سلوي النعيمي شاعرة سورية من جيل الثمانينات، تنحاز تجربتها إلي المنجز اليومي والمعاش، بالإضافة إلي عملها كمسئولة عن الإعلام بمعهد العالم العربي بباريس، وبالإضافة إلي كونها مبدعة متميزة فهي زوجة للروائي السوري الكبير خليل النعيمي. ويشترك الاثنان معًا في حبهما للقاهرة المكان والزمان والتاريخ وفضاء الأخيلة. نود- أولاً- أن يتعرف القارئ علي أهم أعمالك الشعرية والقصصية؟ - الشعر هو كثافة الروح وانطلاقات البداية وهي أقرب إلي الأشياء في صيغتها الأولي، لذا كان هاجس عندي هو الأقوي، فقد أصدرت حتي الآن خمسة دواوين شعرية هي «متوازيات» و«غواية موتي» و«أجدادي القتلة» و«إنا أعطيناك» بالإضافة إلي مجموعة قصصية تحمل عنوان «كتاب الأسرار» وكتاب عبارة عن تجميع لعدة حوارات صحفية أسميته «شاركت في الخديعة». بالتأكيد هناك عوامل أساسية في التجربة الإبداعية، ما أهم العوامل التي ساعدت علي تكوين الذائقة الفنية لديك؟ - هناك كثير من العوامل أثرت علي تكويني منذ الطفولة وأهم هذه العوامل هو تعاملي مع اللغة، فهي العنصر الأساسي بالنسبة لي في الحياة وفي الكتابة بمعني أن التجربة لا تتحول إلي وعي إلا من خلال اللغة، هذا الإحساس الحاد بالكلمات هو الذي يغلف الحالة الإنسانية ويكون العنصر الرئيسي بيني وبين التجربة في الحياة والكتابة. ويأتي بعد ذلك المكان حيث جغرافيا الروح الأولي واتساع أفق الصبا، والأحلام المهدرة، والأشخاص ومعادلة الحب والكراهية، ووطأة الإحساس بالزمن. كلها عوامل تؤثر في الكاتب والكتابة. سحر اللغة هي اللغة العربية- إذن- بسحرها، فماذا عن الكتابة بالفرنسية، ولك تجربة في ذلك، كيف تقيمينها؟ - أنا أقوم بترجمة قصائدي إلي اللغة الفرنسية أو بمعني أدق أعيد كتابتها بالفرنسية، وقد صدر لي ديوان بالفرنسية، بالإضافة إلي كتاب شعري ضم مختارات من الدواوين التي أصدرتها تحت عنوان «أجدادي القتلة». وهذه التجربة ليست ترجمة بقدر ما هي إعادة كتابة، لأن تكويني المعرفي والنفسي من خلال اللغة العربية وتراثها قرآنًا وشعرًا، وهو مايشبه الاختطاف، وهذا ما يحتويه نصي الشعري، فأنت إن كنت نبت اللحظة الشعرية الراهنة فأنت نبت تراث عميق يمتد لأكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان. ميراث الكتابة تعملين في مجال الإعلام والصحافة فإلي أي مدي أثر ذلك بالسلب أو الإيجاب علي منطلقات كتابة الشعر؟ - عملي في الصحافة أعطاني وعلمني الاختصار والإيجاز وقد يبدو هذا غريبًا، لأن الكثيرين يرون غير ذلك. فقد تعلمت من شيوخي في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق، ثم واصلت دراستي في الصحافة، ثم عملي فيها، وأعطاني ذلك تنوعًا في الاهتمامات فأنا أكتب في السينما والأدب والمسرح وكل الفنون التي أقدر علي الكتابة فيها. والصحافة- كذلك- علمتني أن أصغي إلي الآخر، أن أحاول أن أتعرف عليه، الصحافة تعطيني شرعية أن ألقي كل سؤال بجرأة وفضول. حس نقدي هناك ذلك الحس النقدي داخل نصوصك الشعرية، من رفض للتابو «الأب- القبيلة.. إلخ» لماذا أري دائمًا هذا الإحساس؟ - هو ليس رفضًا في الحقيقة هي علاقة ملتبسة، وربما ينبع الشعر من هذا الالتباس. أيضًا هناك ذلك التباكي علي الماضي، في مواجهة تغيرات الواقع، ألا تخشين أن تأخذك هذه الرؤية إلي رومانتيكية ما؟ - نصي ليس بكاء علي الماضي فعلاقتي بهذا الماضي كتاريخ ولغة وعلي كل المستويات من المؤكد أنه علاقة قوية، لكني لا أتباكي عليه، فأنا أعيش اللحظة الحاضرة وأربطها بالماضي. عندما أعرف أن تاريخي الشخصي متغلغل في تاريخ العالم، هذا يمدني بقوة، ويعطيني أرضًا صلبة أقف عليها وأنا- عادة أسخر ممن يقفون علي الأطلال- من كل نوع. رهان القصيدة من وجهة نظرك هل تعتقدين أن ذلك هو رهانات القصيدة الجديدة؟ - من المؤكد أن هذا الأمر بديهي، فالشاعر الآن يتجاوز المكان والزمان، ليكتب رؤية أشبه بالاسكتشات بقصائد تؤرخ للحظة متخيلة، هي في الأساس تستمد أحلامها وانكساراتها من الواقع.