الفريق أول محمد زكي يشهد تخرج دورات جديدة بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    التموين: ثبات أسعار السلع المقررة داخل منظومة الدعم على البطاقات يوليو المقبل    حماس: قصف حي الشجاعية استمرار لحرب الإبادة التي تشنها حكومة الاحتلال الفاشية    مراقب الدولة بإسرائيل: لسنا مستعدين لحرب في الشمال    الأقوى والأضعف ومفارقة الرقم 2.. حقائق مثيرة عن مجموعات يورو 2024 (فيديو)    في قضية "حريق استوديو الأهرام" .. قرار جديد ضد 4 متهمين    استغاثة كشفت الجريمة.. عاطل استدرج سائق وقتله في قنا    كريم عبد العزيز يكشف تفاصيل تعاونه مع أحمد عز خلال الفترة المقبلة (فيديو)    طرق بسيطة وفعالة للإقلاع عن التدخين في الصيف.. جربها    تخريج دورات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية    «الرعاية الصحية» تعلن حصاد إنجازاتها بعد مرور 5 أعوام من انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    النائب عبد المنعم سعيد: من معضلات القرن الأفريقى ظهور "الدول الميليشياوية"    فيران توريس بعد التألق مع منتخب إسبانيا فى يورو 2024: لن أغادر برشلونة    محافظ أسوان يلتقي رئيس هيئة تنمية الصعيد.. تفاصيل    «رحلة التميز النسائى»    رئيس تغير المناخ: قطع الأشجار في مصر لا علاقة له بالموجات الحارة    أيمن الجميل: تطوير الصناعات الزراعية المتكاملة يشهد نموا متصاعدا خلال السنوات الأخيرة ويحقق طفرة فى الصادرات المصرية    وفاء الحكيم تقدم حفل ختام المهرجان الختامي لفرق الأقاليم على مسرح السامر    الصحة العالمية: أكثر من 10 آلاف مريض فى غزة بحاجة لرعاية طبية خارج القطاع    رئيس هيئة النيابة الإدارية يفتتح المقر الجديد للنيابة بشبين الكوم    محافظ شمال سيناء :ثورة 30 يونيو انتفاضة شعب بكل فئاته ضد الفئة الضالة التي اختطفت الوطن    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الصحة» تكشف أعراض الإجهاد الحراري    مودرن فيوتشر يتقدم على الجونة في الشوط الأول    هند صبري تشارك جمهورها بمشروعها الجديد "فرصة ثانية"    بائع يطعن صديقة بالغربية بسبب خلافات على بيع الملابس    لتكرار تجربة أبوعلى.. اتجاه في الأهلي للبحث عن المواهب الفلسطينية    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    عمر كمال يثير الجدل: أمي بترفض تطلع عمرة بفلوسي.وبضحك عليها وأطلعها (فيديو)    الحركة الوطنية يفتح مقراته بكل محافظات الجمهورية لطلاب الثانوية وقت انقطاع الكهرباء    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    الفاو تحذر من ارتفاع خطر المجاعة فى جميع أنحاء قطاع غزة    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    خبير مياه يكشف حقيقة مواجهة السد العالي ل«النهضة الإثيوبي» وسر إنشائه    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    زحام مرورى بسبب انقلاب سيارة نقل ثقيل على طريق الواحات الصحراوى    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بولندا تهنئ مارك روته على تعيينه في منصب السكرتير العام الجديد للناتو    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقوب السوداء في المجتمع تفقدنا وحدتنا حول العناصر الأساسية للدولة المدنية الديمقراطية
نشر في القاهرة يوم 26 - 04 - 2011


حركة الشباب في مصربكل ما لديها من طاقات كامنة تفجّر بعضها فقط منذ25 يناير 2011، يتداعي عليها كما تتداعي الأكلة علي وجبة شهية كلّ الذين يحاولون أن يستعيدوا عذريتهم !وفي ذلك تقع مسئولية كبيرة علي أكتاف إعلام يعيش علي استثارة الانفعالات، ويبدو أنّ أكل عيش هؤلاء يقتات من إعدام المجتمع لا من تغييره. والجهد الفكري حول خطاب مبارك لقناة العربية يبريء ذمّته المالية هو وأسرته وحكايات محاكمتهم وما إلي ذلك، وكيف ركب صفوت الشريف سىّارة الترحيل إلي السجن، وماذا قال حينما لقي أحمد نظيف أو حبيب العادلي أو أحمد عزّ، إنّما هي أخبارعلي سبيل المثال، لايمكن مقاومة تسليتها وقدرتها علي خلق شعبوىّة تافهة، شبعنا من الاعتبار بها أو الامتعاض منها ونحن نقرأ في تاريخ الثورات حول إعدام الملوك والقياصرة. وفضلا عن أنّها لاتقدّم ثقافة جديدة حول الابتهاج بالنصر وما يمكن أن يفعله المنتصرون بمن هزموا، فإنّها تخرج بشكل سيء، عن قدرة شبابنا علي تقديم أفكار مختلفة. أكسبته انبهار العالم، فبات مشوّقا إلي ثورة تحمل شعار سلمية .. سلمية، تغير النظام وتقيم جمهورية جديدة، لا تكون قمعية ومدمّرة، تنزع مافي قلوبنا من غلّ وتحمي بقدر مايستطيع القانون كثيرا ممّا هو إنساني. تطورات هائلة تغير العالم في السنين المائة الأخيرة أكثر من أي قرن مضي، وليس سبب ذلك هو مباديء جديدة سياسية أو اقتصادية، إنّما تطوّرات هائلة في التكنولوجيا، أصبحت ممكنة بواسطة أوجه التقدّم في العلم الأساسي، والذي يسعي إلي أن نكون بشرا محسّنا يعاد تشكيل وظائفه السلوكية والفكرية. إنّ شبابنا، أمامه مهمّة خلق ارتقاء حضاري أخرّنا عنه الظالمون، أمامه محاولة خلق بيئة مصرية جديدة من صنع الإنسان ويمكن أن تتغير بسرعة بيده في شتّي المجالات. ويمكنني أن التقط من ميدان التحرير إرهاصات بذلك تبدو عفوية، لكنّها تشيرإلي سليقة هذا الشعب وتفرّد مشيئته . ردّا علي أحد خطابات الرئيس السابق يخيرنا بين الاستقرار والفوضي يلتقط ميكروفون الجزيرة، شاب من الميدان ليقول : سيادة الرئيس ..سيادة الرئيس، كفاية بقي، كفاية الغلب والمرار لثلاثين سنة، نستسمحك أن تتركنا نصنع استقرارنا بأنفسنا.هذا الجيل يمارس ويشعر بالعالم فلا داعي لتشويه جسارته ! أستطيع أن أعيد صياغة ما قالته ميراندا في رواية (العاصفة ) لشكسبير " يا لعالم الشجعان الجديد " عالم توجد فيه مخلوقات الانترنت والفيس بوك ! لايمكن أن يكون جبانا وفي نفس الوقت باحثا عن الحقيقة . إنّه لشيء عظيم أن قام شبابنا باتّخاذ الخطوة الأولي، وركبنا الصاروخ وأصبحت مهمّة كلّ عاقل قبل مخاطرة الرحلة أن يتذكّر المشاكل الكبري التي اكتنفت حياتنا، وعلي رأسها إقامة الدولة التي ستحمي الحياة والأمن وتحمي نفسها من كلّ تحكّم سرّي ينهش باطنها ليملأه بالقهر والظلم والفساد . لايجب أبدا أن نتوقّف أكثر من اللازم عند الضآلة والضحالة والسخافة والعجرفة ونعتبر ذلك دليلا علي جسارة التفكير والأصالة، بينما ننفجر ولم نبرح مكاننا بعد. ربّما كان لزاما أن أحذّر أنّ صعودنا نحو الارتقاء، هو رحلة خطرة، نواجه فيهاالثقوب السوداء . تبتلعنا تلك التكوينات المتطرّفة من اللغة والأفكار والواقع المادّي وقد تقلّصت علي نفسها وثقلت وفقدت طاقتها وقدرتها علي الدوران . إنّ نظرية الدولة الإسلامية هي أخطر هذه الثقوب، والذي لانفاذ من داخله إلاّ بفصل الدين عن الدولة، وليس التمادي في حلّ ألغاز أنّ الدين الإسلامي لايعرف الدولة الدينية. كما كان يجيب الدكتور سليم العوّا علي سؤال للعاشرة مساء! يأخذنا عن البحث عن حلول صحيحة لمشاكل حقيقية إلي محاولات لتوضيح أو تحليل أو تفسير المفاهيم أو الكلمات . الثقوب السوداء تخذلنا لغتنا من حين إلي حين، كردّ فعل علي خذلاننا لها، وكما يقول داروين في كتاب " أصل الإنسان " إنّ استخدام وتطوير اللغة قد" أثر في الذهن نفسه"، فيمكن لعباراتنا أن تصف وضعا وهي قد تكون صحيحة أو خاطئة.وصرنا دائما بحاجة إلي تفكيك مفرداتنا المفخّخة أوالمشحونة بدلالات لاعلاقة بينها وبين الواقع المادّي أو الظاهرة التي أردنا الإشارة إليها أو توصيفها .الشباب لم يكن متخما بتلك المفردات من الإسلامية إلي الوطنية والحرية والاشتراكية والعدل والمساواة الساعية إلي تحقيق دلالات قيمية أخلاقية . بل كان ثائرا، ساعيا إلي تلك المفردات الأساسية البدئية، الرئيس، النظام، الدولة التي تضطّلع بالدور المنظم للشعب وتحويله إلي مجتمع. من خلال ترسيخ العقد الاجتماعي وتوفير الأمن وأسباب الحياة والتطوّر وحرّية التعبير والاعتقاد لكلّ المشاركين في هذا العقد. والأىّام من 25يناير إلي لحظة إعلان الرئيس تنحيه عن الرياسة في 11 فبراير تفترض بلا جدال حاجتنا جميعا إلي هذه العناصر الأوّلية وليس إلي أي إيديولوجية . ثمانية عشر يوما فقط، وتصدّعت أو اعتراها ضمور شديد أو تلقفتها الثقوب السوداء تفقد وحدتنا حول العناصر الأساسية للدولة المدنية الديمقراطية، معناها بالكامل أو جزءا منه .أنتم تتذكّرون الاستفتاء حول التعديلات الدستورية والنهوض السلفي وحرق الأضرحة وحرق كنيسة أطفيح، وقطع أذن مواطن، والجدل حول المادّة 2من الدستور، ومشاركات الإخوان الملتبسة ..وصار لزاما أن نختبر من جديد صحّة الثمانية عشر يوما لميدان التحرير. جمهورية جديدة لو بانت مجرّد تباشير بأنّنا نسير نحو النجاح في إقامة جمهورية جديدة، لخفّت ردّة الفعل علي دولة احتكرت العنف والقمع والفساد وسلب الأموال ممّايطغي علي أحاديثنا وكتاباتنا ومانشتاتنا وشاشاتنا ومليونياتنا ! كان مزيج الكراهية مستبدّا كلّما اقترب سبتمبر من العام 2011 قبل قيام 25 يناير خصوصا بعد انتخابات مجلسي الشوري والشعب وقد أتيا عن عملية تزوير واضحة وفاضحة. الآن هناك مزيج من الحلاوة والمرارة وكلّما مر ّشهر علي قيام 25 يناير، أحبّ قرب نهاية الفترة الانتقالية وأخشاه في الوقت نفسه. وفي هذا المأزق أتبدّل صباح مساء بين التشاؤم والتفاؤل، والانتخابات البرلمانية والرئاسية ولجنة إعداد الدستور الدائم يجب أن تكون الهم الرئيسي. بمعني جديد حضرت الدولة لتفرض نفسها كلاعب أساسي، لاأرجح حصول معجزة وسط الطوباويات الدينية في طروحاتها الغيبية الهشّة وممارساتها العنيفة المثيرة للفتن، ليست أقلّ انتقاصا وضعضعة لمفاهيم الدولة والشعب والمجتمع. تضعف هذه المفاهيم لصالح النزعة التدينية الشعبوية، وتجعل الفرصة المتاحة مجرّد نتائج ترميم.. ليس أمامنا إلا الهروب دوما إلي الأمام، فما أن نصل إلي زمن آت، حتّي نجد مكوّناته مأسورة فنقوم بفك أسرها، وها أنا أشعر بأنّ المحاولة حاضرة بقوة أكثر من أي وقت مضي لاقتراب الحادث المنتظر - الدولة الديمقراطية المدنية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.