شدد عاهل الأردن، الملك عبدالله الثاني، اليوم الثلاثاء، على أن التحول التاريخي الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط الآن، لن يصل إلى مبتغاه عبر الوصفات الجاهزة، وإنما عندما يشعر المواطنون جميعًا بأنهم ممثلون تمثيلًا حقيقيًا، كما أن الاحترام المتبادل بين الجميع هو السبيل للمضي قدمًا في الأردن. وأضاف عبدالله الثاني، في كلمته أمام الدورة العادية الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك بقوله: "بيتنا الأردني الذي نعمل على إعلاء بنيانه هو بيت المستقبل الجامع، الذي يقوم على أسس ومبادئ متينة من إجماع الأغلبية وحماية حقوق الأقلية، والثقافة الديمقراطية المرتبطة بالمواطنة الفاعلة، والتغير السلمي التدريجي". وتابع: "إن مستقبل الأمن العالمي سيتشكل بناء على ما يحدث في الشرق الأوسط الآن، ويمكن لمنطقتنا أن تكون بل يجب أن تكون بيتًا للسلام والإزدهار بوجود ركائز قوية من الحكم الرشيد وفرص متاحة أمام الجميع خصوصا للشباب". وقال أنه "لا يمكن بناء أي بيت للسلام والإزدهار في مدينة تحترق، واليوم لا يمكننا تجاهل الحرائق في المنطقة، التي تمتد إلى العالم أجمع، ولذلك ومن أجل حماية المستقبل، على العالم أن يتجاوب معنا في إخماد هذه الحرائق". ونوّه العاهل الأردني بأن الأردن استضاف الشهر الماضي أكثر من مائة من أبرز العلماء المسلمين من جميع أنحاء العالم، وما أنجزوه خلال مؤتمرهم يؤكد على تعاليم الإسلام الحنيف الحقيقية، ويبني على المبادرات التي طالما أطلقتها المملكة لتعزيز الحوار بين الأديان، وبين أتباع الدين الواحد، وهي رسالة عمان ومبادرة كلمة سواء، وأسبوع الوئام العالمي بين الأديان. وأشار إلى أن هؤلاء العلماء أجمعوا على أنه لا يوجد نموذج معياري واحد للدولة الإسلامية، لكنهم أكدوا أن الدولة الإسلامية الحديثة ينبغي أن تكون دولة مدنية قائمة على المؤسسات وعلى دستور جامع يرتكز على سيادة القانون والعدالة وحرية الرأي والعبادة، كما أن هذه الدولة تدعم المساواة بين مختلف الأطياف العرقية والدينية. ونوّه بأن العلماء أدانوا بحزم التحريض على الفتنة العرقية والطائفية ووصفوا هذا الشر بما يستحقه من وصف، وهو أنه يشكل تهديدًا يحدق بالأمة الإسلامية، والإنسانية جمعاء، مشيرًا إلى أن الأردن دعا "منظمة التعاون الإسلامي" لتبني هذه التوصيات، التي تشكل مبادئ توجيهية غاية في الأهمية في خضم الاضطرابات والتحولات التي تعم المنطقة. وقال إن المملكة استضافت خلال هذا الشهر أيضًا لقاءً دوليًا لمعالجة التحديات التي تواجه مجتمعات المسيحيين العرب والتي تشكل جزءًا أساسيًا من ماضي المنطقة وحاضرها ومستقبلها. واختتم عاهل الأردن كلمته قائلًا: "لقد ظل الأردن نموذجًا تاريخيًا للتعايش والتآخي بين المسلمين والمسيحيين، وسنستمر في بذل قصارى جهدنا لحماية مجتمعات المسيحيين العرب والأقليات، وندعو جميع الدول إلى الانضمام إلينا في موقفنا الداعي للتنوع والتسامح واحترام الجميع".