وعن أهم الاسانيد التي تدعم مقولتنا بأن التاريخ هو القاعدة الشرعية للعقائد ان لم يكن احد فروعها ما هو معروف عن "الشيعة" في كل عام وخلال شهر "محرم" تستعيد الاحتفالات المشهدية الدموية الممزوجة بمشاعر الندم قصة استشهاد الحسين رضي الله عنه فقد انقسم الشيعة الي تيارات عدة تعرف نفسها من خلال الائمة خلفاء علي الذين يحتلون موقعا رئيسيا لانهم المؤهلون لفهم تعاليم محمد صلي الله عليه وسلم وان هؤلاء الائمة "الحسين بن علي" ثالث الائمة الذي حوصر في "كربلاء" في اكتوبر (680)م من قبل الخليفة "يزيد" بعد مقاومة طويلة استشهد بعدها الحسين مع 72 من رفاقه.. ويلعب استشهاد "الحسين" ومقاومته ليزيد دوراً اساسياً في الاساطير الشعبية التي لعب علي اوتارها الكثير من المستشرقين لتثبيت بذور الفتنة والتشيع في التجربة الاسلامية بعدما اكتشفوا الميول الشرقية للاساطير بعد ان تشبع الشرق بثقافة "الف ليلة وليلة" الاسطورية التي تناولت مطوياتها الاسطورية باسلوب "الرمز" خلفاء المسلمين وخاصة ما بعد الخلفاء الراشدين فاشارت بخبث الي "هارون الرشيد" الذي غرق في البذخ والثروة داخل القصور الاسطورية التي امتلأت بالجواري الحسان والخدم والحشم وكؤوس الخمر من الذهب والفضة هكذا أرادت "ألف ليلة وليلة" أن تصف احد رموزاً الخلافة الاسلامية للتهوين من شأن جوهر العقيدة الاسلامية لاتلافها امام كل من غازل الاسلام قلبه وعقله بافتال الاساطير التي تشكك في مصداقية الاسلام وحلفائه بعد ان اثبتت دراسة جادة قام بها احد المؤرخين العراقيين ان "الف ليلة وليلة" الشرقية هي اخطر افرازات القريحة اليهودية منذ ظهور الاسلام ان لم تكن اشد خطراً من الاحاديث المرسومة علي لسان اشرف الخلق اجمعين واصحابه لتقديم الاسلام المغلوط علي مائدة العالم باعتباره متناقضاً في جوهره عن مظهره!.. ومازالت اذكر ان المؤرخ العراقي الذي تناول بالدراسة والتاريخ لمطويات الف ليلة وليلة الاسطورية وانا اعتذر لعدم اسعاف الذاكرة لذكر اسمه بعد ان نسيت كتابه وهو بعنوان "الف ليلة وليلة بين الاسطورة والتاريخ" نسيته في احد الفنادق بالخارج منذ عشرين عاما فمازالت اذكر انه قد اشار في احد فصول الكتاب ان النسخة الاصلية لمطويات الف ليلة وليلة الشرقية محفوظة في قسم الوثائق النادرة بمكتبة الكونجرس الامريكية. ولعل ما دفعني الي الاشارة لضرورة اعادة صياغة تاريخنا بعد ان وضعناه وديعة غالية في اياد غير امينة هو ما صوره مسلسل "ابناء الرشيد" الذي يتناول السيرة الذاتية لاحد ابناء الرشيد وهو الخليفة "الامين" الذي ورث الخلافة عن ابيه "هارون الرشيد" فقد اظهروه شاذا جنسياً يميل الي الغلمان والخصون قبل ان يلقي حتفه علي يد اخيه "المأمون" بعد ان فشل في انتزاع الخلافة لنفسه في حياه اخيه "الأمين" ليخرج علينا المسلسل المشبوه في نهاية المطاف بمفهوم لايقل خطورة عن افتراءات الف ليلة وليلة الرمزية علي حياة "هارون الرشيد" إبان فترة خلافته وافتراءات المستشرقين علي التاريخ الاسلامي في عمومه لنخرج من وراء عرض المسلسل وقد ملأنا الرعب من المسلمين الذين سيطرت عليهم "نظرية المؤامرة" علي مر تاريخهم!.. لنخرج نحن بنتيجة منطقية لاتقبل الجدل وهي ان مسلسل "ابناء الرشيد" من اخطر تداعيات الف ليلة وليلة والتي صاغها اليهود لضرب الاسلام في معصمه او اخطر تداعيات "الاستشراق الجبري" علي تاريخنا ان لم يكن ذلك الخروج مزيجا بين العنصرين. وعلي الامة الاسلامية ان تنصب مأتماً كبيراً بعد أن شاهدت مسلسل "ابناء الرشيد" الذي جاء مواقتا للذكري الخامسة لقدس الاقداس الكارثية او احداث 11 سبتمبر وفي شهر رمضان المبارك فلا نستطيع الفكاك من حتمية الربط بين توقيت العرض مع الذكري المشئومة وتهليل البعض من النقاد بسبب ظهور حقبة من التاريخ الاسلامية والخلافة بمسالبها المزعومة بعد ان اعتبر هؤلاء النقاد العرب والمسلمون المسلسل الشاذ من باب المصارحة التاريخية التي افتقدناها وانه اي المسلسل قد اشبع حاجة عربية واسلامية!.. نحن ندعوهم من علي هذا المنبر ان يقرأوا اساطير ألف ليلة وليلة وماسطرت اقلام بعض المستشرقين قبل الحكم الموضوعي علي مسلسل مشبوه ام ان الجهل والتعذيب العقلي والوجداني اصبح سمة بعض مدعي الثقافة ومن هنا لهم ان يهللوا ويروجوا ويكبروا لمسممات التاريخ اكثر واكثر!. بذلك.. نكون قد فرغنا من حتمية اعادة صياغة التاريخ الاسلامي بعد الاستناد المنطقي والعقلاني بالبراهين والادلة لدعم مسيرة "التقريب بين المذاهب" في الاسلام الحنيف.. وجهود التقريب تبناها هنا علي ارض مصر المحروسة كنانة الله في ارضه رجال وصفوا بأنهم "رجال التقريب" من علماء الدين المجتهدين وقد امسكوا بخيوط التيسير الفقهي في زمانهم!. بداية.. "أطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم".. هكذا بين الله سبحانه وتعالي درجات الولاء والطاعة للمسلم.. والمقصود بأولي الامر في الآية الكريمة الحاكم العادل يليه مباشرة الأئمة من علماء الدين والدعاة "ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" لنتذكر علي الفور الشيخ "محمد تقي الدين القمي" الذي جاء علي رأس ائمة المذهب الشيعي للانتصار لفكرة التقريب والذي وهب حياته ثمنا للتقريب بعد ان سقط صريعاً في "باريس" ضحية مؤامرة دنيئة لتقويض مسيرة التقريب.. ولعل الاشارة هنا الي الشيخ "محمد تقي الدين القمي" هي رسالة مفتوحة لبعض المتشددين الذين انكروا مجهودات التقريب بين الشيعة والسنة والذين دأبوا علي مهاجمة الشيعة اكثر من هجومهم علي الفاتيكان بمنطق "أسد علي الشيعة وعلي الفاتيكان نعامة"!.. فقد جاء الرجل الي مصر للتعاون مع علماء الازهر الاجلاء فأنشأوا داراً للتقريب للتشاور من اجل تغليب القواسم المشتركة التي تجمع الشيعة والسنة علي القواسم التي تفرقها لوضع حد للصداع المزمن في الرأس الاسلامية منذ احداث "الفتنة الكبري" ولعل كلمة الرئيس مبارك قد تطابقت تماما مع فلسفة رجال التقريب عندما قال: "إن أحداً لايملك حق الزعم باحتكار الدين"! والحمد لله علي نعمة التفاؤل برغم ذلك الذي نحن فيه فأتصور نفسي منتظراً لانشاء دار لاعادة كتابة تاريخنا وتصحيحه وتنقيته من الشوائب العالقة بمر العصور كما اتصور نفسي وقد شاهدت عودة الروح لدار التقريب علي اسس تاريخية سليمة فالداران معاً هما صمام الامان لتماسك الامة وتوحيد الصف الاسلامي الذي بتنا نحتاجه عن اي زمن مضي.. وعلي كل من لم يستوعب كلمة الرئيس "مبارك" التي يحتاج شرحها الي مجلدات فعليه ان يبحث لنفسه عن زمن اخر غير زماننا.. فما عندنا يكفينا!! "انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون"