أكد سفير جنوب السودان فى القاهرة، أنتوني كون، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده السفير مساء اليوم"الخميس"، بمقر سفارة جنوب السودان بالقاهرة، أن سلطات بلاده تعتقل الأن (11) شخصاً على ذمة التحقيق للإشتباه في تورطهم في المحاولة الإنقلابية التي شهدتها البلاد أواخر العام الماضى. وكشف عن أن معظم من تم اعتقالهم كانوا وزراء فقدوا مناصبهم في التشكيل الوزاري الأخير في جنوب السودان ومن بين هؤلاء باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية المجمد نشاطه والسيد دينق ألور كوال وزير رئاسة مجلس الوزراء السابق، وقير شوانق وزير الطرق السابق، والسيد مدوت بيار وزير الإتصالات السابق، والسيد كوستي مانيبي وزير المالية السابق، والسيد جون لوك جوك وزير العدل السابق، والسيد بيتر أدوك نيابا وزير التعليم العالي السابق، والسيد شول تونق حاكم ولاية البحيرات السابق، والسفير إزكيال قاركواث والسيد خميس عبداللطيف مستشار سابق بوزارة الداخلية. وعن وكالة أنباء الشرق الأوسط، أضاف سفير جنوب السودان، أن من بين هؤلاء المعتقلين (3) من المدنيين بينما يحمل الباقون رتبا عسكرية.. متهما رياك مشار نائب رئيس الدولة السابق بإثارة النعرات القبلية بعد فشل الانقلاب بهدف إستمالة أفراد قبيلة النوير المتواجدين في الجيش والشرطة والمثقفين للإنضمام إليه، و قال إن مشار نجح في استمالة الفريق بيتر قديت قائد الفرقة الثامنة في منطقة جونقلي العسكرية حيث قام الأخير بتجريد أبناء قبيلة الدينكا الذين تحت إمرته من السلاح وقام بقتلهم ونجا من هذه المذبحة الذين رفضوا تسليم أسلحتهم، ثم قام بإحتلال مدينة بور، وإنضم إليه آلاف من شباب قبيلة اللو نوير في مناطق أكوبو المعروفين بالجيش الأبيض. وقال كوني في المؤتمر الصحفى " كانت إستراتيجية مشار أن يقوم بالإنقلاب وفي حالة الفشل يتمرد ويثير النعرات القبيلة واستمالة أبناء النوير في الجيش إلى جانبه وكذلك المثقفين وإقناعهم بأن الحرب بين الدينكا كبرى قبائل جنوب السودان وبين النوير الذين يشكلون ثاني كبرى قبائل الجنوب". ولفت السفير إلى أنه بعد إفشال المحاولة الإنقلابية تم ضبط وثائق وعلم جديد للدولة حيث كان مشار يريد تغيير علم الدولة الحالي وقال " ليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مشار بقتل الأبرياء بغرض السلطة فقد قام عام 1991 بالإنشقاق من الحركة الشعبية بعد أن إرتكب مجزرة في بور قتل فيها الآلاف من أبناء دينكا بور وهو يكرر نفس الشئ حيث أن الضحايا في بور كلهم من أبناء قبيلة الدينكا". وأضاف سفير جنوب السودان أن "مشار قد استمال الى جانبه اللواء جيمس كونق شول قائد الفرقة الرابعة في منطقة ولاية الوحدة العسكرية الذي قام بإحتلال مدينة بانتيو وقتل كل أبناء الدينكا في المدينة، ونجا من ذلك من تمكن من الفرار، وقام باستباحة المدينة وتدميرها بالكامل وتمكن أيضاً من إثارة النعرات القبلية في الناصر وقام بالهجوم على ملكال واستباحتها مرتين ومات الكثير من المواطنين ودمرت المدارس والمستشفيات ونهبت المكاتب الحكومية والمتاجر والبيوت وهرب الآلاف إلى الغابات والقرى المجاورة وغرق أكثر من 200 مواطن في النيل أثناء الهرب، كما قام أيضاً بإحتلال آبار البترول في منطقة الوحدة وقتل العاملين من قبيلة الدينكا وأغلق الآبار والإضرار بجزء منها وتمكن القوات الحكومية من طردهم فيما بعد وتوقف الإنتاج. وردا على سؤال حول طبيعة تشكيل ما يعرف بالجيش الأبيض في جنوب السودان أجاب سفير جنوب السودان قائلا " إنهم مليشيات قبلية من شباب قبيلة اللو نوير القاطنة بمحازاة للحدود الإثيوبية وهم مدفوعين من قبل الزعماء المحليين والمواليين لرياك مشار لتحقيق مزاعم نبوة أحد النوير المعروف بإسم (نون دينق) بأن جنوب السودان سيحكمه بعد الإستقلال شخص من قبيلة النوير (أيسر اليد) وهو ما اعتقده مشار بأنه الشخص المعني بتلك النبوءة. واستطرد سفير جنوب السودان مؤكدا على أن الأحداث الأخيرة في جنوب السودان ليست بين النوير والدينكا، فقبيلة النوير بريئة من مزاعم مشار، وما حدث هو إنقلاب فاشل قام به مشار مع مجموعة من السياسيين الذين فقدوا مناصبهم في التشكيل الوزاري الأخير وأغلبهم ليسوا من النوير بل هم من عدة قبائل منهم الدينكا وقبائل الإستوائية والشلك والنوير، إلا أن مشار قام بإستمالة القرويين من أبناء النوير تحت أوهام تحقيق النبوءة مما جعل أبناء النوير يقفون معه، حيث أن النوير يعتبرون نون دينق الزعيم الروحي للقبيلة، وبعض العسكريين القلائل الموجودين في الجيش الذين إستجابوا إليه. وحول انعكاسات المحاولة الانقلابية على الجيش الوطنى لجنوب السودان بامتداداته القبلية قال سفير جوبا إن أكثر من 75% من جيش جنوب السودان من النوير وهم الذين يقاتلون مشار وقواته وإستعادوا المناطق التي كانت قد إحتلتها قوات رياك مشار. واستطرد " يوجد في جيش جنوب السودان أكثرمن 500 ضابط من رتبة مقدم إلى فريق من أبناء النوير، كما أن رئيس هيئة أركان جيش جنوب السودان الفريق أول جيمس هوث من قبيلة النوير كما أن اثنين من قادة المناطق العسكرية الثلاثة من النوير وكذلك قائد الحرس الجمهوري ومسؤول الأمن الخارجي من النوير ورئيس البرلمان ورئيس مفوضية محاربة الفساد ونائب محافظ البنك المركزي وعدد من الوزراء (الخارجية- التعليم – الصحة – العمل) وبعض نواب الوزراء". وحول آثار المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية والموالون للانقلابيين فى جنوب السودان من أنصار رياك مشار حددها سفير جنوب السودان في مؤتمره الصحفي بما يلي: تم تدمير مدينة بانتيو وملكال وبور ونهبت المتاجر والبنوك بالإضافة إلى التدميرالكامل للبنية التحتية في بانتيو وبنسبة 70% في بور وفوق ال50 % في ملكال .. كما تم نهب ممتلكات المواطنين من الأبقار والأغراض الشخصية، كما تم تدمير المستشفيات وبعض العيادات الطبية، وتوقف التعليم بشكل كامل في هذه المناطق، وحسب الإحصائيات الرسمية يوجد أكثر من 40 ألف طالب في المراحل الجامعية بلا قاعات للدراسة بعد تدمير كل القاعات وكذلك المدارس، والطلاب تشردوا إلى القرى. كما فقد أكثر من 5000 شخص أرواحهم حتى الإسبوع الماضي، وعبر الحدود إلى أوغندا وكينيا أكثر من 45000 شخص ونزح حوالي نصف مليون شخص من منازلهم إلى القرى المجاورة والغابات وتضررت منشآت البترول في ولاية الوحدة في كل من ربكونة وثارجاس وفاريانق وتم إجلاء المواطنين الأجانب قبل إحتلال المتمردين لآبار البترول والتي طردوا منها فيما بعد. وأدى استمرار توقف الإنتاج النفطي في هذه المنشآت البترولية لحين عودة العاملين الأجانب وإصلاح بعض الأضرار التي لحقت بها إلى فقد جنوب السودان إستحقاقه من البترول ما يعادل 60 مليون دولار. وكانت هذه الآبار تنتج 75 ألف برميل في اليوم. وامتدت اثار العمليات العسكرية إلى منطقة فلوج في ولاية أعالي النيل حيث توجد معظم الآبار حيث غادر 500 من العاملين من العمالة السودانية بالإضافة الى الصينيين خوفاً على أرواحهم وأدى ذلك إلى إنخفاض الإنتاج إلى 160 ألف برميل في اليوم من 200 ألف برميل، أما المنشآت فهي سليمة ولم يتأثر إستحقاق حكومة جنوب السودان من عائدات البترول البالغ 280 مليون دولار. وكانت محاولة انقلابية فاشلة قد وقعت فى جنوب السودان في الخامس عشر من شهر ديسمبر الماضى قادها نائب رئيس الجمهورية السابق رياك مشار وآخرون وتم إفشالها من قبل القوات المسلحة في جنوب السودان؛ وقد بدأت الأحداث في حوالي الساعة التاسعة مساءً حيث قامت مجموعة من الحرس الجمهوري موالية لرياك مشار بمحاولة إحتلال مخازن الإسلحة في القيادة العامة السابقة للقوات المسلحة السودانية واستولوا على إحدى مستودعات الذخيرة وتم طردهم في نفس الليلة؛ وفي صبيحة يوم 16 ديسمبر قاموا بمحاولة آخرى للإستيلاء على نفس المستودعات وباءت محاولتهم بالفشل حيث قامت القوات الحكومية بزيادة الحراسة على المستودعات واشتبكت مع العناصر المهاجمة وتوسع نطاق الإشتباك إلى داخل المدينة. وكانت العناصر المهاجمة من قبيلة النوير المواليين لمشار. كما قامت مجموعة أخرى بمحاولة إحتلال قيادة الجيش الشعبي في بلفام وتعامل معها الجيش وأفشل مخططها في إحتلال القيادة. وأدى ذلك على هروب مشار بعد أن شعر بفشل الإنقلاب ومعه حاكم ولاية الوحدة السابق تعبان دينق والفريد لادو قوري وزير البيئة الأسبق الى خارج مدينة جوبا لإشعال الحرب والتمرد ضد الدولة.