تحتاج مصر في هذه اللحظة الصعبة حلولا سياسية مبدعة للأزمة الحالية؛ ظني أن صانع القرار المصري يحتاج الي التقاط الأنفاس، وأخذ نفس عميق لتقييم ماجري سلبا وايجابا، ثم يحدد الخطوات القادمة حتي لايقع في دائرة رد الفعل، لأنه ليس بمفرده في الساحة فأمامه خصم ليس هينا كما أن الخارج لديه مواقف متباينة ما بين التأييد والرفض أو مسك العصا من المنتصف. قناعتي أن الدولة المصرية تواجه موقفا صعبا,ومايتردد عن أن خروج المصريين بالملايين في 30 يونيو قد أفسد مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي والذي كانت ستنفذه جماعة الاخوان، فإن ذلك يحتاج أن نسمعه موثقا علي لسان مسئولين مصريين، وذلك بهدف كشف الحقائق وتعريتها أمام الرأي العام. لا تحتاج الدولة المصرية تقديم مايثبت أن 30 يونيو ثورة وليس انقلابا، لأن المصالح يمكن أن تقنع كل طرف بمايريده لخدمة مصالحه، ولا أريد للدولة أن تقع في فخ التبرير، وبعيدا عن نظرية المؤامرة الدولية (ولا استبعدها لكن أصحح تسميتها الي المصالح الدولية للقوي العظمي) فإن المصريين قد اسقطوا نظام حكم الاخوان بسبب فشلهم في إدارة البلاد وتردي الأحوال بصورة غير مسبوقة، كما أن نظام الإخوان قد استعدي اجنحة الدولة ضده (القضاء والاعلام والشرطة والجيش) ناهيك عن اتهامات بالخيانة لاتزال محلا للتحقيق ومصيرها سيحسمه القضاء المصري. الدولة المصرية الآن لديها مصادر قوي تستند اليها وهي تدير الأزمة، ربما لم تتحقق لها منذ فترة طويلة وتتمثل فيما يلي: 1-الشعب المصري (باستثناء جماعة الاخوان وانصارهم والمتعاطفين معهم) يدعم الدولة حاليا بكل قوة، ويكفي للدلالة علي ذلك استجابته للنزول في 26 يوليو، ولقرار فرض حظر التجول والذي صدر مرتين في عهد مبارك ومرسي ولم يحترمه المصريون. 2-دعم عربي كبير تقدمه الدول العربية المؤثرة في مقدمتها السعودية، وهذا غائب عن مصر منذ سنوات. 3-استعادة الروح القوية للدولة المصرية وتمثل ذلك في عمليات سحب السفراء من الدول التي قامت بنفس الفعل، وكذلك رد مصر علي الغاء مناورات النجم الساطع الامريكية المصرية المشتركة. 4-اختلاف في نوعية ونماذج من يصنعون القرار المصري الآن جعلهم يتمتعون بقبول وتأييد شعبي، ولأول مرة منذ سنوات وتحديدا خلال حكم مرسي تستعيد مؤسسة الرئاسة المصرية هيبتها وبريقها، وكذا وزارتي الخارجية والدفاع أدوارهما بقوة. ماسبق يدفعنا الي التذكير بمقدمة المقال والتي تدعو صانع القرار الآن الي البحث عن حلول مبتكرة للخروج من الأزمة السياسية الآن واستخدام كافة أوراق الدعم السابقة من تأييد شعبي وعربي، وأن يتم ذلك بسرعة حتي تخرج مصر من هذه المرحلة الصعبة التي سالت فيها دماء مصرية ذكية ماكان لها أن تسيل لولا الغباء السياسي لجماعة الإخوان. في المقابل فإننا نراهن علي بعض حكماء الإخوان أن يقيموا ماجري خلال عام من حكمهم ويسألون أنفسهم: لماذا فشلنا ولماذا خرج المصريون يعزلوننا، بل السؤال الأهم: هل انتصرت جماعة عادت شعبا ودولة؟ الإجابة المؤكدة بالنفي.