فيلم أسماء من الأفلام التي استوحت أحداثها من الواقع من خلال قصة امرأة مصابة بمرض الإيدز «نقص المناعة» أسماء سيدة ريفية حاملة لفيروس الإيدز وتعاني المرارة وتحتاج لإجراء جراحة عاجلة ولكن الأطباء عندما يعلمون بحقيقة مرضها يرفضون إجراء الجراحة. تقرر أسماء أن تثور علي نفسها ومجتمعها بالظهور في برنامج «توك شو» دون اخفاء وجهها لتحكي قصتها وتواجه الناس بحقيقة مرضها. أفلام الحداثة الفيلم يندرج تحت نوعية أفلام «الحداثة» وهي التغيير في شكل السرد وبناء الشخصية وتغيير الزمن الواحد الواضح والغموض ووجود أزمة يعانيها البطل. وهذا هو الحال هنا فالغموض يظهر من خلال مشهد لم يقدمه الفيلم صريحا بل يستنتجه المشاهد، وهو الاعتداء الجنسي الذي تعرض له الزوج في السجن مما جعله يصاب بمرض الإيدز ثم معاناة أسماء خلال أحداث الفيلم في كيفية مواجهة المجتمع بحقيقة مرضها. أما الزمن هنا لا يتخذ مسارًا خطيا بل يتعدد ويتداخل فيه لحظات من الماضي والحاضر فالفيلم يعتمد في سرد معظم أحداثه علي الفلاش باك «العودة للماضي» و مع أن الفيلم الواقعي لا يستخدم في بنائه الدرامي التقنيات الحديثة، مثل الفلاش باك حتي يكون أقرب للواقع، إلا أن هنا يختلف الأمر فالفيلم رغم أن أحداثه مستمدة من الواقع الا أن الفلاش باك هنا ضروري ومبرر فهو موظف داخل العمل الدرامي فكشف عن أبعاد الشخصية وعبر عنها في مواقف ذاتية تخص شخصها ووضح أحداثا مهمة للجمهور لكن تخلله بعض العيوب بسبب اختزال الزمن الذي يفعله الفلاش باك مما يدفع إلي التساؤل في بعض الأحيان هل هذا ماض أم حاضر؟وذلك يشعر المتفرج بالحيرة. مواضع القصور السيناريو تخلله بعض مواضع القصور كما في شخصية الأب الذي جسد شخصيته الفنان «سيد رجب» ولم يقدمها الكاتب كما يجب فأهمل العمق الدرامي بها وأيضا المشهد الذي تكتشف فيه مصادفة «هند صبري» أن ابنتها علي علاقة بشاب وكان من الأفضل مراقبتها حتي يكون الأمر أكثر واقعيا وهذا لأنه في أحد مشاهد الفيلم قابلها أحد جيرانها ولفت انتباهها نحو ابنتها أن تضع عينيها عليها فأصبح لديها خلفية وإنذار مسبق ومبرر لمراقبتها في الحدث الدرامي ومن الممكن أن يكون الكاتب قد اراد أن يركز علي تفاصيل الشخصية وليس علي الجوانب الأخري بحياتها . فالموضوع محدود يدور في ذات الشخصية وهذا يجعل تيمته أقرب إلي أفلام المهرجانات التي تقدم فكرة بعينها وليست أفكارا متعددة. وعندما قرر الكاتب أن يتعمق ويقدم موضوعا يتحدث عن مرض الإيدز ويكشف عن المعاناة التي يعيشها المريض فكان عليه توضيح بعض الأمور المهمة الخاصة بذلك المرض حتي يتجنب اسئلة الجمهور الشائعة. فليس كل من شاهد الفيلم يعلم اي معلومة عن المرض سوي المعلومات البسيطة التي تبثها اجهزة الاعلام . مما دفع الكثير من التساؤل. هناك فرق وكان لابد أن يوضح ماالفرق بين مريض الإيدز.. وحامل الفيروس؟ فحامل الفيروس هو إنسان يدخل الفيروس إلي جسمه ولا تهاجمه أعراض المرض. وفي كلتا الحالتين المريض وحامل الفيروس من حقهما ممارسة حياتهما بطريقة طبيعية. حيث إن الكاتب قد أثار استغراب الكثير من المشاهدين بأنه كيف تكون مريضة الإيدز وهو مرض معد ويود زميلها أن يتزوجها وهو يعلم حقيقة مرضها .فهو لم يوضح أن مريض الإيدز يمكنه ممارسة حياته بشكل طبيعي حتي لو كان الشريك الآخر سليما بشرط أن يكون علي دراية تامة بالحقيقة وعليه إذا قبل أن يتخذ الاحتياطات التي يرشده إليها الطبيب المعالج. ويؤخذ عليه أيضا انه عندما سألت الطبيب هل تستطيع الإنجاب ولا يصاب الجنين بالمرض فكان يجب أن يوضح الإجابة علي لسان الطبيب أنه يوجد احتمالية العدوي من الأم للجنين بنسبة 20 إلي 30% ولكي يكون الجنين متحصنا بالوقاية لابد من أخذ الادوية المتاحة وعدم إرضاعه بعد الولادة وذلك ينطبق علي النساء الحاملات للفيروس كما في حالة أسماء . قدمت هذة القصة من قبل في فيلم «فيلادلفيا» التي تتشابه قصته بشكل كبير مع فيلم «أسماء» مع الفارق أن البطل هنا رجل يعاني مرض الايدز وتم فصله من عمله كما حدث لأسماء لكن في فيلادلفيا الذي دافع عنه هو محام أراد أن يغير نظرة المجتمع له، أما في فيلم أسماء كان مقدم البرامج ماجد الكدواني هو الذي يدافع عنها وأصر علي ظهورها في البرنامج ومواجهة المجتمع. وفي نهاية الفيلمين يحاولان جاهدين أن يغيرا نظرة المجتمع لمريض الايدز وكسب تعاطف ومساعدة الآخرين. وبالمقارنة هنا نري أن أداء توم هانكس قد أوصله لجائزة الأوسكار، بينما أداء هند صبري دفع الكثير لترشيحها لجائزة أفضل ممثلة في مهرجان أبوظبي السينمائي ولكنها لم تحصل عليها . الأداء هند صبري: مفاجأة وفقد حاولت الإلمام بالشخصية وتقديمها باتقان واحساس وأداؤها في الفيلم تنوع بأكثر من طريقة فبالرغم من أنها شخصية متغيرة علي مدي أحداث الفيلم قدمت أكثر من شكل في الأداء لكن كان من الأفضل الثبات علي أداء واحد، فقد كنت في قمة استغرابي قبل مشاهدة الفيلم لماذا لم تحصل هند علي جائزة أفضل ممثلة في المهرجانات التي شارك فيها الفيلم لكن عندما شاهدته وجدت الإجابة.. فقد قدمت أحاسيس جيدة وأتقنت اللهجة الريفية لكن جاء التقصير لاختلاف الأداء في المشاهد ومع ذلك لا أحد ينكر مدي الجهد الذي بذل في تجسيد شخصية اسماء واقتناع الجمهور تماما بانها أسماء وليست هند صبري . ماجد الكدواني: قدم هذا الدور من قبل في فيلم 678 الا انه هنا قدم دور مذيع التوك شو ببساطة وعفوية دون أي تكلف واستطاع أن يجسد النموذج الذي نراه في الإعلام حاليا من خلال تحمسه الشديد لأسماء لتظهر معه وتحكي قصتها ثم بعد انتهاء الحلقة صافحها وشكرها ثم في نفس اللحظة أدار ظهره لها وأعلن عن حلقة الغد أن معه نجما كوميديا وينبه علي فريق العمل بعدم التأخير واستطاع أن يظهر ما يحدث بالفعل في انه كان يريد تقديم حلقة ساخنة في برنامجه ليكسب أكثر عدد من المشاهدين كما هو الحال حاليا دون النظر انه يقدم حالة كان يبدو بوضوح تحمسه وتعاطفه معها علي الشاشة . ماجد الكدواني وهند صبري كانا يتبادلان الأداء الجيد ويتنافسان علي من يسرق الكاميرا من الآخر، ومن الملاحظ أن ماجد هو الذي نجح في سرقة الكاميرا في هذا الفيلم . هاني عادل: لم يكن علي نفس درجة الأداء القوية كما كان في مسلسل دوران شبرا. فمن الممكن أن يرجع هذا بأن الفيلم كان قد تم الانتهاء منه قبل مسلسل دوران شبرا ولم يكن هاني قد أتقن التمثيل بعد. ولكن أداءه يبشر بميلاد فنان جديد، أما الموسيقي التي وضعها فكانت معبرة عن الأحداث وبها تيمة تعلق في أذن المشاهد فهي ملائمة للجو العام للفيلم. سيد رجب: فنان يجيد تقديم الأدوار الصعبة وقد أدي الدور بشكل جيد لكن ظلمه السيناريو ولم يعطه حقه في الدور من خلال التعمق في الأداء وأبعاد الشخصية . عمرو سلامة المخرج الموهوب برغم أنه لم يدرس في المعاهد المتخصصة ولكنه واع بدرجة كافية، ففي فيلمه الروائي الثاني قدم حدثا دراميا مؤثرا باستخدامه للرمزية في مشهد خلع القفاز من يد أسماء ومصافحتها للناس دونه فكان يمثل الخوف والقهر الذي كان بداخلها وتحللت منه وثارت علي نفسها بخلعها وتركها له في المكان الذي ثارت فيه علي نفسها ومجتمعها. اختار فريق عمل جيد ومتميز والأنسب لتقديم هذه الشخصيات، وأظن أنه لا يريد مناقشة المرض بعينه ولكنه أخذه كمدخل وأنه جريء ليوجه من خلاله رسالة لكل فئات المجتمع ليثوروا علي أنفسهم ويغيروا الناس من نظراتهم بعضهم البعض، فهو يدعو للتضحية والمواجهة. يحمل الفيلم بداخله طابعا ثوريا رغم أنه قد تم الانتهاء منه قبل الثورة بعام فالفيلم يدعو لما نحاول تحقيقه من الخروج من أزمتنا.