الحرب فالنصر فتحرير سيناء .. ولا عمل فني يناظر معجزة الجندي المصري " نصر ساموتراس" .. أشهر عمل فني يخلد لنصر رغم محدوديته تبلغ عدد صفحاته 1236 صفحة CENTURY لدي في مكتبتي مجلد من القطع المربع بعنوان " طبعتي 1999 وإعادة طباعتها في 2002 بمناسبة انتهاء قرن من الزمان ليؤرخ لأهم الأحداث خلال مائة عام - القرن العشرين - في العالم أجمع اصدار دار النشر "فيدون " والذي خص صفحة واحدة لكل حدث مهم تبعاً للتسلسل الزمني .. لنجده وقد خص أربع صفحات بالكامل ودون كل الأحداث بالكلمات والصور لتصوير هزيمة مصر عام 1967، ثم نجده لم يذكر حرفاً واحداً في صفحات العام 1973عن نصر مصر في 6 أكتوبر وكأنه لم يكن هناك هذا الحدث في مسار الزمن رغم انه أصبح جزءاً من تاريخ الإنسانية يذكره التاريخ.. هذا التجاهل المشبوه دليل علي العنصرية والإرهاب أدبياُ وفكريا في حق التاريخ والأجيال القادمة.. وقد تضيق لهذا صدورنا لكنا وإلي درجة ما نحن مقصرون بجهلنا كيفية تقديم منجزنا الانساني وتقديرنا له قبل ان يقدره الآخرون حتي لا يطال تاريخنا وشرفنا العسكري ذلك الإرهاب الفكري الفج في تزييف التاريخ .. إلي جانب هذا التجاهل لأهم حدث لأعلي استراتيجية عسكرية في المنطقة العربية بل والعالم الحديث نجد في متحف اللوفر في باريس تمثالا رخاميا مجنحا ضخما يمثل نصبا تذكاريا لتخليد نصر " ساموتراس" .. لا نعلم عن ذلك النصر انه ذا اهمية عسكرية الا انه نصر لجزيرة رودس الصغيرة في بحر ايجه.. الجزيرة التي لا يذكرها احد الا بذكر التمثال كرمز لانتصار البحرية اوائل القرن الثاني قبل الميلاد.. لكن بهذا الثمثال تم تخليد نصر محدود لأكثر من ألفي عام.. ذكرت هذا التمثال المجنح لنصر ساموتراس المحدود عسكرياً في المكان والزمان لأذكر أنفسنا بأن نصرنا الذي صنعناه بعبقرية عسكريتنا لم نحفظه بعبقرية فنانينا لأجيال قادمة خاصة وهناك علي الجانب الآخر من العالم عنصريون يزيفون التاريخ في مطبوعات مرجعية خطيرة أوجدت لنفسها مصداقية - رغم الزيف - وواسعة التوزيع حول العالم .. لذلك لن يحفظ تاريخنا إلا نحن مثلما سبق وحفظ الأجداد تاريخنا القديم ومعاركهم العسكرية محفورة فوق جدران التاريخ بالفن .. وأيضاً لن نحفظ تاريخنا .. نصرنا .. ونورثه لأبنائنا فخراً إلا بوسائل عدة أحد روافدها الفن .. ولن يكون هذا إلا بإقامة نصب تذكاري جبار في قيمته وعلي قدر هذا النصر العظيم وبخامات حجرية جرانيتية أوبازلتية أو رخامية كي تقاوم الزمن وعوامل التعرية وليكون بأيدي مصرية ولا نلجأ كما حدث قبلاً الي فناني كوريا ليسجلوا مشاهد نصرنا في أهم لوحات "البانوراما" وكأن مصر مهد الحضارة وفن الرسم الجداري والنحت الجرانيتي عجزت عن حفظ نصرها بأيدي أبنائها او ان مصر جاءت بالنصر علي ايدي ابنائها وعجزت ايدي فنانيها علي حفظه وتخليده .. وبهذا نجعل نصرنا لا يتوقف تواجده علي كلمات تكون أو لا تكون في مرجع عنصري مشبوه الأغراض كأهم أحداث العالم في مائة عام.. ولنجعله ذاكرة بصرية قائمة فوق الأرض المصرية كنحت عملاق يشق الأرض ليمضي في المكان خالداً في الزمن ..وان كان في مقابلة غير عادلة والمشهد الجمالي لتمثال نصر" ساموتراس" الذي يراه الملايين سنوياً في متحف اللوفر بباريس. تأتي مفارقة نصر مصر البلد الجبار الممتد جذره في عمق التاريخ كوتد عتيد بنصر رجالها الذي هز العسكرية العالمية نجده ولم يعبر عنه عمل فني يرقي لقيمته بينما استطاع فنان يوناني أن يجعل من نصر صغير محدود ذكري خالدة عبر الأجيال ولمختلف الجنسيات. لن ينفعنا شيئ ولو قدمنا لأنفسنا حتي ولو في ألف مجلد لا يقرأه أحد بلغتنا بينما لو قدمنا نصرنا بالفن لقرأه الملايين عبر العصور فالفن لغة عالمية سهل إدراكها .. فدون إلمامنا باليونانية استطاع عمل فني واحد أن يحكي لنا بصرياً حكاية انتصار عبر به لأكثر من ألفي عام دون أن يندثر أو يغبره غبار الزمن . إلي أي شيء ننتظر ..؟ لدينا النصر وتاريخ صنعه جنود مصر للأرض الكنانة .. ولدنيا الارض والبشر الخير والمجد.. ولدينا روح اجداد الأمس صنعوا اسطورة بهرت انفاس العالم كما بهرتهم اليوم اسطورة رجال اكتوبر.. لكنا وللأسف في الحالين نتوارث الحكايا دون افعال.