اوصي عدد من سفراء إسرائيل في عدة دول، وآخرين من كبار المسئولين في وزارة الخارجية الاسرائيلية، بأن تعلن إسرائيل من الآن عن اعترافها بدولة فلسطينية مستقلة في حدود مؤقتة. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية ان السفراء وكبار المسئولين ارسلوا برقيات الي وزارة الخارجية الاسرائيلية، اوضحوا فيها مواقفهم التي يؤكدون فيها ضرورة أن تعترف اسرائيل بالدولة الفلسطينية وتدعو الحكومة الاسرائيلية إلي الشروع في مفاوضات فورية وسريعة علي الحدود الدائمة. وتأتي دعوة الدبلوماسيين الاسرائيليين خوفا من توجه الفلسطينيين الي الاممالمتحدة في شهر سبتمبر المقبل للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 67، ورغم انهم واثقون من اجهاض الجهود الفلسطينية في هذا الشأن بسبب لجوء الولاياتالمتحدةالأمريكية الي استخدام حق الفيتو، إلا أنهم يؤكدون ان المطلب الفلسطيني سيتحقق في حالة التوجه الي الجمعية العمومية للامم المتحدة، لانها سيحظي بموافقة اغلبية الاصوات هناك، الامر الذي سيترتب عليه ان يطالب الفلسطينيون بالشروع في مفاوضات علي أساس قرار الأممالمتحدة. ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن مسئول بوزارة الخارجية قوله ان ذلك في حالة حدوثه "سيكون كارثة لإسرائيل"، واضاف: "نحن اليوم الاحتلال الأخير في العالم، ولم يعد الاحتلال اليوم أمرا شرعيا". قال دبلوماسي اسرائيلي رفيع: "علينا ان نأخذ المبادرة ونعلن صباح غد بأننا نعترف بالدولة الفلسطينية، وهذا سيجعل الفلسطينيين مسئولين عن مصيرهم". لكن وزارة الخارجية الاسرائيلية لا تعبأ كثيرا بنصائح دبلوماسييها، فقد وزع مدير عام وزارة الخارجية رافي باراك تعليمات للسفراء الذين يخدمون في الدول الأعضاء في مجلس الأمن، مؤخرا، تقضي بأن عليهم أن يوضحوا أن إسرائيل ستتخذ إجراءات من جانب واحد إذا ما اعترفت الدول بدولة فلسطينية، وفسر البعض الخطوات احادية الجانب بأنها قد تشمل ضم أو بناء مستوطنات. وتزامن الاعلان عن برقيات الدبلوماسيين الاسرائيليين مع زيارة سرية اجراها اسحق مولكو، مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمسئول عن الملف الفلسطيني، الي موسكو حيث التقي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بهدف محاولة اقناع روسيا بعدم تأييد مبادرة الاتحاد الاوروبي التي سيجري طرحها خلال ايام وتتضمن مشروع سلام لاقامة دولة فلسطينية علي أساس حدود 67 . ونقلت صحيفة هآرتس الاسرائيلية عن مسئول اسرائيلي رفيع قوله ان مولكو عرض أفكارا اسرائيلية جديدة لتحريك عملية السلام مع الفلسطينيين، لكن الصحيفة ذاتها ذكرت ان هدف الرحلة كان محاولة "دق اسفين" بين روسيا والاتحاد الاوروبي قبيل انعقاد وزراء خارجية المجموعة الرباعية بعد اسبوعين. وتدفع بريطانيا وروسيا والمانيا نحو تبني مبادرة سلام دولية تتضمن مباديء استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين واقامة دولة فلسطينية. واراد نتنياهو ان يبعث بمولكو في جولة محادثات في لندن، باريس، برلين وبروكسل، الاسبوع الماضي، في محاولة لاقناع الاوروبيين بتأجيل طرح المبادرة، لكن تم الغاء سفر مولكو الي العواصم الاوروبية في اللحظة الاخيرة، بعد ان ادرك نتنياهو انه لن ينجح في اقناع الاوروبيين بالتراجع بدون رسائل سياسية جديدة في موضوع المسيرة السلمية. ومع ذلك، في أعقاب زيارته الي روسيا الاسبوع الماضي اعتقد نتنياهو أنه بالامكان تجنيد الروس للاعتراض علي الخطوة الاوروبية، او علي الاقل تأخيرها ولهذا بعث مولكو الي موسكو. ذكرت صحيفة هآرتس انه ليس واضحا اذا كانت محاولات الاقناع التي قام بها مولكو نجحت، ولكن تصريحات لافروف في اللقاء لا تطمئن الاسرائيليين، إذ قال: "من المهم مواصلة المساعي لايجاد حلول للطريق المسدود، وينبغي تجديد الثقة بين اسرائيل والفلسطينيين.. في الوضع الحالي بالشرق الاوسط يبدو استئناف المسيرة السلمية مهما جدا وسيساهم في الاستقرار". اما وزير الخارجية البريطاني وليم هيج، فقال في اجتماع حول العلاقات الاسرائيلية - البريطانية في لندن، الاسبوع الماضي، ان التسويات الانتقالية لن تكفي لانهاء النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني، ويجب تحقيق تقدم في المسيرة السلمية حتي شهر سبتمبر. واضاف هيج: "ندعو الولاياتالمتحدة والرباعية الي طرح مباديء واضحة علي أساس خطتنا في أقرب وقت ممكن". واعلن رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) تأييده للمبادرة الاوروبية الثلاثية، ويعمل مع كل اعضاء الرباعية كي تتبناها بشكل رسمي في اللقاء القريب القادم. ومع ذلك، لم يرد عباس بعد بشكل واضح علي سؤال وجهته اليه فرنسا والمانيا وبريطانيا: هل سيعود الي المفاوضات مع اسرائيل اذا ما تم تبني المبادرة؟. ولم تعلن الادارة الامريكية موقفها بعد من المبادرة الاوروبية، بينما تؤيدها الاممالمتحدةوروسيا أيضا علي ما يبدو. ومن المنتظر ان يصل الي اسرائيل مبعوثو الرباعية، هذا الاسبوع، للاعداد لاجتماع وزراء الخارجية، حيث سيلتقون مستشاري نتنياهو وممثلي السلطة الفلسطينية. بينما يزور نتنياهو برلين ليحاول اقناع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بوقف المبادرة الاوروبية لطرح خطة سلام دولية. في حين عاد ابو مازن الي نغمته القديمة عبر التلويح باستقالته من منصبه في شهر سبتمبر المقبل اذا لم تستأنف المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية حتي ذلك الحين ولم يتم الاتفاق علي اقامة دولة فلسطينية. اكد ابو مازن - خلال لقاء له في رام الله مع اعضاء "مجلس السلام والامن"، الذي يضم بين عضويته عدد من كبار قادة الجيش الاسرائيلي السابقين - ان السلطة الفلسطينية تعتزم العمل علي اقامة دولة فلسطينية تعترف بها اسرائيل، وأن تتوجه الي الجمعية العمومية للامم المتحدة اذا لم يتم الاتفاق بين الطرفين، ولم تستأنف المفاوضات السياسية. وذكرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان ابو مازن سُئل عن السيناريو المحتمل للتطورات بعد التصويت في الجمعية العمومية، فقال: "اذا عدنا بيدين فارغتين (من الاممالمتحدة) فسنجمع القيادة الفلسطينية هنا لنقرر ماذا ستكون الخطوة التالية... لدينا حكم ذاتي وليس لدينا استقلال. الاحتلال هنا وليس هناك. في كل لحظة يمكنهم أن يأتوا. يمكنهم أن يجتاحوا اراضينا. يمكنهم أن يفعلوا كل شيء. يمكنهم أن يمنعوني كرئيس للسلطة من الخروج عبر بيت ايل. انا احتاج الي اذن في كل مرة ارغب فيها الخروج او العودة: هذه هي سلطتنا. هذه ليست سلطة... إذن ماذا يتعين علينا أن نفعل. ماذا سيكون جوابنا اذا لم يكن هناك أمل؟ لا يمكنني أن اجيب علي ذلك، ولكن يمكنكم أن تتخيلوا ماذا سيكون الجواب". وسُئل ابو مازن ماذا سيحصل في اليوم التالي للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العمومية فعاد وأوضح أن السلطة ستتوجه الي الجمعية فقط في حالة انعدام البديل. "ولكن اذا كنتم تريدون مفاوضات ولا تريدون اتفاقا، فماذا ينبغي أن نفعل؟ أجيبوني أنتم، وليجيبني هو (نتنياهو). فرضنا الامن هنا في السنوات الاربعة الاخيرة والامور مستقرة الآن: قانون ونظام، اقتصاد متقدم، حياة طبيعية في كل مكان في الضفة. ارجوكم، علينا أن نستغل هذه الفرصة كي نواصل. اذا كانوا لا يريدون سنغادر.. سنغادر. لا يمكننا ان نبقي في هذا المكان من أجل أي شيء". وكرر ابو مازن تأكيده علي انه لا ينوي الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة لليهود، وسيواصل السعي نحو المصالحة مع حماس، لانه بدون وحدة فلسطينية لن يكون ممكنا الوصول الي اتفاق سلام بين الفلسطينيين واسرائيل. شدد عباس علي رفضه فكرة الاتفاق الانتقالي، لكنه قال ان السلطة ستكون مستعدة لقبول جدول زمني لتطبيق التسوية الدائمة. قال ابو مازن انه لا يمانع في بقاء اليهود من سكان المستوطنات في الدولة الفلسطينية التي ستقوم، واضاف: "لسنا ضد اليهود أو الاسرائيليين. بمعني أنه اذا اختار اسرائيلي ما ان يعيش في الدولة الفلسطينية، فلن أرفض ذلك لانه سيكون مواطنا في الدولة".