محمد دياب إبراهيم المصري، الشهير ب "محمد الضيف"، قائد كتائب القسام الذي يدير المعركة مع إسرائيل من خلف الستار، وهو كلمة السر في المفاوضات الحالية بين تل أبيب وغزة، والذي أكد المحللون الأمنيون في إسرائيل أن تل أبيب لا تنتظر بعد موافقتها على غالبية تفاصيل الاتفاق إنهاء الحرب مع الوفد الفلسطيني الذي تواجد في القاهرة، إلا رد محمد الضيف قائد كتائب القسام، الذي ربما يكون اسمه غير معروف للكثير، لكنه شخصية فلسطينية، أطلقت عليه الاستخبارات الإسرائيلية لقب "رأس الأفعى"، فما إن يذكر اسمه على مسامع الفلسطينيين حتى يستدعوا كل معانى الحيطة والحذر والذكاء والدهاء، حيث لم تتمكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من تحديد مكان إقامته حتى الآن، فهذا الرجل يقود إطلاق الصواريخ على إسرائيل. والضيف الرجل مبتور الأطراف، وصاحب العين الواحدة، نتيجة للمحاولات الإسرائيلية لاغتياله، يتنقل بين خمسة أنفاق تحكّم في غزة، ولا يتيح الاقتراب منه بهواتف أو حواسيب نقالة، ويدير المعركة ضدّ إسرائيل بواسطة بطاقات، نجا من العديد من محاولات الاغتيال التي نفذها 5 من قادة الشاباك رغم حصولهم على موافقة رسمية باغتياله. ما لا يعرفه الكثيرون عن الضيف، والذي يشغل منصب القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أنه العقل المدبر لكل الأحداث الحالية، وكلمة السر في المفاوضات الجارية مع إسرائيل تحت رعاية مصرية، حيث كان الضيف هو الذي يحرك مندوبي حماس في المفاوضات في القاهرة، وطالبهم بعدم الموافقة على أي خطوة لا تساهم في رفع الحصار، وخاصة تلك المتعلقة بنقل البضائع المطلوبة لعمليات (كتائب القسام ذراع حماس العسكرية)، مثل استيراد الإسمنت لبدء ترميم الأنفاق التفجيرية التي دمرها قصف السلاح الجوي الإسرائيلي. والحقيقة أن أجهزة الاستخبارات الصهيونية لم تطلق لقب "رأس الأفعى" على الضيف من فراغ، فقد تمكنت أجهزة الأمن الإسرائيلية، منذ بداية تشكيل الجهاز العسكري لحماس نهاية الثمانينيات من القرن الماضي من تصفية واعتقال غالبية رجال حماس العسكريين، وظل "الضيف" في قائمة المطلوبين. نشأته وُلِد الضيف عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة أجبرت بفعل إرهاب العصابات الصهيونية على مغادرة بلدتها (القبيبة) داخل فلسطينالمحتلة عام 1948 ، لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة. ونشأ الضيف في أسرة فقيرة للغاية، حيث شهد النور في منزل متواضع، سقفه من القرميد في مخيم خان يونس للاجئين، وعانى منذ صغره من الفقر المدقع الذي اضطره للعمل في عدة مهن لمساعدة أسرته، إضافة إلى العمل مع والده في محل "الغزل والتنجيد" الذي كان يعمل به. وقد برز دور الضيف كقيادي بارز للكتائب القسامية بعد استشهاد القائد الشهيد عماد عقل عام 1993، وكان له دوره في قيادة قطاع واسع من جناح حماس العسكري جنبًا إلى جنب مع مؤسس أول جناح عسكري لحماس في الأراضي الفلسطينية. وتشير المصادر الإسرائيلية إليه باعتباره المسئول المباشر عن تنفيذ وتخطيط سلسلة عمليات نفذها الجناح العسكري لحماس أدت إلى مقتل وجرح مئات الإسرائيليين، إلا أن أخطر التهم الموجهة إليه هي إشرافه وتخطيطه لسلسلة عمليات الانتقام لاغتيال إسرائيل ليحيى عياش التي أدت لمقتل نحو 50 إسرائيليّا بداية عام 1996 (ونفذها الأسير حسن سلامة)، وتخطيطه كذلك لأسر وقتل الجنود الإسرائيليين الثلاثة أواسط التسعينيات (ناخشون فاكسمان، شاهر سيماني، وآريه أنتكال) . محمد ضيف.. كلمة السر وبما أن الضيف هو الذي يقوم في هذه الأيام بإدارة التفكير الاستراتيجي لحماس بشأن أداء الأنفاق التفجيرية وإحراز إنجاز أمام إسرائيل بأى ثمن: سواء من خطف الجنود أو السكان للتفاوض المستقبلي على مصير الأسرى الفلسطينيين، مستعينًا بدروس حرب لبنان الثانية أمام حزب الله. واعتمد الضيف على المساعدات الإيرانية في بناء تحصينات ومحطات إطلاق صواريخ في شوارع غزة، للتصدي لأي اجتياح بري إسرائيلي أيًّا كان، ووزع منظومة الصواريخ على المقاومة، وفي المستشفيات، وقريبًا من مدارس الأممالمتحدة، ومن تحت الأرض ومراكز السكن الكثيفة، وذلك كي يستطيع التنظيم إطلاق الصواريخ لمدة طويلة. ويتمسك الكثير من الجهات الاستخبارية بالاعتقاد أن الضيف ليس القائد العام، لكنه قائد فكري أكثر، يتعامل مع الأمور السرية والاستراتيجية، مثل الخطف ونجاعة القدرات الهجومية للأنفاق. محاولات الاغتيال: في 26 سبتمبر 2002 رصد عميل للشاباك محمد الضيف يستقل سيارة في شارع الجلاء فأطلقت طائرة "أباتشي" صاروخين على السيارة فقتل اثنان من حراسه وأصيب ثلاثون من المارة لكن الضيف نجا رغم إصابته بحروق قاسية بنسبة 80٪، وفقد عينه وأصابت رأسه شظايا ما زالت تسبب له أوجاعا حتى اليوم. وفى السادس من سبتمبر من العام 2003، حاول جيش الاحتلال اغتيال الضيف عندما قصف منزلا كانت تجتمع فيه قيادات من حماس لكنه نجا مع جميع قادة حماس. وفي 12 يوليو 2006 علم الشاباك أن الضيف سيزور منزل عائلة أبو سلمية، وبعد وصوله قصف المنزل وأصيب بجراح متوسطة، لكنه اضطر للتوقف لعامين عن العمل وذهب إلى مصر للعلاج، وعين الراحل الجعبري خلفًا له. وتوقع الشاباك ( جهاز الأمن العام في إسرائيل)، موت الضيف خلال شهور قليلة إلا أن قوات الاحتلال اكتشفت تطويره للقدرات القتالية لكتائب القسام، من خلال أعداد الأنفاق التي تم من خلالها تنفيذ عمليات ضد الجنود الإسرائيليين في الحرب الأخيرة .