365 يومًا في حكم السيسي القمع أنواع.. اقتصاد مكبل ل"البطون" - خبراء يتوقعون "ثورة جياع" حال استمرار السياسة الحالية - "فوربس": الاقتصاد يحتاج أكثر من مجرد إصلاح نظام الإعانات - "مش قادر تستحمل امشي".. رسالة إلى الشعب بعد عام السيسي الأول - 385 مليار جنيه خسائر الاقتصاد حتى إبريل 2014
سنوات عجاف عاشها المواطنون منذ اندلاع ثورة "25 يناير"، ما بين انفلات أمني وآخر اقتصادي!، نعم اقتصادي؛ اندلعت ثورة ومطالبات بالحرية والديمقراطية، ووعود بالتقدم والنهضة، وصراعات مفتوحة من كل جانب، وما هى النتيجة المنتظرة من قرارات سياسية "متخبطة"، وتصريحات "متضاربة"، وروتين "مدمر"، وقوانين "رجعية"، لن تجد سوى إجابة واحدة، 385 مليار جنيه، خسائر حتى إبريل 2014، وفق دراسة أعدها خبراء مختصون.. وعند استخدام آلة الزمن للعودة إلى الوراء قليلاً، وتحديدًا قبل 365 يومًا مضت، نجد البسطاء بل والمثقفون، خرجوا إلى صناديق الاقتراع هربًا من دمار اقتصادي، وربما بحثًا عن رئيس جديد يحمل في "جعبته" ما يحقق طموحات وأحلام بحياة كريمة إنسانية، ليتوج عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر، مر عام، ولكن ماذا عن حال الاقتصاد؟. السيسي وصل إلى سدة الحكم في 8 يونيو 2014، وسط وعود بتحقيق استقرارًا أمنيًا وآخر اقتصاديًا يرفع من مستوى معيشة المواطن.. العمال والموظفون بل البسطاء - وهم الغالبية العظمى من الشعب - كانت أقصى طموحاتهم من الثورة؛ العدالة الاجتماعية، التي تضمن لهم ولذويهم حياة كريمة دون متاعب أو أعباء.. ماذا فعل الرئيس الفائز، وحكومته لتنفيذ هذه المطالب؟ أم اعتبروها مطالب غير مشروعة؟ وكيف تكون غير مشروعة وهم يرفعون شعار "معدومي ومحدودي الدخل"؟. "مشاريع عملاقة على الورق.. وجيوب خاوية".. عنوان عام اقتصادى مر على مصر، أضف إليه وعود متكررة بتحسن الأوضاع مستقبلاً، ورغم الإعلان عن مشروعات ضخمة كمشروع المليون وحدة سكنية، ومشروع استصلاح مليون فدان، ومشروع العاصمة الجديدة، مع الإعلان عن مشروعات أخرى؛ كعربات الخضار المجهزة واللمبات الموفرة، جميعها خطوات اعتبرها مؤيدون إصلاحية وخطوة على الطريق الصحيح، بينما وصفها معارضون ب"الوهم"، مؤكدين أنه حال استمرار تلك الأوضاع، ستشهد مصر "ثورة جياع"، قادمة لا محالة. "القمعية" مراقبون، وصفوا سياسة نظام السيسي الاقتصادية ب"القمعية"، ووجدوا أنها لن تعالج علل البلاد الكثيرة، كما أنها تضمن لمصر تدهورًا يجعلها في وضع أكثر سوءً عن ذاك الذي ثار عليه المصريون إبان عهد حسني مبارك في يناير 2011. عندما تولى السيسي منصبه، كان أكثر من ربع المصريين يعيشون تحت خط الفقر وفقًا لصندوق النقد الدولي، ووفقًا لأحدث تقارير الأممالمتحدة، فإن انتشال أكثر من 40% من الشعب من تحت خط الفقر كان على رأس المطالب التي جاءت بها ثورة يناير.. إلا أن هذه المطالب قوبلت بقرارات خفض الدعم التدريجي عن السلع والخدمات، لترتفع أسعار الوقود والغاز الطبيعي والكهرباء والمياه، يضاف إليهم ارتفاع أسعار الخضار وارتفاع أسعار المواصلات أو قل "غلاء المعيشة"، لتنتهي المرحلة الأولى من خفض الدعم، مع نهاية العام الأول من حكم السيسي، وربما تكون الثانية مع بدء العام الجديد للحكم!. قوانين لم يكن خفض الدعم ورفع الأسعار، الخطوة الوحيدة التي شهدها العام الأول في حكم السيسي، لكن أعقبها خطوات اعتبرتها حكومة محلب "إصلاحية" كي تسد به عجز نفاقتها، شملت تدشين مجموعة من القوانين على رأسها فرض ضرائب رأسمالية على البورصة والتي خسرت على إثرها أموالاً طائلة بعد إقرار القانون ولائحته التنفيذية، واستمر نزيف البورصة عدة أسابيع إلى أن قامت الحكومة بوقف القانون وإرجاء العمل به لحين إجراء تعديلات عليه، وفق ما قاله خبير أسواق المال محمد دشناوي.. لم تكن البورصة وحدها التي شهدت فرض ضرائب، بل تكرر الأمر ذاته مع العقارات، حيث اتجهت الحكومة لفرض ضريبة على العقارات وأخرى على الدخل. الضرائب ليست وحدها القانون الذي لجأت إليه الحكومة، بل اتجهت إلى تدشين قانون جديد أطلق عليه "قانون الاستثمار الموحد"؛ بغرض تسهيل إجراءات الاستثمار في مصر وجذب مستثمرين جدد سواء مصريين أو أجانب، رغم أن هذا القانون كان من المقرر خروجه إلى النور قبيل انطلاق القمة الاقتصادية والتي عقدت في مارس المنصرم، إلا أنه حتى الآن لم يكتمل بصورته النهائية، فبعد التصريحات الحكومية حول إصدار قانون جديد وحول التعديلات والاجتماع برجال الأعمال لمناقشة أوجه القصور ومعالجتها قبل طرحه، عادت التصريحات ذاتها لتؤكد أنه سيتم الاكتفاء بتعديل عدد من مواد القانون، ولا نزال في انتظار لائحته التنفيذية التي لم تصدر بعد حتى لحظات كتابة التقرير. قرارات مفصلة أضف إلى القوانين سالفة الذكر، 16 قرارًا اقتصاديًا، أصدرتهم مؤسسة الرئاسة، بداية من شهر يونيو 2014، وحتى الآن، كان أبرزهم القرار بقانون الخاص بشهادات استثمار وتنمية قناة السويس، وذلك لجمع 60 مليار جنيه من أموال الشعب؛ لتمويل القناة الجديدة، حيث إنه تم جمع 64 مليار جنيه حينها. ولم يتوقف الأمر عند هذا القرار بل زاد بالموافقة على استثناء هيئة قناة السويس في مشروع قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، من الحظر الخاص بعدم تملك الأراضي للأجانب في المناطق الاستراتيجية ذات الطبيعة العسكرية والمفروض على منطقة القناة وفقًا للقرار بقانون رقم 14 لسنة 2012، بحسب ما كشف عنه المستشار حسن بسيوني، رئيس لجنة التشريعات الاقتصادية المنبثقة عن لجنة الإصلاح التشريعي. ومن المقرر أن تعرض اللجنة الصياغة الأخيرة لمشروع القانون على الجهات المختصة لاستطلاع رأيها، تمهيدًا لإقراره مكتملا داخل اللجنة، ثم عرضه على اجتماع اللجنة العليا للإصلاح التشريعي لإقراره وإحالته إلى مجلس الوزراء. المليون وحدة عدد من الخبراء والاقتصاديين، اختلفوا حول أسباب تعثر مشروع المليون وحدة، والذي أعلن عنه في مارس 2014، والمزمع تنفيذه بالتعاون مع شركة "آرابتك" الإماراتية.. ما بين متفهمًا لموقف الشركة المنفذة نتيج تغير مجالس إداراتها، وما بين متهمًا للحكومة بعدم وضع تسيهلات للمضي قدمًا في المشروع، لكنهم اتفقوا جميعًا أن المشروع لن يخرج بالشكل الحالم الذي تم الاتفاق عليه مسبقًا، من حيث كونه لمحدودي الدخل ويضم مليون وحدة سكنية. "المانحين والقمة" ليس ذلك فقط، بل شهد العام ذاته تحويل مؤتمر المانحين لدعم اقتصاد مصر الذي دعا إليه ملك السعودية الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إلى قمة اقتصادية بناءً على دعوة الرئيس، لتخرج ب12.5 مليار دولار دعم خليجي في صورة منح واستثمارات، إضافة إلى اتفاقات ومشروعات جديدة تقدر بنحو 60 مليار دولار، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء.. وبالرغم من إنفاق حوالي 15 مليون دولار، إضافة إلى تكاليف أخرى غير مباشرة يصعب حصرها مرتبطة بعمليات التأمين والإعداد - بحسب مصادر بالهيئة العامة للاستثمار - إلا أن الحصيلة كانت 6 مليار دولار فقط دفعتها دول الخليج قبل عدة أيام، تسترد بفوائد سنوية تقدر ب2.5% خلال 5 سنوات، كحد أقصى، بما يعادل 600 مليون دولار خلال 5 سنوات يتحملها الاقتصاد. "مش قادر تستحمل امشي" مع وعود براقة، روج لها الإعلام المصرى على مدار عام، حول مستقبل رائع ينتظر الدولة، وحلول لجميع الأزمات، في فترة وجيزة، وأن جماعة الإخوان كانت تمنع الخيرات عن الشعب، والسلطة الحالية جاءت لتفتح الخزائن المغلقة أمام شعبها، وبعد أن كان شعاره "مش قادر تشيل امشي" بعد عام من حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، تبدلت الشعارات كما الرؤساء، فانتهج إعلام 2015، سياسة أخرى كانت هذه المرة موجهة إلى الشعب وليس الرئيس مفادها "مش قادر تستحمل امشي".. مجلة "ذي إيكونوميست" كشفت في مقال لها، أن القمع الذي يمارسه نظام عبد الفتاح السيسي أسوأ بكثير من ذلك الذي كان يمارسه المخلوع حسني مبارك، موضحة أن المصريين يتحملون القمع فقط لبحثهم عن استعادة النظام والاستقرار بالبلاد، لافتًا إلى أن الممارسات الدكتاتورية للسيسي تجعل مصر تظهر بالمظهر نفسه الذي كانت عليه قبل مجيء الربيع العربي، حينما كان مبارك يحكم بقبضة من حديد، مشيرًا لكون البعض يتحدثون عن أن القمع أصبح أسوأ بكثير في الوقت الراهن. صبر المصريين كثير من المصريين متفائلين بشأن السيسي، ويرون أنه يعمل من أجل إصلاح اقتصادي حقيقي، وجميعها مشاعر اكتسبها المؤيديون ثقة في تصريحات ووعود ومطالب رئيسها، بأن يصبروا ويربطوا على بطونهم، حتى أن يرزق الله بالخير، هل نحن فى دولة "دينية" تستخدم الدعاء وسيلة لتحقيق خططها، وحتى الانتهاء من محاربة الإرهاب، الجميع يلاحظ أن الإرهاب يتوسع، إذن سيكون الانتظار طويلًا.. لكن السؤال، كم من الوقت سيستمر صبر المصريين؟، وهل سيحقق السيسي نجاحًا؟.. مجلة "فوربس" الأمريكية، قبل شهرين، أكدت أن الاقتصاد المصري يحتاج أكثر من مجرد إصلاح نظام الإعانات، وهو خلق فرص عمل حقيقية وخاصة لشبابها، معتبرة ذلك التحدي الهائل بالنسبة لبلد ثلثي سكانه تحت سن ال35، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. الهروب من السوق هروب العديد من البنوك الأجنبية والشركات الكبرى من السوق المصرية؛ خير دليل على الانهيار الواضح في الاقتصاد، حيث قررت عدة مصارف أجنبية الانسحاب من مصر، وآخرها بنك بيريوس اليوناني، بعد إبرام صفقة مع البنك الأهلي الكويتي لشراء أصوله، وسبق "بيريوس اليوناني" عدد من البنوك والمؤسسات العالمية، منها من خرج بالفعل من الاقتصاد المصري، ومنها من يسعى للخروج ويبحث عن فرص للشراء، مثل البنك الوطني العماني "ذي أوف نوفا سكوشيا" الكندي، و"سيتي بنك" العالمي، وفق ما رآه اقتصاديون. الانسحاب لم يقتصر على البنوك الأجنبية فحسب، بل وصل إلى الشركات العالمية العملاقة، كان آخرها شركة "مرسيدس بنز"، التي أعلنت نقل نشاطها للجزائر، وسبقتها شركة "باسف" الألمانية العملاقة للكيماويات، وشركة "يلدز" التركية للصناعات الغذائية، ومؤخرًا إحدى شركات مجموعة الخرافى التي أعلنت نيتها اللجوء إلى التحكيم الدولى لتسوية خلافتها مع السلطات المصرية، لتنضم إلى 37 شركة عربية وعالمية يصل إجمالي متطلباتها إلى أكثر من 18 مليار جنيه. مطالب العمال "لن أسمح بالمطالب الفئوية مطلقًا".. رسالة قوية أرسلها الرئيس في كلمته خلال حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الحربية عقب توليه مقاليد الحكم بأيام قليلة، تلاه منع الاعتصامات والإضرابات العمالية، وهو ما أكده عبد الغفار مغاوري، المحامي المهتم بقضايا عودة قطاع الأعمال للدولة - في تصريحات صحفية - قائلاً: عدم خروج العمال في احتجاجات ليس دليلا على رضائهم على الأوضاع الحالية، إذ أن إحجامهم عن ذلك لا يعكس سوى حفاظهم على استقرار الدولة في الوقت الحالي، التي ترفع فيه شعار محاربة الإرهاب، مشيرًا إلى أن العام الماضي هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة لقطاع الأعمال العام، إذ أن حكومة محلب زادته دمارًا فوق دماره، على حد وصفه. تابع: استمرار الحكومة على هذا النهج سينقص من شعبية الرئيس الحالي، منوهًا إلى أن العديد من المصانع توقفت، وتحولت السوق المصرية لمستهلك وموزع للصناعات الأوربية والصينية. تبديد "التركة" السيسي ورث تركة ثقيلة، ولذلك كان لابد من رفع الدعم تدريجيًا لخفض عجز الموازنة، وتحمل ما لا يطيقه أحد".. هذا ما رآه الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، تعليقًا على مرور عام على تولي الرئيس مقاليد الحكم، لافتًا إلى أن أحد أهم إنجازات الرئيس "ترسيخ دولة القانون". بينما قال هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار العقاري، إن استمرار عجز الموازنة يزيد من الدين العام، وأن الدين الداخلي للدولة تضاعف خلال العشر أعوام الأخيرة، وتابع: يجب على الحكومة مراعاة الفقراء. من العدد المطبوع من العدد المطبوع