أعراض التوحد : قد يبلغ الطفل الثالثة أو الرابعة من العمر قبل أن تظهر أعراض كافية تجعل الوالدين يطلبون المساعدة الطبية و التشخيص، فليس هناك نموذج واضح من الأعراض والعلامات خاص بالتوحد ( autistic disorders ) أو اضطرابات التطور العامة غير المحددة ( pdd-nos ) ، ومن المهم الإدراك أن هناك مجال واسع في تنوع العلامات المرضية ، فكل البنود السلوكية المذكورة في هذا القسم ممكن أن توجد في الطفل ، ولكن من النادر أن نجد جميع هذه الأعراض في طفل واحد في نفس الوقت . و بشكل أكثر وضوحاً فإن الأطفال التوحديين ليس لديهم نفس الدرجة و الشدة من الاضطرابات، فالتوحد قد يكون بعلامات بسيطة، و قد يكون شديدًا باضطراب في كل مجالات التطور العامة، و عليه نستطيع القول أن أنواع التوحد هي درجات متواصلة لاضطرابات التطور. عادة ما تظهر الأعراض المرضية بعد إكمال الطفل السنة الثانية من العمر و بشكل تدريجي متسارع، و يقل بدء حدوثه بعد الخامسة من العمر، و لكن بعض العائلات لاحظت وجود تغيرات سلوكية لدى أطفالهم في عمر مبكر بعد الولادة. و قد تم رصد حوالي خمسة نماذج للتوحد، للنموذج التقليدي الشائع منهم الأعراض التالية: 1- انشغال الطفل لساعات متتالية باهتمامات ونشاطات لا يمل تكرارها (الطفل الاجترارى)، يسلك خلالها بطريقة روتينية وكأنه يمارس طقوساً هامة لا يحيد عنها، كأن يجلس على أرضية الغرفة (وربما وجهه نحو الحائط) ويقلب بيديه إحدى أدوات اللعب المألوفة له أو الجديدة عليه، و قد يردد أثناء ذلك كلمة أو عبارة قصيرة بعينها مرات لا نهائية العدد لدرجة تصيب المستمعين بالضجر الشديد فإذا نهروه فإنه قد يردد نفس كلماتهم وكأنها تحدث صدى حين ترتطم به، وإذا حاولوا إغراءه بالطعام فغالباً لا يستجيب، وإذا اشتدوا معه فقد يتوقف عن هذا العمل "الإجترارى" وتنتابه نوبة هياج عصبي و حركي يمارس خلالها أعمالاً عدوانية على الذات أو على المخالطين له. 2- بناء على ما سبق فإنه لا يوفر وقتاً للاختلاط بغيره من البشر صغاراً أو كباراً، لذلك فإن خبراته الاجتماعية ضعيفة للغاية، فلا يخرج عن تمركزه حول ذاته، ولا يتعاطف مع غيره، ومن هنا جاءت تسميته "بالطفل الذاتوى"، و"التوحدى" لتوحده مع نفسه دون التوحد النفسي مع نموذج بشرى كالأب أو كالأخ الأكبر بعكس ما يفعله الأطفال العاديون. 3- و بناء على ما سبق أيضاً فإنه لا يمارس اللغة كوسيلة اتصال فعالة إرسالاً و استقبالاً مع الغير (خاصة الأم) إلا نادرًا، و النتيجة قصور فى التعرف على مفردات اللغة و تركيبها و قواعدها و نقص شديد فى الحصيلة اللغوية، فيسمعه المخالطون يتفوه بكلمات مشوهة و بعبارات قصيرة مختلة فى ترتيب كلماتها، و خالية من الضمائر .. كان يقول: "الكرسي فوق الكتاب" أو "أحمد عايز يشرب" (أحمد هذا اسمه). و قد دلت الدراسات على أن حوالي 50% من صغار المصابين بالتوحد ينقصهم الاستخدام الفعال الصحيح للغة مع تأخر فى السيطرة على جوانبها المختلفة مقارنة بنظرائهم فى السن، ويتحسن الموقف قليلاً إذا تم إلحاقه برياض الأطفال و إن كان يظل على طريقته فى الترديد الممل لبعض كلماته أو لما يسمعه ممن حوله دون وعى أو فهم لما يقول. 4- نادراً جداً ما يجيب عل الأسئلة التي توجه إليه أو ينظر إلى وجه من يكلمه، لذلك يظن كثير من الناس أنه مصاب بالصمم أو بضعف شديد فى السمع، فى حين يظن آخرون أنه مصاب بانفصام يشبه انفصام الشخصية الذي يصيب بعض المراهقين، وبالتالى اعتبروا ذلك الاضطراب إما حسياً أو عقلياً أو كليهما معاً. ويخفف بعض الآباء من تشخيص حالة التوحد ويصفونها بأنها لا تزيد عن حالة عدم اهتمام "carelessness" أو على أسوأ الاحتمالات فى حالة قريبة من الذهول شبه الدائم باعتبارهم يركزون على شىء واحد طوال الوقت ولا يدرون بما يجرى حولهم. 5- يكره الطفل التوحدى و يقاوم بشدة أى محاولة لإحداث تغيير فى وضع جسمه، أو فى أوضاع أدوات اللعب، أو فى سير الأحداث التي يكررها، مثال ذلك قد يجرى ذلك الطفل فى الحجرة و هو فى حالة اللاوعى فى مسار محدد لا يغيره و لا يسمح لأحد بأن يضغط عليه ليغيره، ويظل هكذا ما يقرب من الساعة كاملة غير ملتفت لمن يدخل أو يخرج أو يناديه أو يأمره بالتوقف عن هذا العمل التكراري الممل. 6 – قد يتقلب ذلك الطفل على فترات زمنية متباعدة ما بين الضحك والبكاء دون سبب واضح للغير (عرض عصابى)، كما أنه قد يتقلب بين حركات تكرارية، خمول زائد وهياج شديد. - قد تشترك اضطرابات نفسية أخرى مع التوحد فى بعض الأعراض مثلما يحدث فى اضطراب "آسبرجر/asperger"، لكن يكون ذكاء الطفل هنا طبيعياً، بل ربما أعلى من المتوسط، وليس لديه تأخر لغوى أو معرفي، بل قد يكون متفوقاً فى إحدى القدرات كالحفظ مثلاً لكن لاحظ بعض الباحثين أن ذلك الطفل غالباً يتذكر المعلومات بحرفيتها دون فهم (حفظ أصم) دون انتقاء لما يحفظ، أما الطفل الطبيعي يختار المعلومات ذات الأهمية (الأناشيد مثلاً) ليحفظها ويسأل عن معاني لماها، وإن نسى بعضاً منها عند التسميع فإنه يذكرها بمعناها وليس بنصها بما يدل على اهتمامه بفهم ما يحفظ على قدر ما تسمح به إمكاناته العقلية. و يمكن تلخيص أهم الاعراض في : - أداء حركات مكررة و نمطية بالأيدي أو الأصابع أو الأشياء، مثل اللعب بنفس اللعبة بشكل مكرر ونمطي ليس فيه تجديد أو تخيل. - الصعوبة والتكرار في الكلام. - الاضطراب عند تغيير روتين معين مثل الانتقال من مكان لآخر. - الاستجابة غير الملائمة للاستثارات الحسية العادية، مثل الحساسية المفرطة للصوت. - الكلام في الحديث مكرر و متكلف, تكرار كلمات معيّنة (فقدان الحوار مع الناس). - الصوت يكون غير معبراً (كالصّراخ) أو لا يعكس أياً من الحالات الوجدانية أو العاطفية – عدم وجود رُدود فعل لما يجري حوله. - تصرفات متكررة: الهزهزه, عدم التمركز خلال الجلوس على كرسي (عند الأطفال), حَملقة دائِمَة بدون سبب. - الصمت التام. - الصراخ الدائم المستمر بدون مسببات. - الضحك من غير سبب. - الخمول التام ، أو الحركة المستمرة بدون هدف. - عدم التركيز بالنضر ( بالعين ) لما حوله. - صعوبة فهم الإشارة ، ومشاكل في فهم الأشياء المرئية. - تأخر الحواس ( اللمس ، الشم ، التذوق ) - عدم الإحساس بالحر والبرد - المثابرة على اللعب وحده ، وعدم الرغبة في اللعب مع أقرانه. - الرتابة . - عدم اللعب الإبتكاري ، فاللعب يعتمد على التكرار والرتابة والنمطية. - مقاومة التغيير ، فعند محاولة تغيير اللعب النمطي أو توجيهه فإنه يثور بشدة - تجاهل الآخرين حتى يضنون أنه مصاب بالصمم ، فقد ينكسر كأس بالقرب منه فلا يعيره أي انتباه. - الخوف من بعض الأشياء ( كالخوف من صوت طائرة أو نباح كلب ) وعدم الخوف من أشياء أخرى قد تكون خطرة عليه ( كالجري في الشارع مع مرور السيارات وأبواقها العالية . - الانعزال الاجتماعي ، فهناك رفض للتفاعل والتعامل مع أسرته والمجتمع ، عدم اللعب مع أقرانه ، عدم طلب المساعدة من الآخرين ، عدم التجاوب مع الإشارة أو الصوت. - مشاكل عاطفية ، ومشاكل في التعامل مع الآخرين. و عادة ما تكون الأعراض واضحة في الجوانب التالية: التواصل: يكون تطور اللغة بطيئاً، وقد لا تتطور بتاتاً، يتم استخدام الكلمات بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين، حيث ترتبط الكلمات بمعانٍ غير معتادة لهذه الكلمات، يكون التواصل عن طريق الإشارات بدلاً من الكلمات، يكون الانتباه و التركيز لمدة قصيرة. التفاعل الاجتماعي: يقضي وقتاً أقل مع الآخرين، يبدي اهتماماً أقل بتكوين صداقات مع الآخرين، تكون استجابته أقل للإشارات الاجتماعية مثل الابتسامة أو النظر للعيون. المشكلات الحسية: استجابة غير معتادة للأحاسيس الجسدية، مثل أن يكون حساساً أكثر من المعتاد للمس، أو أن يكون أقل حساسية من المعتاد للألم، أو النظر، أو السمع، أو الشم. اللعب: هناك نقص في اللعب التلقائي أو الابتكاري، كما أنه لا يقلد حركات الآخرين، ولا يحاول أن يبدأ في عمل ألعاب خيالية أو مبتكرة. السلوك: قد يكون نشطًا أو حركًا أكثر من المعتاد، أو تكون حركته أقل من المعتاد، مع وجود نوبات من السلوك غير السوي (كأن يضرب رأسه بالحائط، أو يعضّ) دون سبب واضح. قد يصرّ على الاحتفاظ بشيء ما، أو التفكير في فكرة بعينها، أو الارتباط بشخص واحد بعينه. هناك نقص واضح في تقدير الأمور المعتادة، و قد يظهر سلوكاً عنيفًا أو عدوانيًا، أو مؤذيًا للذات. و قد تختلف هذه الأعراض من شخص لآخر، وبدرجات متفاوتة.