ك«رسالة تحذيرية» إلى الرياض لوقف تدخلها فى لبنانوالعراقوسوريا لتتفاقم المعركة والصراع بين القطبين الأكبر فى منطقة الخليج.