الظاهر من فيلم «أسماء» أنه عن مرض الإيدز، والحقيقة أن هذا عنوان لأمور أخرى، البطلة حاملة للفيروس وليست مريضة به، وكل مشكلتها رفض الأطباء إجراء جراحة لمرارتها المعتلة، لكن سيناريو كاتب ومخرج الفيلم "عمرو سلامة"، تجاوز فكرة الاشفاق على البطلة إلى الاشفاق على مجتمع الأصحاء حولها، فهم مرضى أيضا، لكن مرضهم أشد قسوة، هى مرضها لم يفقدها إنسانيتها وكرامتها، أما هم ففقدوا إنسانيتهم رغم أنهم في كامل صحتهم الجسدية، تفتح مشكلة البطلة أبوابا كثيرة لحجرات كثيرة، في كل حجرة شخص لديه مشكلة، ونكتشف من خلال حدوتة أسماء أن كل المشكلات مرتبطة، وأبواب الحجرات تنفذ إلى بعضها البعض. عادة يكتب خبر نعى المريض: «مات فلان الفلاني بعد صراع مع المرض»، ولكن أسماء تصارع المرض والبشر، تصارع قسوة الأطباء الذين يرفضون التعامل معها خشية مرضها، وتصارع الأحكام الأخلاقية حول سلوكها وسبب إصابتها بالفيروس، وتصارع استغلال الإعلام معاناتها من أجل سبق إعلامي، تصارع نظرة شك ابنتها المراهقة التي لم تر لها أبا أو عائلة. أداء هند صبري كان في أفضل حالاته في المشاهد الصامتة، حيث تعبيرات عيونها عن الخوف والقلق من الناس وتحدي منطقهم في نفس الوقت. تتشابك قصة معاناة أسماء في حاضرها مع بعض مشاهد الماضي التي تأتي بين الحين والآخر فتبدد برودة صورة الحاضر بصور مشرقة للريف المصري، حيث نرى أسماء الفتاة الريفية الجريئة المليئة بالحيوية والتحدي وحب الحياة، نراها فتاة نضرة تسعى للحب الذي وصل بها دون قصد إلى مأساتها. تتمسك «أسماء» بحقها في العلاج دون تفتيش في سلوكها وأخلاقها، ورغم إعلاء الفيلم قيمة حق الإنسان المريض في العلاج، مهما كان سلوكه، فإنه يخون هذا المبدأ حينما يحرص على تبرئة البطلة من سوء السلوك، وكان الأفضل أن يحجب هذه التفاصيل لصالح مبدأ أهم، وهو أن حقوق الإنسان غير مشروطة بأي أحكام أخلاقية على سلوك الفرد الشخصي. قدم "ماجد الكدواني" شخصية مقدم التوك شو بتألق شديد، فعلى الرغم من أنه قدمه بالأساس في صورة سلبية، فإنه لم يسقط في فخ الشرير النمطي.